“أحب الناس.. فأحبوه”..الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.. صوت المحبة

كان الشيخ عبد الباسط عبد الصمد واحدًا من أهم قراء الرعيل الأول، صاحب الحنجرة الذهبية، كان صديقًا حميمًا لكل الناس من خلال صوته الذي عانق قلوب الملايين فتعاقدوا معه على الحب الخالص لا أظن أن أي مسؤول أيا كان موقعه حرم لقاء ود مع قارئ العالم الأول ولا أظن أن معظم الملوك والرؤساء والشيوخ بالدول العربية الإسلامية قد فوت على نفسه فرصة بناء جسر صداقة مع الشيخ عبد الباسط الذي امتدت علاقته مع من خلال تلاوة القرآن إلى معظم دول العالم حتى الدول غير الإسلامية ولكن هناك المقربون من الأصدقاء الذين ارتبطوا معه بصداقة حميمة عميقة خالصة لوجه الله تعالى من هؤلاء الأصدقاء.. هكذا تحدث الكاتب أحمد همام في كتابه سفراء القرآن، وأضاف الآتي..

مع فضيلة الإمام الأكبر

إن المسافة بين القلوب العامرة بالإيمان والقرآن قصيرة قريبة إلى بعضها كقرب حبل الوريد من الإنسان وكأن القرآن يعاني كل القرآن داخل داخل القلوب المخلصة المعدة أذكى ما يكون العداد المطهرة وأنقى ما يكون التطهير وهذا ما حدث من صفاء ونقاء ووسيق علاقة بين الشيخ عبد الباسط وبين فضيلة الإمام الأكبر شيخ المسلمين والإسلام الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر والذي.

قال فضيلته كانت تربطني بالمرحوم الشيخ عبد الباسط صداقة عميقة خالصة لوجه الله تعالى ولقد سمعته ويتلو القرآن بطريقة مؤثرة في النفوس وكنت وقتها طالبا بالمرحلة الثانوية وكنا نجتمع أنا والزملاء يوم السبت من كل أسبوع للاستماع إليه في الراديو وكان بمثابة العيد الأسبوعي لنا جميعا ومرت الأيام حتى تخرجت وإن شاء الله عز وجل أن نتصادق ونتزاور ونجلس معا المجالس ألف ومدارس ومدارسة للقرآن وكنا نستفيد من مجالسة استفادة كبيرة لأنه كان على دراية كاملة بعلم التجويد ومخارج الحروف وكان رضي الله عنه وجهه دائما مليء بالبشر والتفأول وكان منفقا سرا وعلانية طيبا الخلق هادئ الطباع تغمره عزة القرآن

الشيخ عبد الباسط مع الملك محمد الخامس ورحلة المغرب

كان الملك محمد الخامس من أشد المعجبين بفن تلاوة الشيخ عبد الباسط وجمال صوته فتمنى أن يكون الشيخ عبد الباسط مغربيا ليقرأ أمامه القرآن صباحا ومساء فكان رد الشيخ عليه بأنه لا يترك مصر أبدا ما دام حيا لم يستطع ملك المغرب واستيعاب وجود الشيخ عبد الباسط المصري لكل المسلمين على اختلاف أجناسهم والوانهم كانت الصداقة بين الملك وبين الشيخ عبد الباسط قوية لأنها كانت خالصة لوجه الله يحكمها جلال وحب القرآن الكريم.

وكان الملك محمد الخامس واحدًا من أشد المعجبين بصوت الشيخ عبد الباسط وفن أدائه ودماسة خلقه وعزة نفسه وحبه لأهله ووطنه وخاصة عندما عرض عليه الإقامة الدائمة بالمغرب فاعتذر الشيخ بلباقة ورشاقة فأثنى الملك على أسلوبي رفضه.

وتعاقد الاثنان على الإخلاص والوفاء والود فصارت الصداقة صلة الرحم بينهما للدرجة أن الملك كان يتصل بالشيخ عبد الباسط يخبره موعد حضوره لزيارة مصر ليكون الشيخ عبد الباسط ضمن مستقبلية ويرافقه أثناء الزيارة ليتلو القرآن بالمساجد الكبرى مع حضور الملك ومن معه من ضيوف وبعد انتهاء كل زيارة كان الملك يتأثر تأثرا شديدا لأنه لم يستطع أن يقنع الشيخ عبد الباسط بالإقامة بالمغرب لينطلق صوته من قلب المملكة المغربية.

وبعد وصوله للمغرب فكر الملك في أن يكون تسجيلا كاملا للقرآن الكريم المرتل بطريقة ورش النافع بصوت الشيخ عبد الباسط ليضاف إلى التراث الديني الذي اعتز به الملك وجميع الشعب المغربي لم يتردد الشيخ عبد الباسط في قبول الدعوة وذهب المغرب على متن طائرة خاصة أرسلها له الملك لتحمل القرآن وقارئه إلى المغرب.

وبعد وصوله بيوم واحد طلب الشيخ عبد الباسط من الملك أن يرسل إلى الشيخ رزق حبه بالقاهرة لحضور المغرب استجاب الملك لرغبة الشيخ وأرسل إلى الشيخ رزق برقية تحمل معاني الفخر والتقدير والاعتزاز بحضوره للمغرب بناء على رغبة الشيخ عبد الباسط يقول الشيخ رزق خليل حبه وبدأ الشيخ عبد الباسط تسجيل وتوفير كل الشغل والوسائل التي تساعد على إنجاح هذا العمل الجليل.

معجزة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

وحدثت المعجزة التي أظهرت أن الشيخ عبد الباسط موهبة معجزة في آن واحد لأنه أنهى تسجيل النصح في كاملا في 11 يوما فقط مما جعلني أردد قول الله تعالى ما شاء الله لا قوه الا بالله وأقرأ المعوذتين ليحفظ القرآن ليحفظ الله بهما أهل هذا القارئ الفريد وبهذا يكون الشيخ عبد الباسط قد حقق إعجازا لأن طريقة ورش تحتاج إلى وقت وجهد وصبر لن يتحقق قبل ستة شهور على الأقل.

زيارات عبد الصمد المتعددة إلى دول العالم

بدأ الشيخ عبد الباسط رحلاته الإذاعية في رحاب القرآن الكريم منذ عام 1952 فانهالت عليه الدعوات من شتى بقاع الدنيا في رمضان وفي غير رمضان كانت بعض الدعوات توجه إليه ليس للاحتفال بمناسبة معينة، وإنما كانت دعوة للحضور إلى الدولة التي أرسلت إليه لإقامة حفل بغير مناسبة وإذا سألتهم عن المناسبة التي من أجلها حضر الشيخ عبد الباسط فكان ردهم بأن المناسبة هي وجود الشيخ عبد الباسط فكان الاحتفال به ومن أجله لأنه كان يضفي جوا من البهجة والفرحة على المكان الذي يحل به.

وهذا يظهر من خلال استقبال شعوب دول العالم له استقبالا رسميا على المستوى القيادي والحكومي والشعبي حيث استقبله الرئيس الباكستاني في أرض المطار وصافحة وينزل من الطائرة في جاكرتا بدولة أندونيسا قرأ القرآن الكريم بأكبر مساجدها فامتلأت جنبات المسجد بالحاضرين وامتد المجلس خارج المسجد لمسافة كيلو متر مربع.

ربع مليون مسلم يستمعون للشيخ عبد الباسط

فامتلئ الميدان المقابل المسجد بأكثر من ربع مليون مسلم يستمعون إليه وقوفا على الأقدام حتى مطلع الفجر وفي جنوب أفريقيا عندما علم المسؤولون بوصول بوصوله أرسلوا إليه فريق عمل إعلامي من رجال الصحافة والإذاعة والتلفزيون لإجراء لقاءات معه ومعرفة رأيه عما إذا كانت هناك تفرقة عنصرية أم لا من وجهة نظر فكان أذكى منهم وأسند كل شيء إلى زميله وابن بلده ورفيق رحلته القارئ الشيخ أحمد الزريقي الذي رد عليهم بكل لباقة وأنهى اللقاء بوعي ودبلوماسية.

أضافت إلى أهل القرآن مكاسب لا حد لها فرضت احترامهم على الجميع وكانت تلاوة الشيخ عبد الباسط تحدث تغييرا كبيرا في مجريات الأمور فترفع من الروح المعنوية للمسلمين هناك وتجعلهم يشعرون بالأمان والقوا لأنه كان صاحب موهبة استطاع من خلالها نقل كلام الله إلى عباده كما ينبغي أن يكون.

تفاصيل أول زيارة للشيخ عبد الباسط خارج مصر

كانت أول زيارة للشيخ عبد الباسط خارج مصر بعد التحاقه بالإذاعة عام 1952 زار خلالها السعودية لأداء فريضة الحج ومعه والده واعتبر السعوديون هذه الزيارة مهيئة من قبل الله فهي فرصة يجب أن تجني منها الثمار فطلبوا منه أن يسجل عدة تسجيلات للمملكة لتذاع عبر موجات الإذاعة لم يتردد الشيخ عبد الباسط وقام بتسجيل عدة تلاوات للمملكة العربية السعودية أشهرها التي سجلت بالحرم المكي والمسجد النبوي الشريف لقب بعدها بصوت مكة ولم تكن هذه المرة الأخيرة التي زار فيها السعودية وإنما تعددت الزيارات ما بين دعوات الرسمية وبعثات وزيارات لحج بيت الله الحرام.

ومن بين الدول التي زارها الهند لإحياء احتفال ديني كبير أقامه أحد الأغنياء المسلمين هناك فوجئ الشيخ عبد الباسط بجميع الحاضرين يخلعون الأحذية ويقفون على الأرض وقد حنوا رؤوسهم إلى أسفل ينظرون محل السجود وعينهم تفيض من الدمع يبكون إلى أن انتهى من التلاوة وعيناه تزرفان الدمع تأثرا بهذا الموقف الخاشع.

لم يقتصر الشيخ عبد الباسط في سفره على الدول العربية والإسلامية فقط إنما جاب العالم شرقا وغربا شمالا وجنوبا وصولا إلى المسلمين في أي مكان من أرض الله الواسعة ومن أشهر المساجد التي قرأ بها القرآن هي المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي والشريف بالمدينة المنورة بالسعودية والمسجد الأقصى بالقدس وكذلك المسجد الإبراهيمي بالخليل بفلسطين والمسجد الأموي بدمشق وأشهر المساجد بآسيا وأفريقيا والولايات المتحدة وفرنسا ولندن والهند ومعظم دول العالم فلم تخلوا جريدة رسمية أو غير رسمية من سورة وتعليقات تظهر أن الصورة تستحق التقدير والاحترام.

تفاصيل زيارة الشيخ عبد الباسط إلى الولايات المتحدة

زار الشيخ عبد الباسط عبد الصمد الولايات المتحدة عام 1967 وعام 1981 وعام 1987 حيث قرأ القرآن في معظم الولايات الأمريكية بدعوة من الجاليات المسلمة والمراكز الإسلامية وأسلم على يديه عشرات من أمريكيين تأثرا بصوته وأدائه وكثيرا ما بعث ممثلا مصر في المسابقات الدولية لقراء القرآن الكريم وكان المركز الأول من نصيبه ولم يتخلى عنه ولو لمرة واحدة مما جعل المسؤولين في كل أنحاء الدنيا يوجهون له الدعوة كمحكم بالمسابقات العالمية.

وأضيف أنه ذات مرة وكعادته حصل الشيخ عبد الباسط على المركز الأول في إحدى المسابقات العالمية التي حصل فيها أحد القراء الباكستانيين على المركز العاشر ولما استضافت الإذاعة القاري الباكستاني قال إنني سعيد بأنني نلت الشرف العظيم وكنت عاشر عشرة أولهم الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.

اقرأ ايضًا:

الشاعر البحريني على عمران: لم أعهد في الشعر شيئًا يسمى القصيدة النثرية (حوار)