Site icon مباشر 24

«فقد بصره فأنعم الله عليه بحنجرة مرنة».. حكايات الشيخ محمد عبد العزيز حصان

ولد القارئ الشيخ محمد عبد العزيز حصان قارئ المسجد الأحمدي بطنطا يوم 28 أغسطس عام 1928 في قرية الفرستق بمركز كفر الزيات بمحافظة الغربية التي أنجبت الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ الحصري والاثنان من قراء الرعيل الأول بالإذاعة المصرية وكلا منهما عميد لمدرسة قرآنية فريدة ويذكر لهما التاريخ القرآني أنهما وضع محافظة الغربية على الخريطة العالمية في مجال تلاوة القرآن الكريم

حفظ الشيخ الحصان القرآن الكريم وابن السابعة ساعده على ذلك تفرغه الكامل لحفظ القرآن الكريم بسبب فقد البصر فكان ذهنه متفرغا لشيء واحد وهو حفظ كتاب الله عز وجل بدأت علامات النبوغ والذكاء تظهر عليه هو طفل صغير مما دفع الشيخ على زلط الصديق المخلص للحاج عبد العزيز لأن يشجعه على ذلك بابنه محمد إلى كتاب الله الشيخ عرفه الرشيدي رحمه الله ليحفظ القرآن كانت قرية قسطه المجاورة لقرية في الفرستق قرية مشهورة نظرا لوجود كتاب الشيخ عرفه الرشيدي بها وكان الشيخ محمد يتردد كل يوم على الكتاب سيرا على الأقدام بصحبة والده المرحوم الحاج عبد العزيز .

يقول الشيخ حصان:” ولأنني كنت صغيرًا مبصرًا لقبني أهالي المنطقة بالشيخ محمد رغم صغري سني فكنت أشعر بالفخر والاعتزاز بالنفس والوقار والرجولة المبكرة وأنا في الخامسة من عمري وكنت محبًا للقرآن بطريقة لا حدود لها، جعلت الناس ينظرون إلي نظرة تقدير واحترام في البيت وفي القرية وفي الكتاب مما زادني حبا للقرآن وحفظه وهنا فطنوا إلي أنني لا أساوي شيئا بدون القرآن الذي به سأكون في أعلى عليين وعلى قمة المجد والعز في الدنيا والآخرة كل ذلك يشجعني وقوى عزيمتي وإرادتي على حفظ كتاب الله في فترة وجيزة قبل أن أكمل سن السابعة كل ذلك بفضل من الله عز وجل الذي أدين له بالفضل كله والخير كله

لم يتوقف طموح هذا الفتى الموهوب عند هذا الحد من التفوق ولكنه كان دؤوبا صابرا جلدا طموحا في الوقت نفسه متفائلا لا يعرف اليأس إليه طريقا تعلم القراءات السبع وحفظ الشاطبية في مدة لا تزيد على عامين فقط فأصبح عالما بأحكام القرآن قبل العاشرة من عمره ليثبت للجميع أنه يستحق أن يلقب الشيخ محمد.

لم يكتف بهذا الإنجاز الذي كان حلما يراود أباه والمقربين إليه من الأهل والجيران والأصدقاء وإنما ظل يتردد على الشيخ عرفة ليراجع عليه كل يوم قدرا من القرآن ليعلمه بأن القرآن يحتاج إلى مراجعة دائمة حتى لا يفر من صاحبه لم ينل الجهد ومشقه السير من الشيخ محمد الذي كان يسير على نفسه طول المسافة بين قريته وقسطا فكان يتلو القرآن بصوت وتجويد وتنغيم بالسليقة التي اكتسبها عن طريق سماعه لمشاهير قراء الرعيل الأول بالإذاعة متخيلا أنه أحد هؤلاء القرآء وكان الشيخ عرفة يطلب منه بعد المراجعة أن يطلب بعض الآيات بصوته الجميل العذب حتى يدخل الثقة بنفسه ويعلمه أحكام التلاوة التي تمكنه من القرآن وتلاوته

كان صوت الشيخ حصان جميلا منذ الصغر وحباه الله بإمكانات صوتية تفوق الخيال عززها بشدة إتقانه لحفظ القرآن وتمكنه الشديد من أحكام التجويد وبراعة الانتقال من مقام إلى مقام وكيفية أداء التلاوة أداء عاقلا ملتزما منذ الطفولة، وذاع صيت الشيخ حصان وعرف بمنطقه كفر الزيات بانه الفتى القادم والعملاق الصغير الذي ينتظره مجد وشهره لا تقل عن كوكبة القراء الأفذاذ الذين سطروا تاريخ تلاوة القرآن الكريم بجهدهم والتزامهم وقوة أدائهم وجمال أصواتهم قبل بلوغه العشرين عاما كان شهرته قد اتسعت بجميع مدن وقرى محافظة الغربية وانهالت عليه الدعوات من كل مكان وأصبح قارئا معروفا بين المشاهير من القراء في عصر ماج بالموهوبين من كبار القراء فدعي لإحياء المناسبات الصغيرة ثم ذكرى الأربعين والسنوية حتى وصل المآتم الكبيرة التي كانت مقصورة على أمثال المشايخ مصطفى إسماعيل والحصري والمنشاوي عبد الباسط وغيرهم من المشاهير

يقول الشيخ حصان كنت منطويا على نفسى وأنا صغير قليل الأصدقاء ومجالسة الناس لأنني كنت مشغولا بحفظي للقرآن وتلاوته في سهرة بسيطة إن وجد وكنت حريصا على الصلاة في وقتها بالمنزل وأحيانا بالمسجد ولأن شيخي كان فخورا بي كتلميذا له كان يتتبع خطواتي نحو المستقبل فلم ينقطع سؤاله عني وزيارته لي والمراجعة التي هي الأساس المتين للذي يريد أن يتمكن من القرآن وذات يوم قال لي الشيخ عرفة يا شيخ محمد لى صديق اسمه عبد الرحمن بك رمضان وجه إلي دعوة لحضور حفل ديني سيحضره مشاهير القراء فما رأيك لو حضرت معي هذه السهرة وتقرأ لك عشر حتى يتعرف عليك كبار الموظفين ومشاهير القراء إنها فرصة طيبة فوافقت وذهبت مع الشيخ عرفة وقرأت ما تيسر من القرآن فعجب بي الحاضرون وخاصة عبد الرحمن بك رمضان لأنه كان مستمعا متخصصا وعلى خبرة ودراية كبيرة بفن التلاوة فقال عبد الرحمن بك يا شيخ عرفة الولد الممتاز الذي قرأ الآن اسمه إيه؟ فقال اسمه محمد عبد العزيز ومن الفرستق قال يا شيخ عرفة اهتم به لأن له مستقبله كبيرا جدا وستثبت الأيام ذلك، حسبما ذكر أحمد همام في كتابه “سفراء القرآن”.

Exit mobile version