أحمد فرحات يكتب :أدب المرأة

 

بعيدا عن إثبات النقاد، أوإنكارهم لوجود الأدب النسوي؛ فإن النسوية أو الأدب النسوي، أو أدب المرأة .. قديم قدم الأدب العربي نفسه، وهاكم كتاب ابن طيفور (ت 280هـ) المسمى بلاغات النساء، وطرائف كلامهن،وملح نوادرهن، وأخبار ذوات الرأي منهن، وأشعارهن في الجاهلية والإسلام، بادئا ببلاغة عائشة، وحفصة وزينب وأروى.. وغيرهن. .وكتاب نزهة الجلساء في أشعار النساء، لجلال الدين السيوطي..وغيرها من الكتب.

والحق أن طبيعة المرأة وعاطفتها تختلف عن الرجل، فلها أدب، وللرجل أدب، والقرآن الكريم يفرق بين الرجل والمرأة في العاطفة والجنس والنوع فيقول:”فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى” (36)آل عمران.
وإذا كان للمرأة أدب مختلف عن الرجل في القديم، فإن لها أدبا مميزا في الحديث أيضا. فقديما تحكي كتب النساء عن جارية اسمها غادر، كانت جارية لموسى الهادي،أخو هارون الرشيد، وكان يحبها حبا شديدا ، وكانت تحسن الغناء ، وعلى قدر وافر من الجمال، تزوجها وزاد حبه لها، لكنه خشي إذا مات تزوجها هارون، فاستدعاه وعاهده ألا يتزوجها، وعاهد غادر أيضا؛ فأقسمت ألا تتزوج غيره. ولما مات خالف العهد وتزوجها هارون، وذات ليلة استيقظت صارخة صرخة سمعها من في القصر جميعا، ففزعوا.. فقالت إني رأيت في منامي موسى الهادي متوعدا:

أخلفتِ عهديَ بعد ما جاورتُ سكانَ المقابر
ونكحتِ غادرةً أخي صدق الذي سمّاك غادر
لا يهنكِ الإلفُ الجديـــد ولا تدر عنك الدوائر
ولحقتِ بي قبل الصباحِ وصرتِ حيث غدوت صائر
فقال لها الرشيد: أضغاث أحلام. فقالت: كلا والله يا أمير المؤمنين، فكأنما كتبت هذه الأبيات في قلبي. ثم ما زالت ترتعد وتضطرب حتى ماتت قبل الصباح.
وفي الحديث تطالعنا لينا عبد الله نجمة بفكرها الأنيق، متخذة من النثر الفني أداة لغوية لتصويرع دعوتها إلى التمسك بالقيم والمبادئ والأخلاق في مواجهة انحلال المجتمع وتفكك عراه، فتقول:
من ذاق الحرام، سيُحرَم لذة الحلال ،شاء أم أبى. كل العلاقات المحرّمة ستدمّر حياتك حتى لو لم تُكشَف، قد تُمنح منحة الستر- لخيرٍ فعلته في حياتك يومًا ما أو لحكمةٍ أرادها الله – لكنك ستُسلب متعة الحلال ولقمة الحلال والعيش الحلال ،وكفى به عذابًا!
وتطالعنا الروائية لمياء الخولي برواية تصور(الناشز) على غير المألوف، فالنشوز إنما يكون للمرأة، وبعد تدبر آيات القرآن الكريم تلاحظ أن النشوز صفة للرجل والمرأة معا، ولا فرق بين نشوز المرأة في عدم طاعتها لأوامر زوجها، وبين نشوز الرجل. وأن المقصود بالناشز في روايتها هو الرجل، وأن القرآن ذكر نشوز الرجل بتخليه عن مسؤولياته والإعراض عن زوجته في قوله تعالى: “وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ” 128 النساء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى