“دى لورينتس”.. حكاية الرجل الذي انتصر لنابولي

كتب: محمود مهنا

نجح كبير الجنوب نابولي في تحقيق لقب الدوري الثالث في تاريخه، الخميس الماضي، بعد تعادله مع أودينزي 1-1، وهو اللقب الأول لنابولي منذ 33 عام .

وبعد صافرة الحكم عمت الفرحة والبهجة جميع أنحاء المدينة في إحتفالات لم يسبق لإيطاليا أن شهدت مثلها في الماضي القريب، وليس هذا ببعيد عن المدينة التي قامت في السابق بالتوجة إلى موتى المدينة وتركت لهم لافتات كتب عليها “ليتكم تعلمون ما فاتكم مارادونا صنع كل شئ من لاشئ”.

ولكن رجل واحد حمل على عاتقة هذا الحلم المؤجل منذ سنوات بعيدة، هذا الرجل هو الرئيس دي لورينتس الذي قاوم وأجهض كل محاولات أندية الشمال لإبعاد نابولي.

ونستعرض لكم خلال هذا التقرير، كيف أعاد دي لورينتس نابولي بعد أن كان في الدرجة الثالثة في الماضي القريب؟، ومقاومته لأندية الشمال ومن ثم تحقيق الحلم الذي طال انتظاره.

البداية: مرحلة السقوط

بعد رحيل مارادونا ومن بعده الكثير من نجوم الفريق على غرار كاريكا وزولا بدأ نابولي رحلة التراجع بعد أعوام أسطورية عاشتها المدينة في كنف الأسطورة الفريدة دييجو أرماندوا مارادونا الذي جعلهم يتفوقون على أعدائهم، في الشمال، كانت نابولي في عهد دييجو محط أنظار العالم قاطبة بإعتباراها مدينة أعجوبة الدنيا السابعة.

ولكن بعد رحيل مارادونا عانى النادي كثيرًا وبدء يتراجع شيئا فشيئا حتى سقط في عام 1998 إلى الدرجة الثانية بعد أن قبع في المركز الـ18 برصيد 2 فوز فقط طوال الموسم.

وفي موسم 1999-2000 عاد نابولي سريعًا إلى الدوري الإيطالى بعد أن نجح في التواجد في المركز الثاني، لكنه سقط سريعًا إلى الدرجة الثانية من جديد في الموسم الموالي .

وفي عام 2004 وبالتحديد في شهر أغسطس، أعلن نادي نابولي إفلاسة بعد أن بلغت مجموع ديونة سبعين مليون يوروليسقط النادي العريق إلى الدرجة الثالثة.

لم يكن مستقبل نابولي واضحًا،  على الإطلاق وتم رفض ترخيصه باللعب في دوري الدرجة الثانية الإيطالي، مما أدى إلى انتقاله إلى الدرجة الثالثة في كرة القدم الإيطالية، كان من الممكن أن يقع النادي في أيادي مختلفة تمامًا حيث تم إنشاء أربع شركات على أمل شراء اسم فريق نابولي.

وقال دي لورينتس”اكتشفت أن نادي نابولي لكرة القدم في حالة إفلاس، وكان هناك مزاد، لذلك وضعت 37 مليون يورو على الطاولة واشتريت الاسم فقط،  لذلك بدأت مغامرتي وكان (أنصار المعارضة) يبصقون على رأسي في كل قرية كنا نذهب إليها (في الدرجة الثالثة.

على  الرغم من تراجع النادي إلى أدنى مركز له في الدوري في تاريخه الذي يعود إلى عشرينيات القرن الماضي، إلا أن بيليني يقول إن الدعم المتعصب حول النادي لم يقل أبدًا، “عندما نكون في دوري الدرجة الثالثة مع 60 ألف شخص في الملعب يمكنك مشاهدة ذلك على اليوتيوب،  والفريق المنافس فريق صغير جدًا ولا يمكنهم اللعب في ملعب سان باولو [ما هو الآن ملعب دييغو مارادونا] أمام 60 ألف متفرج، وهذا هو الشغف الكبير والعاطفة الكبيرة لشعب نابولي وحب كبير لهذا النادي “.

ولكن مثل طائر الفينيق، نهضت نابولي من تحت الرماد عندما كان النادي في أضعف حالاته من الناحية المالية، انقض عملاق الأفلام الإيطالي أوريليو دي لورينتيس لإنقاذ النادي بهدف إرساء الاستقرار والعودة إلى أمجاده السابقة.

 

وقد أوفى دي لورينتس  بوعوده، حيث أعاد نابولي إلى دوري الدرجة الأولى الإيطالي في غضون ثلاث سنوات وإلى المسابقات الأوروبية في العام الثاني في دوري الدرجة الأولى الإيطالي.

 

العودة لمزاحمة الكبار من جديد ومواصلة الحرب مع الشمال:

أيقن دي لورينتس أن لايمكنه الإستمرار في منافسات الدرجة الأولى والعودة لمقارعة الكبار على مراكز مؤهلة للمسابقات الأروبية بدون الدفع بالشباب وإمتلاك مواهب حقيقية، فقام بالعديد من التعاقدات الهامة مع عدد من المواهب الصغيرة على غرار إيزاكيل لافيتزي من سان لورينزو الأرجنتيني مقابل 5 مليون يورو ، ومارك هامشيك من بيسكارا مقابل 5 مليون يورو وراهن على موهبة نابولي لورينزو إينسيني وفابيو كوالياريلامن أودينيزي مقابل 18 مليون يورو ومن ثم الإطاحة بـ روبيرتو دونادوني وجلب والتر ماتزاري الذي قاد ثورة نابولي الجديدة لينجح نابولي بعد كل هذه التعاقدات من التواجد في المركز السادس موسم 2010.

وفي صيف 2010 واصل ددي لورينتس رغبته في ضم المواهب الشابة من أجل مواصلة زحفة للتواجد في المراكز دوري الأبطال، بالتعاقد مع الأوروجوياني كافاني بنظام الإعارة من باليرمو بـ 5 مليون يورو، ونجحت خطط الإيطالي عندما  قاد كافاني نابولي في التواجد في المركز الثالث بعد تسجيل 26 جول، ليشارك في الأبطال للمرة الأولى منذ أعوام طويلة.

ومن أجل مواصلة المنافسة تعاقد لورينتس مع بانديف من الأنتر و الموهبة التشيلية فارجاس و شراء كافاني نهائيًا من باليرمو بـ 12 مليون يورو، وفي 2012 عادت نابولي لـمنصات التتويج من بوابة كأس إيطاليا وقدمت عروض ممتاز في دوري الأبطال ولكن خرج النادي الإيطالي بعد ريمونتادا مذهلة من تشيلسي في ستامفورد بريدج.

الحرب مع يوفينتوس:

موسم 2013 رحل لافيتزي إلى باريس مقابل 30 مليون يورو، لتبدء قصة أخرى وهي قصة القصير المكير لورينزو إنسيني،  وبعد موسم خيالي من كافاني و هامسيك نافس نابولي اليوفي لكنه في النهاية تواجد خلف عملاق تورينو بـ 78 نقطة.

ومن أجل مواصلة الحرب مع يوفينتوس جاء دي لورينتس بـبطل دوري أبطال أوروبا رافا بنيتيز، وعدد من التعاقدات الهامة مثل هيجواين من ريال مدريد بـ 39 مليون يورو، وألبيول من مدريد وكذلك كايخون من الريال، والبلجيكي المرعب ديريس ميرتينس من أيندهوفن وجوهرة هيلاس فيرونا جورجينيو، ومقابل هذه التعاقدات رحلت جوهرة الجنوب كافاني إلى البياسجي مقابل 64 مليون يورو.

ونجحت خطط دي لورينتس بعدما قاد بينيتز نابولي إلى بطولة كأس إيطاليا ولكن منافسة اليوفي في هذا التوقيت كانت مستحيلة في الدوري بعدما حصد البيناكونيري 102 نقطة في موسم تاريخي محلي.

وقامت نابولي بضم عملاق جينك كاليدو كوليبالي مقابل 7 مليون يورو، وفي موسم 2015 خيب أبناء الجنوب الأمال في الدوري بعدما ختم البطولة في المركز الخامس، ولكنه توج بالسوبر أمام يوفينتوس ووصل إلى نصف نهائي اليورباليج، ونصف نهائي كأس إيطاليا.

وفي صيف 2015 جاء دي لورينتس بعراب إيطاليا ماوريسيو ساري في محاولة من دي لورينتس لوقف سيطرة يوفينتوس، وفي أول مواسمه قدم ساري عرض مذهل وكرة قدم ممتعة تسر الناظرين ولكنه في النهاية جاء خلف اليوفي بعدما سجل عدد مهول من الأهداف بلغ 80 هدف.

وفي الصيف قامت نابولي بجلب موهبتين لامعتين، زلينيسكي من أودينيزي و ميليك من أياكس، وفي المقابل حاولت إدارة يوفينتوس وقف زحف عملاق الجنوب ومحاولة تعطيله بالتعاقد مع الهداف التاريخي لموسم واحد في إيطاليا هيجواين نجم نابولي بعد دفع قيمة الشرط الجزائي البالغة 90 مليون يورو.

بالنسبة لنابولي في 2017 فقدمت عروض مخيفة وغزارة تهديفية لم يشهدها الكالتشيو من قبل حيث ختم نابولي الموسم بـ 94 جول في الدوري وهو رقم لم يحدث في العصر الحديث، لكن لسوء الحظ كان يوفينتوس يعيش موسم إستثنائي تأهل فيه لنهائي دوري أبطال أوروبا وأنهى نابولي الدوري في المركز الثالث بفارق 5 نقاط عن البطل اليوفي.

وفي 2018 قدم نابولي موسمًا خياليًا مع ساري كانوا فيه على أعتاب التتويج بالقب لكن خبرة اليوفينتوس والماكس أليجيري حسمت اللقب لليوفي بعد أن جمع نابولي 91 نقطة.

وفي الصيف رحل ساري عن نابولي وجاء دي لورينتس بكارلو أنشيلوتي ولكنه لم يقوى على مقارعة أليجيري، ورحل في 2020 بعد سوء نتائج الفريق، وجاء بعد ذلك جاتوزو الذي قاد الفريق للفوز على يوفينتوس في نهائي كأس إيطاليا وجلب الكأس الثالثة لدي لورينتس.

لكنه لم يقدم أي شئ يذكر مع الفريق ورحل مع نهاية موسم 2021.

التعاقد مع سباليتي والخروج من دور الظل إلى البطولة المطلقة:

جاء دي لورينتس بـ لوتشانو من أجل بناء الفريق من جديد، فقام بعمل تعاقدات هامة مثل أنجويسا من فولهام و بوليتانو من الأنتر وفي موسمة الأول أعاد نابولى إلى الصراع على اللقب ولكنه خسر البطولة بفارق 7 نقاط على الميلان.

وفي صيف 2022 قام دي لورينتس بتعاقدات هامة مثل ندومبلي وكيم و جيوفاني سيميوني و راسبادوري و الساحر الجورجي كفاراتسخيليا مع تطور مستويات لوزانو وأسيمين صار نابولي فريق لايقهر وقدم لوتشانو موسم تاريخي بضرب كل الخصوم منههم العدود اللدود يوفينتوس بخماسية في ليلة كانت للتاريخ.

في النهاية نجح فارس السينما الإيطالية في محاربة رأسمالية و عنصرية الشمال ونجح في التتويج بالدوري من أنيابهم بعد أن بنى نابولى من جديد.