الشيخ الجيوشي يرد للترمذي اعتباره

 

وقف الدكتور محمد إبراهيم الجيوشي عام 1971 ميلاديا العالم الأزهري والمدير المساعد للمركز الإسلامي في لندن يناقش رسالته عن الحكيم الترمذي، وكانت المناقشة ممتعة مثيرة، استغرقت أكثر من أربع ساعات، وانتهت بحصول الشيخ محمد إبراهيم الجيوشي على درجة الدكتوراة في التصوف الإسلامي مع نشر رسالته التي بلغت 460 صفحة باللغة الإنجليزية، بحسب ما جاء في موسوعة”من المواقف الخالدة لعلماء الأزهر” لمؤلفها الشيخ أحمد ربيع الأزهري.

واختيار الشيخ محمد إبراهيم الجيوشي للحكيم الترمذي كان نتيجة لموقف مع فضيلة الشيخ عبد الحليم محمود، ففضيلة الشيخ الجيوشي تخرج في كلية اللغة العربية عام 1954، ثم حصل على الشهادة العالمية من كلية أصول الدين في العام التالي، وفي نفس العام حصل أيضا على دبلوم معهد الدراسات العربية العالية شعبة الدراسات الأدبية واللغوية، وقد حصل على الشهادتين في عام واحد لأنه كان يدرس في الكليتين في وقت واحد، وقد عمل في بداية حياته العملية مدرسا بمدرسة الصف الثانوية، ثم عمل مديرا للشؤون الدينية بإذاعة القاهرة عام 1964، حيث تقرر سفره إلى لندن للعمل بالمركز الإسلامي

وكان الشيخ الجيوشي يعتزم إعداد دراسة عن النظام الاجتماعي في القرآن، أو الاجتهاد في الإسلام، ولكنه التقى قبل سفره بالدكتور عبد الحليم محمود وكيل الأزهر ودار بينهما حديث لفت نظره إلى مكانة “الترمذي” العلمية بين المفكرين الإسلاميين، وكيف أن هذا المفكر الإسلامي الذي واجه الكثير من المحن وتعرض لتحديد الإقامة 10 سنوات متتالية لا توجد عنه دراسة تجلو للناس آثاره وآرائه، بل إن كتبه كلها التي تبلغ 60 كتابا عبارة عن مخطوطات موزعة في مكتبات عواصم العالم شرقا وغربا.

ولم يكتف الدكتور عبد الحليم بالنصيحة بل أعطاه نسختين من الكتابين الوحيدين اللذين طبعا من كتب الترمذي وهما “الرياضة وأدب النفس”، و”الفرق بين الصدر والقلب والفؤاد واللب”، وكانت قراءة الشيخ الجيوشي لهذين الكتابين نقطة تحول بالنسبة لموضوع رسالته للدكتوراة إذ يعرف المسلمون قيمتها، كما أنه مفكر من الطراز الأول لا يليق بالعالم الإسلامي أن يجهل آثاره وآرائه.

هكذا كان شيوخنا ينصحون ويرشدون ويوجهون طلابهم ويفتحون آفاقا على رجالات الأمة وتراثها، فكان هذا من أهم معالم المنهج الأزهري في صناعة وتوجيه العقول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى