قال من هدى إلى النجدين “فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ”، وفي الكتاب المقدس ” بدافعٍ من غَيرته، قتل قايين أخاه، لكنّه لم يتمكّن من إخفاء عار جريمته عن الله” .
مشهد تقديم قربان، به يطلب الأخوان القربى من رب الزمان؛ مشاعر خبث خبيث منكرة، وأحاسيس شر للموت مستنفِرة . صاح في أخيه: لأقتلنك ، لتكون عن الحياة من المبعدين. ردّه المسكين: (إنما يتقبل الله من المتقين).
انظر إلى ساعتك قابيل ، سيرتد البصر إليك وهو حسير، أما زلت مصراً؟ وللشر مضمراً، أمك تستصرخك ، وإلى الخير تستحثك: أنت منيّ وهو منيّ، الماء واحد والرحم واحد والرب واحد.
اصمتي حواء، توسلك هراء، القدر نافذ ، وأنا له بحافز، فلما أنا أظل من الملعونين وعن الرحمة من المطرودين؟ لما لا يكون ابنك أيضا من الخاسرين؟ إيهٍ وبعزة رب الطائفين، سأهمز في أذنيه ليكون من الفاعلين. قابيل في كل زمان يتكرر، في هيئات مختلفة يتصور.
أما زلت مصراً ، وللشر مضمراً؟ إنه ميت وإنك ميت يا أيها الميت لا تقتل ميتا، الموت سيموت، وسيكون اللقاء ارحم أخاك، الغراب الآدمي ينتظر، دعه يولي الدبر، وكاميرا السماء معلقة، تستنسخ ما تعمل، تسجل ما تفعل، منذ بدء الخليقة حتى صناعة الساعة إلى يوم الساعة.
خرجوا كأنهم جراد منتشر، الجميع خرجوا، فكيف خرجوا؟ يُقال أن ماءً نزل من السماء رائحته كطلع النخيل، أنبت أجساد العدو والخليل، الماء واحد والرب واحد. خرج قابيل في جسد أحدب، إلى صورة حيوان ذليل أقرب، وهابيل يمتطي جوادا أصهب، التقت الأعين، والعين التي لا تنام ترقبهما؛ همس هابيل في أذن أخيه: ألم يقل أبونا آدم لك : انظر إلى ساعتك، ها هي قد حانت كما حانت ساعتي وساعة الجميع، لا تعتذر! فالكاميرا لم تعد تراقب، وقد قضي الأمر!