الشيخ أشرف محسن يكتب: المواقف تصنع الرجال
كثير منا يتمنى ويفكر ويهيئ نفسه لأمور عظام، ثم لا يعلم إن كان يستطيع تحقيقها أم لا، ويدور بذهن الإنسان عندما يسمع حدثا ما أو رأى حدثا ما، لو أنه مكان الشخص الذي فعل الأمر او قام به كان له تصرف آخر، وانا هنا أتكلم عن الجانب الخير فى الإنسان أو الجانب الإيجابى منه.
كم واحد فينا تمنى لو أنه أتيحت له الفرصة أن يبذل نفسه وماله رخيصا فى سبيل الله لفعل، وكم واحد منا تمنى لو أن الله وسع عليه فى رزقه لفعل وفعل، زمن أفعال الخير والبر والإحسان، وكثير يظن فى نفسه لو أنه عاين الموت وهو يدافع عن قضية دينية أو وطنية سيثبت، ولو أنه وقع فى مرض سيصبر ويحمد الله ويصبر على قضائه.
وهذه الأمور كلها أمانى خير، والمسلم مأمور بها على أى حال ( من مات ولم يجاهد ولم يحدث نفسه بالجهاد، مات على شعبة نفاق) معنى هذا أن تمنى الخير مأمور به، ومحمود لصاحبه، وله فيه أجر، ( من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة)، فأنا أحدث نفسي بالنفقة فى سبيل الله وفى الجهاد وفى الصبر على البلاء….الخ، ذلك لأن لى فى كل أمنية أجر.
كذلك من الناس من يظن فى نفسه الضعف الجبن عن تحقيق بعض تلك الأمانى لو أصابته، فيتهم نفسه بأنه لو مرض سيجزع، ولو وسع له فى رزقه يبخل، ولو عاين الموت سيجبن …الخ من الأمور التي يخاف المرء فيها على نفسه ألا يصبر عليها.
ومع هذا فكثير من هذه الأمانى عند وقوع الشرط يتباين فيها فعل الناس، فربما وقع بعضهم فى نفس الاختبار فقويت نفس من ظن فى نفسه الضعف، وخارت نفس من ظن فى نفسه القوة، فتجد بعض من تمنى لقاء العدو أنه عند ملاقاته ولى دبره، وجزع، ( فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم) وبعض من خاف على نفسه عدم الوفاء أشد بلاء وقوة فى ملاقاة العدو، وتفاجئه نفسه بأنها لم تجزع ولم تجبن ولم تهاب الموت وربما ضرب من نفسه المثل القدوة، ويكون مثله كمثل ( رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)
إذا فالنفوس تختلف والوفاء يختلف، ومثل هؤلاء مثل من عاش حياته على شئ ثم هو يموت على شئ آخر.
ومرد الأمر فى هذا لله رب العالمين، والثقة فيما عنده، وتوطين النفس على القوة والوفاء، والقراءة فى سير السابقين وكيف كانوا صادقين مع أنفسهم ومع الله.