محمود أمين العالم يكتب: ماذا فعلنا بألحان الشيخ إمام؟

نشرت مجلة القاهرة الثقافية عام 1995، مقالًا للكاتب محمود أمين العالم، بعنوان: ماذا فعلنا بألحان الشيخ إمام؟ ويعيد موقع “مباشر 24″ نشره بمناسبة ذكرى رحيل الشيخ إمام عيسى، والتي جاءت كالتالي:

حين فجأة برز اسمه في الأسابيع الماضية أكثر من صديق قال لي: هل استمعت إلى الشيخ إمام أنه شيء باهره شيء معجزة هل استمعت إلى أغنيته عن مثقفي مقهي ريش هل استمعت إلى رثاثة الحزين لجيفارا؟
وفي أكثر من تعليق قرأت عنه كلمات أغلبها يقبض تقديرا بالغا له.

وبعضها يسمى إلى التخفيف من غلواء هذا التقدير لهذا رحت أتحين الفرصة متشوقا للقائه والأستماع إليه ومنذ يومين التقيت به وبإلحانه وبكلمات شاعره أحمد فؤاد نجم الذي كاتب كل أغانيه.

لم يدم هذا اللقاء طويلا لم أستمع منه إلا لبضع أغنيات ولكن أشهد في غير مغالاة.. أنني وجدت في اللحن والاناه ظاهرة: فنية أصيلة حقا نابغة حقا جديرة بأن تتبوأ مكانها اللائق بها في أرقى محافلنا وأنشطتنا الموسيقية والغنائية الأغنية التعبيرية الدرامية النابضة بالمعاناة الزاخرة بالحيوية التي لا تتسكع بك حول التكرار الزخرفي للنغم أو تذوقف بك عند الزوائد الطفيلية التي تكمل المقاطع لضرورة شكلية.

بل تعبر عنك وتتطور بك وتمضي معك إلى غاية واضحة تنبع من كل خبرة حياتك وتعود بك إلى حياتك نفسها تعمقها وتوقظها وتوقظ فيها كوامن الأصالة والصدق الإنساني استمعت منه إلى أغنية تكاد تكون على حد تعبير الصديق الزميل الأستاذ” أحمد بهاء الدين” أول أغنية فلسفية في تراثنا الغنائي تغوص بك في تأملات عميقة ثم تحلق بك معها في سنوات الحيرة والتساؤل اللحن يعبر عن المعنى والمعنى يرقى باللحن ويتألق..

واستمعت منه إلى أغنية وطنية لا تستثيربالزعيق ولا تحركك بالإيقاع الحاد وإنما تطوف بك ما أحداث بسيطة طيبة هي جزء منك ومن تاريخك ثم تفجر فيك معانيها تفجيرا حيا يذكرك بما ينبغي عليك ان تفعله فيرتعش كيانك كله بالوضوح والجرأه والرغبة العارمة..

في التضحية واستمعت منه إلى أغنية حزينة فيها حزن الإنسان القادر الذي يتطلع إلى مزيد من القدرة ليصنع بحزنه شيئا جليلا.. هذا فنان كبير حقًا موهبة نادرة.

أخشى أن يبقى بيننا هكذا حديثا بين أصدقاء تعليقات في صحف لقاء في دعوات خاصة تستمع إليه حلقات صغيرة من الناس ثم يأتي يوم يسألنا فيه مجتمعنا بضمير الواجب ماذا فعلتم بألحان الشيخ إمام.
لماذا لم تسجلوا أغانيه ؟
لماذا لم توزع وتقدم للناس جميعا؟
أخشى أن يأتي يوم تقول فيه كان بيننا سيد درويش جديد ولكننا لم نحسن استقباله ولم نحسن الاحتفال به.
أتمنى أن نسارع فرقة الموسيقى العربية إلى الإهتمام بالشيخ إمام أتمنى أن تسارع الإذاعة والتلفزيون إلى العناية به.. نحن لا نطلب صدقة لفنان ضرير وإنما نطالب بحق المجتمع كله في فنه الذي يبدعه هذا الفنان العظيم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى