“إيراداتها بلغت 800 جنبه”.. المسرحية التي أضحكت نجيب الريحاني
قال الكاتب الصحفي محمود العزب موسى: عرفت نجيب الريحاني لأول مرة معرفة مواجهة بالدار الماسونية، أو دار البنائيين الأحرار، عرف الأخ أخاه، وقامت صلة خفيفة في حدود لقاء، وهو على خشبة المسرح، أو في فترات متباعدة، وهو يزور دار إخواني اللبنائين الأحرار.
وأضاف عزب في مقال له نشره في مجلة الموعد ونشرته صفحة “نعيم المأمون على موقع التواصل، يسرد فيه تفاصيل معرفته بنجيب الريحاني وتفاصيل المسرحية التي أضحكت نجيب، لكن ثم بدأت صلة أخرى عندما كنت أحد الرواد، وكان نجيب الريحاني وفرقته يقومون متطوعين بالاشتراك في حفلة الرواد الثانوية التقليدية على مسرح دار الأوبرا المصرية.
حيث يلخص نجيب إحدى مسرحياته في فصل واحد، ويقدمها للجمهور، وقد اشترك فيه أعضاء الفرقة جميعًا.
بدأت الصلة عندما حرص الرواد على إقامه حفل التكريم لنجيب وفرقته، يكونون فيها ضيوف الشرف، والرواد هم جماعة الفن يرفهون عن الفنانين الذين أضنتهم حياة المسرح.
كان نجيب يعبث في وجهي، ويقول: اسمع كلامي بلاش أدب صحافة زيادة، تعالى اشتغل معايا في التياترو فلوس ثم وظيفة دائمة تجمع بين الأدب والصحافة والريادة، ستكون مؤلفا وممثلا وباحثا اجتماعيا، وكنا نأخذ هذا الكلام على أنه مزاح، وكان هو يتألم لأننا لا نشاركه صدقه فيما يزعم أنه كسب لحياة المسرح المصري والفن المصري
وسافرت إلى فرنسا ذات صيف، وقابلت نجيب مصادفة، وبدأ كلا منا يقرب من نفس أخيه في هذه الغربة اللطيفة.
وقد فهمت منه أنه قد قدم باريس منذ 10 أيام، وأنه يعتزم قضاء ثلاثة أشهر إذا لم يحدث ما لا تحمد عقباه، قضينا سهرة ممتعة مع أعضاء البعثات العلمية في الحي اللاتيني، وانتهت بزيارة الجامع حيث قارب الفجر للظهور، وانصرفنا،
وعند منتصف الليلة التالية أقبل نجيب وسألني: ما معكش فلوس؟
ـ أد إيه؟
ـ فلوس كثير.. يعني لما أطلب منك قرشين يكون معني هذا إنني أطلب قرشين لا لا يعني 20 جنية 30 ،كل واحد يا محمود وقيمته… قرشين بدراوى عاشور غير قرشين البواب
وفهمت إن الأستاذ الكبير كان يحمل معه حوالي 300 جنيه، ثم ضاعت في باريس بعد 10 أيام، وأنه في حاجة إلى قرشين للعودة إلى مصر
هنا بدرت فكرة
قلت: كثيرًا ما حدثتني في مسأله الاشتغال بالتياترو، وأنا اليوم على استعداد أن أؤلف، وأمثل إلى جانبك.
قال: هذا عظيم، ولكن القرشين أنا في حاجة إلى قرشين، قلت: صبرك نشترك في وضع رواية عن حياة عضو بعثة في باريس، ونعد جماعة من الطلاب للاشتراك فيها، وتمثل الجاليات العربية في باريس.. الدخل كله لك
قال: الفكرة جميلة، ولكن المسرح عايز قرشين، البروفات عايزة قرشين، التذاكر عايزة قرشين، الإعلانات عايزة قرشين، التوزيع عايز قرشين.
وهنا أكدت له أن التجربة قائمه في الذهن منذ رأيته وضعت له اسكتش عن المسرحية، وعددت بعض الطلاب، ووقع اختيارنا على إحدى الطالبات المصريات، وكانت تدرس الأدب الفرنسي لتكون بطلة الرواية، ثم قابلت وزير المعارف الفرنسية، وكنت على صلة وثيقة به، فقدم لنا مسرح “سارة برنار” بالمجان، وبدانا الدعوة لهذه الحفلة بين الجاليات العربية، ولا سيما الجزائرية والمراقشية والتونسية.
وأخذ نجيب المسرحية وقلبها رأسا على عقب، وبدأ يقرأها، فإذا به قد حشاها بخليط غريب من لهجات تكاد تكون رطانة بين عامية مجهولة وفرنسية شائعة.
وقال: الآن تنجح الرواية، وجاءت الليلة الموعودة فإذا المسرح يضيق على سعته بنظارة عرب، جلهم من الجزائر وتونس ومراكش، وقله من المصريين، وأجداد الجامعة العربية الحاضرة، وبدأ التمثيل، وخيل لي أن كل ممثل كان هو المؤلف والممثل المتفرج بتقديم ما يشاء من الصور اللفظية، ومن النطق والقفز، ونجيب يكاد يطير من الفرحة، ودخل نجيب أكثر من 800 جنيه.
وبادرته وهو يدس هذه الثروة في جيبه بقول: ما رأيك في اقتراحك القديم وهو أن يشتغل معك على المسرح، وضحك من أعماق قلبه ونفسه وشعوره: لا شك في أنك بعد هذه التجربة ستكون أعظم مؤلف وممثل، ولكن على شرط أن يكون جمهورك هو نفس هذا الجمهور، والجمهور في مصر شيء آخر يا صديقي، كفايه أخذنا القرشين، وكتب الله لي السلامة.