من أول تجربة بنك ناصر الاجتماعي في مصر وحتى اللحظة، مرورًا بتجربة بنك دبي الإسلامي والمجموعتين المصرفيتين العملاقتين ” البركة المصرفية ” و مجموعة دار المال الإسلامي ” القابضة لبنوك فيصل والإثمار “وانتهاء بالحالة المزرية التي تمر بها التجربة حاليًا، يطرح السؤال نفسه، هل انتهت التجربة المصرفية الإسلامية برحيل أحد أهم قطبين في الصناعة وهما الشيخ صالح بن عبدالله كامل مؤسس مجموعة البركة المصرفية، والأمير محمد الفيصل آل سعود مؤسس دار المال الاسلامي ومجموعة بنوك فيصل الإسلامية وشركة الإثمار القابضة؟
وهل سترحل التجربة برحيل اثنين من عمالقتها؟ وهل الأجيال الجديدة لا تؤمن بالفكرة ولا تؤيدها ولدرجة أن الكثيرين يعتقدون بأنها أصبحت عبئا ثقيلا على الأبناء بعد ان كانت بردا وسلاما على الآباء ؟ خلال الاعوام الأربعة الماضية فقدت الصيرفة الإسلامية اثنين من أهم أعمدتها، بل من اهم مؤسسي التجربة بعد ان ذاقا الامرين في سبيل أن يكون للصيرفة الإسلامية مكانا مرموقًا تحت سماء الصيرفة العالمية بمفهومها المعرفي الحديث.
لم يكن الابنين الشيخ عبدالله صالح بن عبد الله كامل والأمير عمرو الفيصل آل سعود متحمسان بما فيه الكفاية للتجربة على ما يبدو، بل ان ذلك قد اتضح جليا بعد وفاة الامير محمد الفيصل آل سعود رئيس مجلس المشرفين لدار المال الاسلامي ثم استقالة ذراعه الأيمن خالد يوسف جناحي الرئيس التنفيذي لمجموعة الدار بعد الخسائر المتراكمة التي منيت بها المصارف التابعة أبان الأزمة المالية العالمية في عام ٢٠٠٨.
حيث ترافق مع هذه الخسائر شائعات حول سوء الإدارة وفشل التصرف في الأصول وعدم الدراية الكافية والحكمة الغائبة في اطفاء الخسائر والتحول من المغامرة والمضاربة على العقار والمدن السكنية الجديدة الى الاحتراز وتنويع محفظة الاستثمارات، بعد ذلك ومثلما يشير احد المتابعين لهذه الحالة تحديدا ورفض التصريح باسمه منعًا للحرج أنه كان يمكن عدم بيع الوحدات الرابحة التابعة لدار المال الإسلامي، وكان يمكن المحافظة عليها مع اعادة هيكلة الوحدات الخاسرة.
إلا أن الجيل الجديد لم يتحل بالصبر الكافي لكي يقوم بهذه المهمة الشاقة في نظر الدماء الجديدة فبدأوا في عملية البيع المتسرع لينك الاثمار الى مصرف السلام البحريني ثم بيع ٢٨ بالمائة وهي كامل الحصة الاستراتيجية لشركة الاثمار القابضة في احد اهم البنوك التجارية بمملكة البحرين وهو بنك البحرين والكويت.
بالإضافة طبعا إلى العرض الحالي لبقية أصول شركة الإثمار الاستثمارية القابضة كأحد المعاقل المتبقية من التجربة، أما مجموعة البركة المصرفية فقد كان لترك رئيسها التنفيذي الخبير المصرفي البحريني الكبير عدنان بن أحمد يوسف بعد وفاة مؤسسها الشبخ صالح بن عيد الله كامل بشهور قلائل اكبر الأثر في اختفاء المجموعة من الساحة الإعلامية خاصة بعد ان تحولت من مصرف لديه اكثر من ٥٠٠ فرعا في اكثر من ١٦ دولة إلى شركة استثمارية يقال أن وحداتها سوف تعرض للبيع تدريجيا خلال الفترة القريبة القادمة.
ويذلك يصبح المسمار الباقي في نعش التجربة جاهز لكي يدلي بدلوه والصيرفة الإسلامية تستعد لتقبل العزاء من المحبين أو الشامتين رغم التاريخ الحافل لصناعة كانت ملء السمع والبصر طوال اكثر من ستين سنة ولكن اصر نفر قليل على أن يواريها الثرى بدلًا من أن يحافظ على إرثها التاريخي العريق، وعلي اول محاولة جادة لتطبيق الاقتصاد الاسلامي منذ الرسالة وحتى الآن .