في حوار نادر له.. أمين بسيوني: إياك كمحاور أن تكون لحومًا أو مزعجًا

الأمانة طريق النجاح للمحاور الإذاعي

 الضيف البخيل يحتاج لمدفع رشاش ذخيرته الأسئلة السريعة القصيرة

 يجب ألا تكون الأسئلة المكتوبة قيدا حديديا تكبل المحاور

الارتجال المبنى على الجهل مرفوض في الحوار الإذاعي

رفع الكلفة بين المحاور والضيف عيب يجب تفاديه

فرق كبير في نسبة التغير والثبات بين مستمعى الإذاعة وقراء الصحف

 

هناك إعلاميون كثيرون ربما لا تعرف عنهم الأجيال الحالية شيئًا، على الرغم من علو رفعتهم ومكانتهم الكبيرة وتميزهم بين أبناء جيلهم، ومن بين هؤلاء الإعلامي الكبير الراحل أمين بسيوني الذي أمتعنا بحواراته المتميزة.

الكاتب عبد الله زلطة أجرى معه حوارًا مطولًا حول مسيرته الإعلامية، ومناقشته لبعض آرائه، رصدها في كتابه” حوارات مع مشاهير المحاوريين، ولعل مباشر 24 نشر الحوار مرة أخرى لأن شهر أبريل وبالتحديد يوم 26 كان يوم ذرى رحيل الإعلامي أمين بسيوني.

وجاءت مقدمة الحوار التي كتبها زلطة كالتالي: من يتتبع مسيرة الإعلام المصري خلال النصف الأول للعقد الأخير من القرن العشرين، يدرك على الفور مدى التقدم والتطور الهائل والمذهل في منظومة الإعلام المصري… حيث تحققت السيادة الإعلامية لأول مرة على جميع الأراضي المصرية، بفضل استراتيجية إعلامية واعية وتخطيط إعلامي جيد، أتاح للعقول الإعلامية من أبناء مصر الانطلاق بلا حدود أو قيود.

ولم يكن ممكنا أن تتحقق هذه القفزات الهائلة في مسيرة الإعلام المصري، لولا الرؤية الصائبة والحنكة والجرأة والشجاعة التي تتمتع بها القيادة الإعلامية ممثلة في قائد كتيبة الإعلام المصري

في مستهل حواري معه سألت الإعلامي الكبير أمين بسيوني:

ما هو تصنيفك ـ كخبير إعلامي ـ للحوارات الإذاعية؟

يمكننا أن نقسم الحوار إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

ـ حوار معلومات: ويهدف هذا النوع من الحوارات إلى الحصول على معلومات، وبالتالي يصبح الهدف الأساسي من أسئلة المحاور هو الحصول على المعلومة، وعلى سبيل المثال، لو أراد محاور إجراء حوار حول سباق النيل الدولي، يجب عليه أن يقابل المسؤولين عن هذا السباق، وتتركز أسئلة حواراته حول عدد الدول المشاركة وأعداد السباحين ومثابة السباق.

ولا يصح له أن يقول إن السباق ظريف أو غير ظريف، فهدفه الأساسي هو أن يزود المستمعين أو المشاهدين ببيانات ومعلومات صحيحة عن هذا الحدث، وما يقال عن هذا المثل يقال عن غيره، فإذا أراد أحد الإذاعيين إجراء “حوار معلومات” عن مؤتمر ما، فما عليه إلا أن يركز أسئلته على أبحاث المؤتمر والدول المشتركة فيه والموضوعات التي سيناقشها… إلخ.

ففي مثل هذا النوع من الحوارات، لابد أن يكون المحاور على علم بطبيعة الموضوع، وأن يبحث عن كل سؤال يؤدي إلى معلومة، وألا يدخل في حواديت لا علاقة لها بالمعلومات، كأن يصل المسؤول عن سباق النيل: “يا ترى الميه باردة؟” مثل هذا النوع من الأسئلة إلى مجال له في حوار المعلومات

 ألا يحق للمحاور في مثل هذا النوع من الحوارات أن يسأل أسئلة فرعية تثير اهتمام المستمع أو المشاهد؟

يحق له ذلك، بشرط أن يكون قد استوفي أسئلته الأساسية التي أعدها للحصول من ضيفه على المعلومات المهمة، ثم تأتي بعد ذلك الأسئلة الفرعية التي تعد الإجابات عليها في الدرجة الثانية من اهتمام المتلقي.

ما هي الأنواع الأخرى من الحوارات؟

هناك حوار الرأي، كأن تحاور بعض المتخصصين في المسرح للتعرف على آرائهم بشأن لغة المسرح، هل تكون بالفصحى أم بالعامية؟ سوف تجد فريقا يؤيد الفصحى وآخر يؤيد العامية، وفريقا ثالثا يحبذ الجمع بين الفصحى والعامية، هذه وجهات نظر ثلاث، إذن عندما يتصدى محاول لإجراء حوارات حول مثل هذا الموضوع، لابد أن يسأل الأسئلة التي تؤدي إلى معرفة وجهات النظر المختلفة، دون إهمال وجهة نظر واحدة.

وألا يكون الموضوع ناقصا، ويكون المحاور في هذه الحاله غير محايد، ويمكن أن يتم يتهم بأنه يحاول فرض وجهة نظر معينة على المستمعين أو المشاهدين، وما ينطبق على هذا المثل ينطبق على حوارات الرأي في جميع المجالات، ولذا لابد أن يكون واضحا للمتلقي أنك كمحاور تسعى للحصول على رأي محدث في الموضوع المطروح

ـ النوع الثالث من الحوارات هو حوار الشخصية، وهو حوار يهدف إلى رسم “بورتريه” لشخصية ما، وفي هذا الحوار تدور أسئلة المحاور لضيفه حول كل ما يتعلق بشخصيته، كالألوان التي يحبها، وكيف يفكر؟.. قراءاته… هواياته، ومختلف الجوانب التي توضح أبعاد هذه الشخصيه، هنا يجب على المحاور أن يركز على المعلومات التي قد تكون طريفة أو مفيدة للتعرف على طبيعة الشخصية

وانتقل الحوار مع الإعلامي الكبير أمين بسيوني إلى فن إعداد الأسئلة… وسألته:

 بماذا تنصح المحاورين الشبان في الإذاعات والتلفزيونات المصرية والعربية لإعداد وتوجيه أسئلة الحوار؟

قال إعداد أسئلة الحوار يرتبط بأمر مهم، وهو ضرورة أن يقرأ المحاور جيدا عن الموضوع الذي سيدور حوله الحوار وإلا فإنه لن يتمكن من إعداد أسئلته حول هذا الموضوع الإعداد المناسب، وسيكتشف الناس أن هذا المحوار ساذج، ليست لديه فكرة عن موضوع الحوار، أما إذا كان المحوار قارئا ومستعدا الاستعداد اللازم، فإن أسألته ستكون ناجحة، وهنا أنصح مقدم البرنامج الحواري بأن يقرأ جيدا عن موضوع الحوار.

وأن يسأل ويستفسر من المتخصصين عن بعض جوانب الموضوع قبل تسجيل الحوار، خاصة إذا كان موضوعا علميا متخصصا، كالاستشعار عن بعد، إذ كيف يمكنه التسجيل في هذا الموضوع مع الدكتور عبد الهادي خبير الاستشعار عن بعد وهو غير فاهم، ماذا يعني الاستشعار عن بعد، فلا يستعد إلا بسؤال واحد فتح الله به عليه، يوجهه لضيفه، ثم يبدو للمستمع أو المشاهد أن هذا الحوار يرتجل دون فهم لأبعاد الموضوع

يرى بعض المحاورين أن الارتجال في الحوار يكسبه تلقائية وبساطة في الأداء فما هو تعليقك على هذا الرأي؟

الارتجاء المبني على الجهل مرفوض، لكن الارتجال في موضوع يعلم المحاور هدفه وأبعاده، يعد أمرا مقبولا، وهناك فرق بين الاثنتين

هل تنصح المحاور الإذاعي أن يكتب نصوص أسئلته على الورق أم يدون نقاطا يسترشد بها أثناء الحوار؟

يجب ألا تكون الأسئلة المكتوبة قيدًا حديديًا تكبل المحاور بحيث لا يستطيع الخروج عن نصوص هذه الأسئلة التي سبق أن أعدها قبل إجراء الحوار، يمكنه أن يعد بعض الأسئلة حسب طبيعة الموضوع ومدة البرنامج وطبيعته، لكن الضيف طرف متحرر يمكنه أن يطرح أفكارا جديدة، وأن يقول معلومات وأشياء تستلزم من المحاور أن يكون يقظا ومنتبها لها لكي يستنبط منها أسئلة يوجهها إلى ضيفه على الفور.

هل هناك قاعدة إعلامية يجب أن يسترشد بها المحاورون الشبان في هذا الشأن، لتقديم حوارات ناجحة؟

القاعدة المطلقة في الحوار هي أنني كمحاور لا أسأل عما لا أعرفه أنا أو عما يهمني أنا، لأني قد أكون أكثر علما من المسؤول الذي أستضيفه، لكني كمحاور أسأل النيابة عن المستمع أو المشاهد، إذا يجب أن أعد أسئلتي كما لو كان يعدها المستمع أو المشاهد متوسط الثقافة لا المتخصص ولا الأمي، لذا فإن أنجح الحوارات من الإذاعية والتلفزيونية هي تلك التي تحوي أسئلتها كل ما يدور بخاطر المتلقي، أما أن يقول الضيف كلاما خطيرا أو مثيرا أو طريفا لا يلقي اهتماما من المحاور الذي يلتزم فقط بأسئلته المكتوبة.

كما يلتزم القطار بالقضبان التي يسير عليها، فهذا حوار غير مقبول، يجب أن يكون المحاور الإذاعي مستعدا لاستنباط أي جوانب أو معلومات جديدة يرتب عليها أسئلة جديدة…. حتى تتطابق الصورة مع ما في ذهن المستمع أو المشاهد، فيما لو أتيحت له فرصة اللقاء مع هذا الضيف، يجب علي كمحاور أن عما أتصور أن الناس تحتاج إلى معرفته عن هذا الموضوع أو عن هذه الشخصية، وأقوم أنا بهذا الدور نيابة عنهم

يجهل بعض المحاورين الشبان فان الربط وقت البرنامج الحواري وعدد الأسئلة التي يجب أن يستوعبها هذا البرنامج.. فما هو الأسلوب الأمثا لهذا الربط؟

يجب عليك كمحاور أن أضع في ذهني جيدا وقت البرنامج الحواري الذي أقدمه، وهذا أمر مهم جدا، لماذا؟ لأني سوف أضع أسئلتي وفقا لهذا الوقت، إذا كان البرنامج مدته خمس دقائق فلابد أن يكون عدد الأسئلة مناسبة

هل يرتبط عدد الأسئلة بوقت البرنامج فقط؟

لا… بل أيضا بطبيعة البرنامج، فهناك برامج قصيرة لا تزيد عن خمس دقائق لكنها تستوعب عددا كبيرا من الأسئلة القصيرة السريعة التلغرافية، وبالتالي فإن إجابات الضيف ستكون قصيرة وسريعة وتلغرافية، لا مجال في مثل هذه البرامج لموضوعات الإنشاء التي تحتاج الإجابات على كل سؤال خمس دقائق، رغم أن مدة البرنامج خمس دقائق فقط، ومن الطريف أن تجد أحد المحاورين يقول لك إن الحوار الذي أجراه ظريف وممتع واستغرق ربع ساعة، رغم أن وقت برنامجه خمس دقائق فقط على الخريطة، ويطلب هذا المحاور أن تجري له تعديلا في الخريطة كي يذيع حواره كاملا. ولو تمت الموافقة على ذلك لعمت الفوضى خريطة البرنامج

من واقع خبرتك الإعلامية كيف يتصور المحاور الإذاعي مع ضيف بخيل مقل في كلامه؟

مثل هذا الضيف، يجب على المحاور ألا يسأله أسئلة تحتاج لإجابات طويلة، بل يمكن أن يسأله أسئلة فرعية قصيرة… ولابد أن يكون المحاور جاهزا لهذا الضيف البخيل المقل جدا في كلامه بمدفع رشاش ذخيرته من الأسئلة السريعة القصيرة حول نفس الموضوع، كما يمكن للمحاور أن ينكش هذا الضيف الضنين بكلماته ومعلوماته.. وليس معنى هذا أن يكون المحاور لحوحا أو مزعجا أو فارضا رأيه على ضيفه، يجب أن أفتراض كمحاور قبل إجراء الحوار أن الضيف لديه الرغبة في الكلام، لكنه قد يفضل الإيجاز في إجابته، لذا فإنه من الواجب على أن نوجه إليه الأسئلة التى تركز على الجوهر، وأن نقسم السؤال العام الكبير إلى أسئلة قصيرة.

كيف يتعامل المحاور الإذاعي مع ضيف ثرثار متدفق في كلامه؟ هل يقاطعه وأثناء الحوار؟ وكيف؟

إذا ما أراد الضيف الاسترسال والدخول في تفاصيل، هنا علي كمحاور أن أكون مستعدا للقطع على استرساله بلباقة، لأنقله للنقطة الثانية.

كيف يمارس المحاور المبتدئ هذا الأسلوب؟ وهل أطمع في تقديم بعض الأمثلة الحية التي يستفيد منها المحاورون الشبان؟

على سبيل المثال، إذا كان الحوار يدور حول أزمة الإسكان، وسأل المحاور ضيفه عن أسباب هذه الأزمة، أجاب بذكر السبب الأول واستغرقت إجابته دقيقتين أو أكثر، هنا يمكن للمحاور أن يتدخل بلباقة قائلا لضيفه: “ننتقل بعد إذنك للسبب التالي علشان نحيط بالأسباب المختلفة لأزمة الإسكان”.. ثم إذا استرسل الضيف مرة أخرى، يمكن للمحاور أن يقاطعه بلباقة: “اسمح لي ننتقل إلى وسائل التصدي للأزمة من وجهة نظرك”، هنا لا يشعر المستمع أو المشاهد أني أقاطع ضيفي، ولا تعني هذه المقاطعة أني أقول لهذا الضيف “كفاية كده”.

بل يجب أن يفهم المتلقي أني كمحاور أقوم نيابة عنه بتلخيص كلام الضيف وتبويبه، وهذا أمر مهم جدا في الحوارات الطويلة، إذ يجب علي كمحور أن ألخص كلام ضيفي بين الحين والآخر، خاصة في الندوات الإذاعية والتلفزيونية.. ويجب أن يكون التلخيص على هيئة مانشتات.

هل ترى كخبير إعلامي أن نجاح الحوار يتوقف بالدرجة الأولى على المحاور؟ أم أن هناك عناصر أخرى أكثر فاعلية في هذا النجاح؟

للإجابة على هذا السؤال أذكر كل محاور بأربع كلمات يقولها الضيف غالبا لمحاوره في اللحظة التي تسبق تسجيل الحوار، يقول له: “تفضل.. أنا تحت أمرك” كأنه يريد أن يقول له أنت قائد الحوار، وبالتالي فإنك كمحاور تتحمل المسؤولية الكاملة عن نجاح أو فشل الحوار، إذا شط ضيفك أثناء الحوار فأنت المخطئ، وإذا جاءت إجاباته بعيدة عن صميم الموضوع فأنت المخطئ أيضا، إنك قائد الحوار.

 

 يلجأ بعض الزملاء المحاورين إلى رفع الكلفة بينهم وبين الضيوفين، فهل ترى أن هذا التصرف ميزة أم عيب في الحوار الإذاعي؟

هذا التصرف يعد عيبا في الحوار، ويجب على كل محاور في الإذاعة والتلفزيون أن يعرف أسلوب الخطاب الإعلامي الذي يجب أن يستخدمه في حواراته مع مختلف الشخصيات، فقد يكون الضيف مسؤولا كبيرا، أو فنانا مشهورا أو إنسانا بسيطا، وفي كل الأحوال لابد أن يلقي كل منهم الاحترام الواجب، ولا يضفى المحاور على هذا المسؤول صفات تجعله كمحاور يبدو أمام الناس منافقا، كما لا يجب أن يرفع المحاور الكلفة بينه وبين ضيفه الذي قد يكون صديقا شخصيا له، وعلى سبيل المثال حينما يستضيف أحد المحاورين فنانة كبيرة كالسيدة فاتن حمامة لا يصح له أن يسألها أمام الميكروفون “إيه رأيك يا فاتن؟”

هذا لا يجوز فهي بالنسبة للناس فاتن حمامة سيدة الشاشة العربية، وحتى لو كانت هناك علاقة ودودة وشخصية بينك وبين ضيفك، لا تناديه باسمه مجردا، كما لا يجب أن تسرف في إضفاء ألقاب وصفات عليه تبدو منفرة أثناء الحوار، كما أنصح كل محاور ألا يتبسط مع ضيفه بالشكل الذي يريد أن يقول من خلاله للمستمعين أو المشاهدين إنه صديق لهذه الشخصية الكبيرة التي يحاورها… أنتما صديقان، هذا شيء يخصك، لكن هذا الضيف الكبير ليس صديقا للمستمع أو المشاهد، إنه النجم الذي يلقي احتراما لدى مستمعيك ومشاهديك.

لذا يجب أن يلقي الاحترام الكامل من جانبك كمحاور، ونفس الشيء يجب أن يراعيه كل محاور إذاعي أثناء حواره مع المواطن العادي البسيط كالمراكبي في النيل أو العامل في المصنع… إلخ، يجب ألا أتبسط معه كمحاور التبسط الذي يجعل الناس تشعر أنني لا أحترمه الاحترام الكافي، فقد تعود مجتمعنا على احترام الكبير، حتى لو قال كلاما فيه تجاوز أو خطأ أو كان كلاما ساذجا، ليس من حقى كمحاور إذاعي أن أسخر من أي إنسان على الإطلاق، كما لا يجب أن تحرج ضيفك كي تحصل على معلومة هامة

ما الذي يجب أن يراعيه المحاور الإذاعي لتسجيل لقاء على درجة عالية من الجودة الهندسية؟

هناك عدة أمور تكنيكية يجب أن يراعيها المحاور قبل تسجيل أي لقاء يأتي في مقدمتها:

1ـ ضرورة التأكد من صلاحية جهاز التسجيل بإجراء اختبار”test كامل قبل التوجه للقاء الضيف لأنه من الصعب بالنسبة لبعض الضيوف الاتصال بهم وتحديد موعد أ،خر باستخدام حجج واهية كضعف بطارية الشاحن مثلا

2ـ أن يتاكد المحاور قبل تسجيل الحوار من صلاحية المكان للتسجيل بحيث يمكنه الحصول على صورة صوتية نقية واضحة تقترب من الصورة الصوتية التي يحصل عليها في ملابس فيما لو استطاع هذا الضيف في استوديو الإذاعة، وهنا يجب أن يراعي كل محاور مدى تأثير الضوضاء الخارجية على لقائه، حتى يمكنه أن يحدد موقفه بالنسبة لهذه الضوضاء التي يجب أن تكون في الBACK GROUND ولا تطغي على صوت المحاور وضيفه، وإذا اكتشف المذيع أن هذه الضوضاء سيكون لها تأثير قوي على لقائه يجب عليه أن يصارح ضيفه قبل إجراء التسجيل، ويطلب منه بلباقة أن ينتقل إلى حجرة ثانية

3ـ بعد الانتهاء من التسجيل، لابد ان يقوم المحاور بعملTEST للاطمئنان على صلاحية المادة المسجلة، فإذا اكتشف أنها غير صالحة هندسيا لأي سبب من الأسباب، فمن السهل عليه أن يطلب من ضيفه إعادة التسجيل مرة أخرى، حتى لا يفاجأ بعد عودته إلى مبنى الإذاعة أن جهوده ضاعت هباء

 مسلسلات إذاعية

يلجأ بعض مقدمي البرامج الحوارية لتجزئة حواراتهم إلى ما يشبه المسلسلات. فما هو تعليقك على هذا الأسلوب؟

إنا ضد هذا الأسلوب من حيث المبدأ، لكني أرى أنه إذا كان الموضوع من الموضوعات التي تستلزم معالجتها في أكثر من حلقة، يمكن للمذيع أن يقسم موضعه إلى  BLOCKS أو أجزاء، كل جزء على حدة وقائم بذاته، لأننا لو قارنا بين الراديو والتلفزيون والوسائل الإعلامية الأخرى كالجريدة أو المجلة أو الكتاب أو السينما أو المسرح، سنجد أن هناك فرقا كبيرا في نسبة التغيير والثبات.

في المسرح يشاهد المتلقي المسرحية كاملة، وفي السينما نفس الشيء، كذلك الكتاب، لو طالع القارئ نصفه سيعود للنصف الثاني بعد ذلك، بالنسبة للصحيفة هناك نسبة ثبات عالية، فقد تعود بعض القراء شراء الأهرام وتعود آخرون شراء الأخبار أو الجمهورية، وهكذا، بالنسبة للمجلات التي يرتبط شرائها أيضا بالحالة الاقتصادية للقارئ، إذن هناك درجة ثبات للقارئ لمادة معينة في جريدة معينة، أو مجله أو كتاب، لكن بالنسبة للراديو والتلفزيون، لا أستطيع كمذيع أن أحدد نسبة الثبات التي تنتظرني في نفس الموعد لنفس البرنامج، وربما كان من الممكن توقع ذلك في الماضي، حينما كانت هناك قناة تلفزيونية واحدة أو محطة إذاعية واحدة.

لكن مع هذا التنوع الهائل في القنوات التلفزيونية وفي الشبكات الإذاعية أصبح الأمر صعبا، فمن يضمن لك أن من استمع إليك أو شاهدك هذا الأسبوع سوف يستمع إليك أو يشاهدك في الأسبوع القادم، إنها نسبة ضئيلة جدا، ممن يمس البرنامج تخصصاتهم، أما مستمع الصدفة أو مشاهد الصدفة، فنسبته عالية جدا، ومن ثم فأنا لا أحب ولا أميل لاستخدام أسلوب التجزئة في البرامج الحوارية.

وماذا عن برامج الخدمات التي تناقش قضايا المواطنين والبيئة المحلية، هل تنطبق عليها نفس القاعدة؟

نعم فقد ينتقد أحد الضيوف تصرفات محافظة القاهرة في أمر ما، هنا لابد أن يرد أحد المسؤولين بالمحافظة على هذا النقد في نفس الحلقة، ليس من حقي كمذيع أن أشوه سمعة أحد، وأقدم جزءا مختصرا من رأي المسؤول، وقد لا يسمعه نفس المستمع الذي يستمع إلى النقد اللاذع في الحلقة الماضية

ما هو التصرف الأمثل للمذيع المبتدئ بالإذاعة المحلية في مثل هذه الحالات التي تستلزم وقتا أطول ربما لا يتوفر لبرنامجه الإذاعي؟

عليه أن يقسم الموضوع الكبير إلى موضوعات فرعية صغيرة، يتناول هذا الأسبوع قضية الصرف الصحي مثلا، فيتيح الفرصة لمن ينقد ولمن يرد على النقد، وهكذا في الحلقات القادمة، يمكنه ان يتناول قضايا أخرى، كالقمامة أو الإسكان أو المرور ألخ، المهم أن تكون الحلقة مستوفية مختلف جوانب الموضوع، وتحوي كل وجهات النظر

 لا شك أن قضية الحياد تأتي في مقدمة القضايا التي تثير اهتمام أي مذيع يسعى لتقديم برامج حوارية متميزة، فمتى يكون الحياد ومتى لا يكون؟

أجاب الإعلامي الكبير أمين بسيوني قائلا:

يمكن النظر إلى قضية الحياد من زاويتين

ـ الزاوية الأولى: تتعلق بالموضوع، ويقصد بها أن يقدم المحاور الإذاعي مختلف وجهات النظر التي تلقي الضوء على هذا الموضوع، ففي ندوة إذاعية وتلفزيونية يجب على مدير الندوة أن يقدم موضوعا متكاملا، سواء ما يتعلق بالتكامل بين جوانب الموضوع، أو التكامل بين وجهة النظر المختلفة المتصلة بهذا الموضوع، وهنا يجب على المذيع أن يكون محايد

ـ الزاوية الثانية: تتعلق بالأداء، وهنا لا يفضل أن يكون المذيع محايدا، لأن حياده يعني أنه غير مبال بالموضوع الذي يقدمه، وغير متحمس له، ولا يعني حماس المذيع أن يكون خطيبا أو صاحب أداء زاعق

 سؤال أخير: ماذا تقول كخبير إعلامي لكل مذيع يسعى للنجاح في أدائه الإذاعي؟

أقول له أن فن الأداء الإذاعي هو فن معرفة وفهم مضمون المادة الإعلامية، سواء كان مضمونا يتصل بمعنى أو معلومة أو مضمونا يتصل بمشاعر، لابد أن تبرز من خلال الأداء الإذاعي