عدنان يوسف: لا صوت للصيرفة الإسلامية بعد رحيل مؤسسيها
يبدو أن الأجيال الجديدة لا تؤمن بما صنعه الرواد، وأن الولد لم يعد ليكون سر أبيه، بل أنه يزيل بحبر علني وليس سريًا كل ما كل يصنعه أبيه، تلك هي الحالة المهيمنة بالأدلة والبراهين على حال القطاع المصرفي البحريني حاليًا، خاصة بعد أن تعرضت أكثر من مؤسستين إلى الزوال بعد رحيل مؤسسيها، وبصفة أكثر خصوصية بعد أن توفاهما الله، وأصبحت كلتا المؤسستين المصرفيتين بشركاتها ومصارفها التابعة في مهب الرحيل.
في الوقت الراهن ومثلما يقول رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين عدنان يوسف، وهو أحد الرواد الذين اكتفوا بقص شريط الذهاب الهادئ إلى من هم وراء الستار، يؤكد بأن تعاطي الأجيال الجديدة مع الإعلام لم يعد مثلما كان، فقد كنا نؤمن بأن الإعلام والصحافة تحديدًا هي القادرة على نقل كل معارفنا ومنجزاتنا، بل وعلى التفهم لمشاكلنا والدفاع عن مصالحنا.
ومن جهته، قال يوسف بأن زوال بعض المؤسسات بزوال مؤسسيها مثل المصرفي المخضرم عبدالرحمن عبدالملك رحمة الله عليه والذي أسس مصرف أبوظبي الإسلامي والمصرف البريطاني الإسلامي في لندن وكذلك مؤسس مصرف دبي الإسلامي الحاج سعيد بن أحمد لوتاه، وبعد أن تم بيع بنك البحرين الإسلامي إلى بنك البحرين الوطني وبعد، وبعد، وبعد، نجد أنه لا صوت لهذه المصارف على الساحة الصحفية والإعلامية،
حيث تحولت هي والصحافة الاقتصادية وللأسف الشديد إلى صحافة بيانات، وإلى إعلام تسجيلات، لا مناقشة لقضية مهمة، ولا نقل ولا حوار مع شخصيات فاعلة حول قضايا الساعة المصرفية، ولا رعاية من أي نوع لأي منصة او أي صفحة اقتصادية أو مطبوعة متخصصة ترعى شئوننا المصرفية والمالية وتدافع عن فكرة الاقتصاد الإسلامي التي تعرضت خلال الآونة الأخيرة لهجمات ومماحكات غير مفهومة وللأسف الشديد أنها لا تجد من يدافع عنها أو يحفاظ عليها أو يصون منجزاتها.
عدنان يوسف ليس وحده هو الذي يدافع عن إعلام وصحافة الزمن المصرفي الجميل، بل أنه يذهب إلى الحديث عن عبدالله عمار السعودي ويتحدث عنه بفخر وهو المؤسس لأكبر مصرف عربي دولي “المؤسسة العربية المصرفية” الذي كان ملء السمع والبصر في الصحافة الأجنبية والعربية، بل أن مؤسسته العملاقة قد ساهمت في العديد من المشاريع الصحفية العربية ومن بينها مجلة الاقتصاد والأعمال اللبنانية، تمامًا مثلما كان النهج الذي مشى على طريقه مؤسس مجموعة البركة المصرفية رحمة الله عليه الشيخ صالح بن عبدالله كامل الذي كان يمتلك راديو وتليفزيون العرب إيه.آر.تي.
بالإضافة إلى تأسيسه مع “الصحفيون المتحدون” لمجموعة صحيفة العالم اليوم أول جريدة اقتصادية عربية يومية “بان آراب” ومجلة كل الناس الأسبوعية المعنية بالصحافة الاجتماعية والفنية، إلى جانب مجلة الاقتصاد والأعمال والصحف البحرينية والمصرية واللبنانية التي لم يبخل بدعمها طوال عمره رحمة الله عليه.
الليلة لا تشبه البارحة وللأسف الشديد، والأجيال الجديدة لا تمضي على خطا الأجيال الذاهبة، أو التي “أذهبوها” رغمًا عنهم، فهناك من المؤمنين بالفكرة مازالوا يتحدثون عنها ولا يستطيعون التعاطي معها.
المنابر الإعلامية والمنصات الصحفية مازالت بخيلة في مادتها ومحتواها عن التطرق لشأننا المصرفي الإسلامي، ومازالت المصارف نفسها تخشى المواجهة مع الصحافة لأنها غير متمرسة على التعامل مع الصحفيين ولا مع المتخصصين الذين نكاد نعثر عليهم بشق الأنفس في هذا الزمن غير الجميل.