د. أحمد فرحات يكتب: حب أم حرب؟

في حال ذكر اسم امرأة معروفة النسب والأصل فإن الأمر يختلف عما إذا كانت غير معروفة النسب، ولاسيما إذا كانت محبوبة، وقد شبب بها الشعراء في قصائدهم.

هنا يتداخل التاريخي بالديني والأنثروبولوجي بالأسطوري للكشف عن مركزية العلاقة بين المرأة والرجل في العصور القديمة. ولنأخذ ليلى بنت الخطيم تمثيلا للفكرة.

وهي أخت قيس بن الخطيم بن عدي بن عمرو بن سواد بن ظفر بن الحارث بن الخزرج بن عمرو وهو النبيت بن مالك بن الأوس. وعن بن عباس قال: أقبلت ليلى بنت الخطيم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو مولي ظهره الشمس فضربت على منكبه فقال: من هذا ؟ أُكْلة الأسد ؟ –

وكان كثيراً ما يقولها، فقالت : أنا ابنة مٌطْعِم الطير ومُباري الريح أنا ليلى بنت الخطيم ، جئتك لأعرض عليك نفسي تزوجني . قال : قد فعلتُ ، فرجعت إلى قومها فقالت: قد تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم.

فقالوا : بئس ما صنعت ، أنت امرأة غَيْرى، والنبي صاحب نساء تغارين عليه فيدعو الله عليك فاستقيليه نفسك، فرجعت فقالت: يا رسول الله ، أقلني.

قال: قد أقلتكِ. قال: فتزوجها مسعود بن أوس بن سواد بن ظفر فولدت له، فبينا هي في حائط من حيطان المدينة تغتسل إذ وثب عليها ذئب لقول النبي صلى الله عليه وسلم فأكل بعضها فأُدركتْ فماتت.

تغزل الصحابي الجليل حسان بن ثابت في ليلى بنت الخطيم، فقال:

تذكرتَ لَيلى وَأنى بها ***وإذا قُطِعَتْ مِنكَ أَقرانُها

وانتقم منه قيس بن الخطيم وتغزل في عمرة زوج حسان. فقال:

أجَدَّ بعَمرة َ غُنيانُها*** فَتَهْجُرَ، أم شَأنُنا شَانُها

ولا شك أن مثل هذه القصائد تمثل خط القلق النفسي، واضطراب النفوس، وتغير عدة السلاح، فبدلا من الحروب الفعلية حلت الحروب الشخصية، والعائلية، وقد سجل ديوان الشعر العربي هذه القصائد القلقة كأنها قيلت وروح الشاعر على جناح القلق تتقلب.

وقد نقل صاحب نشوة الطرب(ابن سعيد الأندلسي) فقرة أراها من أهم فقرات الكتاب عن قيس بن الخطيم. قال: وكان أجمل أهل زمانه، لا تراه امرأة إلا فتنت به، وكان يتغزل في عمرة زوج حسان بن ثابت، وكان حسان يتغزل في ليلى بنت الخطيم.

ناهيك عن اشتعال نيران الحروب بين قبيلتيهما الأوس والخزرج قبيل الإسلام، فالحرب قد نالت من نسائهم بشكل صارخ. فغدونا لا ندري ماذا أصاب القوم(الشعراء): أحرب أم حب؟  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى