تتعدد صور الرزق تعددا كبيرًا، فهو لا يقتصر على المال، إنما يشمل الصحة والولد وراحة البال والعلم والزوجة وحب الناس …الخ من أنواع الرزق المختلفة، ولكن لقصور فهم أغلب الناس عن معنى الرزق يحصرونه فى المال المملوك، حتى أن أغلب الناس يرى أن المال المملوك رزق، والحق أن رزقك فى كل شئ ما انتفعت به لا ما ملكته، فرزقك من العلم ما انتفعت به ورزقك من المال ما انتفعت به.
وقد أولى الإسلام عناية خاصة بالمال وما يتعلق به، سواء فى كسبه، أو فى إنفاقه على ما ينفع المرء، وحظ الفقراء فى المال، سواء كان صدقة أو زكاة واجبة.
وجعل الله تعالى للإنسان ملكا وتصرفا، وجعله مستخلفا فيما تحت يده قال تعالى (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) فجعلك مستخلفا فى المال، لا صاحبا له، لك حق التصرف، وقال أيضا (وأنفقوا من مال الله الذى آتاكم) وهنا نزع حق الملك منهم مطلقا، فطالما أنك لست المالك فليس لك مطلق الحق فى التصرف، وهذا يكون على جهة المسبب سبحانه وتعالى، إذ كل ما فى السماوات والأرض مملوك لله.
ومرة رد الملك إليه، وذلك أنه سبحانه وتعالى نسب المال إليهم، فهم أصحابه وأهل الحق فى التصرف فيه، وأمرهم على سبيل الإرشاد بالإنفاق، قال تعالى (الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله) وهذا المعنى مبثوث بكثرة فى القرآن الكريم.
وهنا رد المال إليهم بمعنى الكسب والعمل والسعى، وجعله ملكا لهم، لهم حق التصرف فيه بكافة أنواع التصرف، طالما أنت مالك له، وعلى كل حال جعل الإسلام حساب الناس فى المال من أين وفيم، هل كان الكسب من حلال؟ وهل كان الإنفاق فى حلال؟ وهما سؤالان لن تزولا قدما عبد حتى يسئل عنهما، وأكد على أن يتملك المال لا أن يملكك المال، فحن مأمورون بالسعى فى الأرض وابتغاء الرزق، وجعل المال قوة فى يد صاحبه، وأمره بامتلاكها، وأمرنا بالاستعانة من الفقر، ولم يجعل لمجرد الفقر فضلا، إنما الفضل عن الصبر على الفقر، وجعل اليد العليا خير من اليد السفلى، ونهى عن سؤال الناس أعطوه أو منعوه، ذلك كله لأجل أن يكون المال فى اليد لا فى القلب، ولا يقاس الإنسان فى الإسلام بمقدار ما يملك، إنما يتفاضلون فى الإسلام بالتقوى.
فلا يتفاخر إنسان على إنسان بالمال لأنه ليس محل التفاضل والتفاخر،وإنما يكون الفضل بالتقوى والعمل الصالح.