د. أحمد الطباخ يكتب: رسالة الفن نزوة وشهوة أم تربية ودعوة؟!

مما لاشك فيه أن للفن رسالة يؤديها؛ فهو لا يمكن أن يكون عبثا ولهوا ومجونا مما يظنه هؤلاء وأولئك من الذين يقولون، ويخرجون علينا بتصريحات صادمة إن دلت فإنما تدل على جهلهم وصلفهم وتلبس الامر لهم، وإما عن تعمد مقصود ،وإن كان الأمر كذلك فإنهم يؤدون رسالة لحساب شيطانهم  وإشباعًا لنقصهم ورغباتهم ونزواتهم.

ونكون نحن قد وقعنا في أيدي مجموعة من الشواذ والأفاقين الذين يعملون لأجندات مشبوهة مرتبطة بالغرب الذي استطاع أن ينفذ إلى هؤلاء الفنانين والفنانات ومشاهير الفن ؛ ليكونوا ذراعا له لنشر ثقافة جنسية وإشاعة الفوضى وإفساد أخلاق هذه الأجيال الجديدة التي استهوتها.

ولعبت في عقولها ألاعيب غربية تريد لمنطقتنا مسخا لا هوية له ولا دين ، ويكون الفن يؤدي ذلك الدور المشبوه من خلال تلك المنصات التي أنشئت بعد تلك الثورات العربية التي جرت الخراب، وفتحت أبواب الشر على منطقتنا العربية في تلك الفترة الحرجة، والمرحلة الحالية الدقيقة التي تمر بها بلادنا.

الأمر لا ينبغي أن يمر مرور الكرام ، وإنما هو في أمس الحاجة إلى نظرة تأمل وتدبر ودراسة من قبل المهتمين بالشأن العام والذوق والجمال والأخلاق فلا يمكن أن يتتابع ذلك السيل الجارف من هذا الغثاء دون أن يكون الأمر قد أعد له عدته ، ويكون الفن لا كما نريد.

وإنما كما يراد لنا أن نكون المستقبلين لهدم منظومات ومؤسسات المجتمع التي وقفت حائط سد منيع أمام تيارات الإلحاد والتجريف لكل دين وخلق وتقدم وعلم وحضارة وبناء لهذا الغرب الذي لم يكل ويمل ويسام من مخططاته الشيطانية لضياع ما تبقى من قيمنا وديننا.

الفن ليس نزوة يقوم بتأديتها من يتقمص دورا من الأدوار ، وإنما يحمل رسالة للناس ، ولو كان شهوة يشتهيها يكون مريضا لا يصلح ، ولن ينال إعجاب الناس ومحبتهم وسيخسر جمهوره الذي يرقبه ويتابع أدواره ، ويأتي هنا دور الدولة القائمة على حفظ قيم المجتمع ، والتي تصون مقدرات شعبها ليس حدودها ولا مؤسساتها فحسب.

وإنما قيم المجتمع وتقاليده ودينه، لأنها إن فرطت في حفظ ذلك حصدت الضياع والدمار، وصار العبء عليها أكثر والمسئولية أشد وأنكى ؛ لذا الأخذ على أيدي هؤلاء الذين يهدمون شبابنا وينشرون الرذيلة ويعلمون على ترسيخ القبح.

لا أقصد بهذا أن الفن رسالة دعوية ، وإنما دعوة إلى الحق والحقيقة والعدل وإرساء قيم تنسجم مع طبيعة الأسوياء من الناس الذين يحبون الجمال، ويستقبحون القبح والفجور، فهم يجسدون أدوار الخير والشر، ويصورون ذلك الصراع الأبدي بين الحق والباطل في أحداث متتابعة ووقائع درامية وقوالب قصصية فيها عقد وحل وتطور لأحداث ؛ لينبهوا الغافلين ويوجدوا وعيا رصينا وفنا خلاقا حتى ينصروا قيم التسامح والسماحة والتعايش السلمي بين طبقات المجتمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى