عبد النبي الشعلة يفتح خزينة أسراره لـ”مباشر 24″: ألغيت قانون العبودية للعمالة الأجنبية 2-3

أضربت مع العمال وتظاهرت مع العاطلين

أنشأت أول اتحاد لنقابات العمال

أول من اعترف بالبطالة ودعوت لمواجهتها

لم يحقق وزير عربي هذا القدر من الجدل مثلما حقق وزير العمل البحريني الأسبق البحريني عبدالنبي عبدالله الشعلة، هو أول وزير يمنح حق الإضراب للعمال بقوة القانون ويقرر الإضراب معهم، وهو الأول في سلطة تنفيذية رسمية الذي يدعو للتظاهر ويتظاهر مع العاطلين، وهو أصغر التجار في زمنه الذين يفوزون على “الكبار” في أول انتخابات لمجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين عام 1983 ويحقق أعلى الأصوات، وهو أول وزير ينتقل من التجارة إلى مجلس الشورى إلى وزارة العمل والشئون الاجتماعية لكي يبقى بها من 1995 حتى 2003 قبل أن ينتقل إلى منصب وزاري آخر كوزير للدولة، وهو أكثر المسئولين العرب إثارة للجدل من خلال مواقفه المعاكسة وبوصلته المحيرة، وآرائه وأفكاره المختلف عليها.

مجرد مقال يكتبه بشكل دوري في صحيفة البلاد البحرينية التي يترأس مجلس إدارتها ويحمل في طياته دعوات للسلام مع إسرائيل وليس إلى الحرب معها ويعترف بأن الحروب أفقدت العرب أراضيهم والسلام هو الذي أعاد أرض سيناء إلى مصر الحبيبة، وإلى نص الحوار:

-بعد الوزارة أم قبلها، قبل “الغرفة” أم بعدها .. لا يهم، حدثنا عن تجربتك في العمل والحياة؟

الإنسان يمر في حياته بخيارات عديدة، بمراحل ومواقف، كل مرحلة لها بداية ولها نهاية، معركة الحياة لا تنتهي بانتهاء أية مرحلة، الإنسان بطبيعته يذهب إلى الخيار الأصعب، إلى محاولة الاستفادة من تجاربه واستخدامها للانتقال إلى مرحلة أخرى، هنا أيضًا لابد وأن تكون لدينا خيارات، هل نسير مع الموجة ونساهم فيها أم أن لنا رأيًا مستقلاً قد يكون مختلفًا مع هذه الموجة.

هذه الاستقلالية في الرأي والرؤى قد يسبب لنا أحيانًا إشكالات وهذا أيضًا لا يهم، المهم أن تكون النوايا حسنة والأهداف واضحة.

من هذا المنطلق وأنت تعلم تفاصيل مسيرتنا السابقة أيام الوزارة، تلك الأيام التي شهدت إنجازات وتحديات ومرحلة دقيقة جدًا مررنا بها منذ عام 1995 بالتحديد عندما تم اختياري وزيرًا للعمل والشئون الاجتماعية حيث بقيت على هذا المقعد أكثر من عشر سنوات من عام 1995 حتى عام 2005، سبع سنوات ونصف في وزارة العمل والشئون الاجتماعية وسنتان ونصف وزيرًا للدولة بديوان رئيس الوزراء.

ألا ترى معنا أن هذه فترة طويلة أن يبقى وزير بوزارتين؟ أم أن البقاء على كرسي الوزارة كان له ما يبرره؟

نعم كنت وزيرًا مختلفًا ربما لأنني أعتبر نفسي خليط محمود بين خبرة القطاع الخاص والتجارة، لذلك لم يكن لديَّ أي خوف من فقدان موقعي كوزير، فلم أعمل قبل الوزارة موظفًا طوال حياتي، هذا الأمر منحني ثقة لا حدود لها، وهذا مكنني من البقاء في وزارتين لفترة طويلة نسبيًا.

– في الوزارة .. كيف كنت؟ وماذا حققت؟ هل تذكر أهم المفترقات، وأصعب القرارات؟

أحمد الله أنني في الوزارة كنت وزيرًا متميزًا، ذلك أنني أول من قام بمواجهة البطالة بل والاعتراف بها، قبلي لم يجرؤ وزير أن يتحدث عن هذه الآفة أبدًا، لم يعترف أحد بها حتى يبدأ بمواجهتها وعلاج تداعياتها بل وتقديم الحلول الناجعة بشأنها.

– ولماذا من وجهة نظرك؟

ربما لأنه لا يجوز الحديث عن البطالة بين المواطنين ولدينا عشرات الآلاف من العمالة الأجنبية، ومن هنا كان لابد من إقناع السلطات أولاً بأن لدينا بطالة، وأن الاعتراف بها غير محرم شرعًا، وأيضًا العبودية بفرض الشروط والقيود وعدم انتقال العامل الأجنبي من عمل لآخر من خلال الكفيل المواطن الذي يستطيع طرد أي عامل أو موظف أجنبي من البلاد بل ومنعه من العودة إليها، هناك فرق بين العبودية وما يجب أن تكون عليه الظروف والبيئة القانونية التي يعمل فيها الأجانب ببلادنا، هناك فرق بين العبودية وحماية حقوق أطراف معادلة سوق العمل، تغيير هذا المفهوم أدى فيما بعد إلى تصحيح أوضاع العمالة الوطنية والعمالة الأجنبية.

– وكيف ذلك؟

أولاً لم يمتلك أحد في ذلك الوقت الشجاعة والجرأة للاعتراف بأن قوانين تنظيم أوضاع العمالة الأجنبية تحتاج لمراجعة، حيث أن أي عامل أجنبي كان لديه راتب ثابت، لا يجوز ولا يحق له أن يطالب صاحب العمل بزيادته، وأي عامل أجنبي كان يطالب برفع مستوى راتبه وتحسين أحواله المعيشية كان مهددًا بالطرد.

– وكيف كان السبيل لعلاج هذه المعضلة؟

أولاً أن العمال نفسهم بدأوا يطالبون بأن تكون لديهم نقابات للعمال، والتي كانت في زماننا من المحرمات حتى أصبحَتْ وأنا في الوزارة حقًا مشروعًا وطريق حياة لحماية مصالح العمال، كما تم إشهار اتحاد نقابات عمال البحرين الذي تضمن مشروعه إعطاء الحق للعمال لكي يضربون والذي واجه موانع ورفض لا نظير له بمجلس الوزراء حتى تمت الموافقة على هذا المشروع خاصة أن السؤال الذي كان مطروحًا في ذلك الوقت، لو أضرب العمال عن العمل فماذا نستطيع أن نفعل لهم؟

وهنا والكلام للوزير الشعلة- وضعنا آلية للعمل في عام 2002 ومنذ ذلك التاريخ حتى اليوم لم يضرب عامل واحد عن العمل في مملكة البحرين، وهو ما يعني أن إعطاء الحقوق إلى الناس يجعلهم أكثر مسئولية وحرصًا على أعمالهم وتسيير أمور حياتهم.

-يقال أيضًا أن برنامج التدريب والتوظيف خاصة بالنسبة للمهندسين البحرينيين كان برنامجًا طموحًا وحقق أحلام ضائعة لهؤلاء المهندسين؟

صحيح هذا البرنامج أدى إلى توظيف أكثر من 300 مهندسًا وهو رقم كبير في ذلك الوقت بالنسبة لعدد سكان البحرين، بالإضافة إلى برامج كثيرة أخرى لتدريب العديد من الفئات وتلك التي أطلقناها مع برنامج معرض المهن وهو مستمر حتى الآن بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والأندية ونادي الروتاري والجامعات.

– فيما يتعلق بقوانين البطالة وإضراب العمال عن العمل وحق التظاهر، هل تتذكر بعض المحطات ذات العلاقة؟

بالتأكيد فعندما تسلمت الوزارة كانت هناك العديد من تظاهرات العمال العاطلين عن العمل، وكانوا يواجهون بالتشدد والصرامة وقوة القانون، لذلك قلت لهم التشدد لا يفيد لابد من الحوار بل والتعاون مع المتظاهرين، وهنا نزلت إلى المتظاهرين وقلت لهم: سأتظاهر معكم .. لأنني حريص على توظيفكم، وتم فض المظاهرة من دون استدعاء للشرطة.

يتبع..