“تبييض أخير”.. قصيدة جديدة للشاعر كريم رضى
في مكان ما
على خارطة الطغيان
دار الكوكب المتفي
مشغولا بما قد كان عما سَيَكُونِّ
وتسولنا على بوابة المعنى
لعل المعدن الشاسع
يعطينا إذا ما رق
عقلا من جُنُونِّ
جاءنا الآمرُ كالطيف صباحاً
بالبشارات بتبييض السجونْ
ففرحنا وتخيلنا قدوم الحافلات الخضر كي تأخذنا للبيت
حيث النسوة الأطفال في لذتهمْ ينتظرونْ
ثم عاد الآمر النشوان
فجرَ الغدِ بالفرشاة والجردل
قوموا بَيِّضُوا
قمنا وصلينا وراء الآمر السكران
مأمومين
هبا نصبغً الجدرانَ من خمسين عام
نصبغ الجدرانَ من خمسين عام
ونغني
وهي تصفرُّ لكي ندهنها تصفرُّ كي ندهنها
حين نغني
كلما تصفرُّ والآمر تبيضُّ عليه لحيةٌ من سيليكونْ
كلما جئنا لكي ندهنـَـها
ماتَ وظل الصبغُ حياً
وأيادينا التي اعتادتْ على الدبغ
مضتْ دون اكتراثٍ تدهنُ النعشَ
وقام الآمرُ الميتُ يستفسرُ عن نوع الطلاءْ
فسكبنا فوقه كل الدلاءْ
وأجاب الأقدمُ المسجون منا “إنه نوع من الدم استعرناهُ من المخزن
هل تعرفُ ما لونُ الدماءْ؟”
قال ثغرُ الآمرِ المفتوح “هذا حسنٌ .. لكن”
فعاجلناه قبل النطق كي يكمل موتا طيبا
ورجعنا ندهنُ الجدران بالأحلام
جاء النسوة الأطفال للسجن
و ما عدنا ولا هم يفرحونْ