نقاد يتحدثون لـ” مباشر 24″: الشللية النقدية والثقافية ساهمت في غياب تخصص الكتابة الأدبية

ثمة فريق ينحاز كل إنحياز للمبدع المتخصص فى كتابة جنس أدبى بعينه سواء فى الرواية أو القصة القصيرة أو الشعر أو حتي المسرح، وفريق آخر يرى بل وينحاز الى وجهة نظر مغايرة مفادها انه كلما كان المبدع له تجربته الخاصة فى عالم الإبداع كلما أمتد قلمه ولمست كلماته أجنس أدبية متعددة دون اقتصاره على جنس أدبى بعينه مثلما يرتشف النحل من الأزهر.. ما بين هذا وذاك نحاول ان نتعرف من المتخصصين البارزين فى حركة النقد الأدبى أي وجهتي النظر تقترب من الصواب.

امحمد زيدان: الشللية يمارسون ضغوطًا نفسية على الكتاب المتخصصين

من جانبه، قال الدكتور والناقد محمد عبد الباسط زيدان، الفائز بجائزة الدراسات الإنسانية بمسابقات الدورة 54 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب عن كتاب “«نظرية المجاز في الشعر المعاصر”، الصادر عن هيئة الشارقة للكتاب، إن المشكلة التي تمر بها الكتابة الأدبية الآن إن هناك أعدادًا كبيرة ممن تجرؤوا على هذا النوع من الكتابة، حتى ممن هم داخل الوسط، فنجد على سبيل التمثيل في موضوع النقد الأدبي أن غير المتخصصين هم أكثر جرأة على النقد من غيرهم.

وأكمل: بالإضافة إلى أنهم يصنعون أحيانًا ما يشبه الشلل النقدية، أو الشلل الثقافية، وحدث هذا في تاريخ الثقافة المصرية عند أجيال معينه، بل لم يكونوا يكتبون إلا عن بعضهم البعض، وتكون أحيانًا آراؤهم وأفكارهم بمثابة القواعد النهائية في التخصص، وبالتالي، لا تستطيع أن تواجههم. وهذه الجرأة تنبع من عدة أسباب:أولاً: سهول النشر من خلال وسائل الاتصال، ثانيًا: كثرة المنتديات الأدبية الوهمية، ثالثًا: تذرعهم بالمؤسسات الثقافية أحيانًا.

ويرى إننا نعود إلى عهود مضت فيما يخص الكتابة الأدبية، والتي كانت متاحة أمام مهن متعددة، وبالطبع لا ننسى دور الموهبة، ربما المبالغة في الموهبة أحيانًا تكون سببًا من أسباب المشكلة؛ انظر إلى الألقاب التي يمنحها المثقفون لبعضهم البعض، هي الأخرى جزء من المشكلة الرئيسية.

وأكمل: تصبح هذه الأسباب بعض أدوات المرور إلى الثقافة أحيانًا، ولذلك معظم أو نصف من يكتبون النقد الأدبي الآن من الهواه أوغير المتخصصين، حتى وإن كانوا من كبار الكتاب، وعليهم أن يضعوا مثل هذه الكتابات في موضعها، على اعتبار أنهم بمثابة الموجهين للجماعة الثقافية، وحتى كتاب مصر العظام عندما كان الواحد منهم يخرج عن مجال كتابته، لم يكن يسمي مايكتب نقدا، مثل يحىحقي، وإحسان عبد القدوس، ونجيب محفوظ، وغيرهم.

وأشار إلى أن هذه الشلل أحيانا يمارسون ضغوطًا نفسية وإنسانية كبيرة على الكتاب المتخصصين، ويقدمون بعضهم البعض في الندوات والمؤتمرات الصحفية، والبعض من أصحاب المواهب الإبداعية في القصة والشعر، يمارسون دور الناقد أو دور النقد المتخصص، وخطورة هذا التمثيل أنه يعطي لنفسه مجموعة من الأدوات النقدية التي تمنح بعض الكتَّاب جوازات المرور، فتجد الكثيرين يعتمدون على شرح النصوص والتعليق عليها.

لدرجة أن أحدهم يكتب ثلاث أو أربع صفحات وهو يفسر العنوان، ويدخل في أبواب من المعرفة السطحية التي لا تنتج إلا بعض المسلمّات البسيطة في عالم الكتابة، ومن هنا، يصبح لهذا النوع من الكتابات النوعية شرعية بمرور الأيام، لدرجة أنهم يستغربون من الكتابات النقدية التي تصدر عن النقاد حين تطل عليهم، بل ربما تكون هذه الكتابة بمثاة عدو هم الأول.

الدكتورة مروة مختار: الإلحاح على تنصيف الأجناس الأدبية امتد إلى الكتاب أنفسهم

من جانبها قالت الدكتورة مروة مختار، الناقدة الأدبية ومديرة مركز الدراسات الثقافية، إن الإلحاح على فكرة تنصيف الأجناس الأدبية امتد إلى الكتاب أنفسهم، ومبعثه سيطرة التنصيف على عقولنا وطغيانه تحت فرضية أراها غائمة إلى حد ما وهى التخصص فى الكتابة الإبداعية .
وأضافت قائلة :” مبدئيا علينا أن نؤمن بفكرة بينية العلوم بشكل عام والفنون بشكل خاص، وندرك مدى تلاقح الفنون مع بعضها ؛لأن وعيي المبدع لا ينطلق فى الأساس من فرع أدبي بعينه دون آخر لكن تتداخل الفنون فى تشكيله؛الموسيقى والمسرح والسينما والشعر والقصة والرواية والفنون التشكيلية،ويمكن أن نقول إن هناك تأثير لفن أكثر من غيره بدا واضحا فى كتابته.

وأوضحت أن هذا التكوين المتعدد قد يظهر فى رواية أو قصة قصيرة أو لوحة فنية، وقد تتعدد الروافد داخل فن واحد ،فعلى سبيل المثال نحن نبحث داخل الشعر قديمه وحديثه عن السرد والقصص ،فالباحثون كتبوا عن السرد فى القصيدة القديمة وكتبوا عن الدراما فى شعر التفعيلة، واللغة التى تكاد تقترب من الشعر التى تكتب بها بعض الروايات إيماء إلى تكثيفها وصورها ولغتها ،ومن ثم يتابين كل مبدع عن غيره وتظهر قدراته الفنية التى تصنع بصمته المتفردة.

وتابع: وهنا يأتى تداخل الفنون و تداخل الأجناس الأدبية ،هذه الاجناس وتداخلها مازالت مبعث قلق لدى بعض النقاد الذين يبحثون عن ” التخصص ” فى الإبداع والحقيقة أنه جمال يضاف للإبداع وصاحبه بعيدا عن فكرة القولبة”.

وتابعت، نأتى إلى فكرة الكتابة والتحول من لون الى آخر، فإن هذا التداخل ربما كان تمهيدا للانتقال من لون إبداعى الى آخر ودعنى اذكرلك شيئا أطبقه من سنوات طويلة، وهو أن النص يستدعى منهجه ويستحضر مداخل القراءة الخاصة به،ولا يعنف او يكبل ليقبل منهجا بعينه، فمابالنا بالابداع فالفكرة تأتى وتستحضر شكلها معها.

ونوهت بأن الابداع يستدعى الشكل الفنى الذى سيخرج في قصيدة قصة قصيرة رواية لوحة فنية ،وهنا يتحول الكاتب من لون الى آخر وعلينا أن نبحث فى فنيات العمل الابداعى وجمالياته ولانرفع راية التخصص فى وجهه لانه سيستمر اذا نجح وتقبل المتلقى عمله ،أكرر مايهمنى فنية العمل الابداع لا التخصص.

وتسائلت قائلة :هل باستطاعتى أن اقول للاكاديمي او الباحث بشكل عام فى اى تخصص، عرف به اولا لماذا تكتب الشعر او الرواية وتخصصك كذا، من وجهة نظرى لا،المهم ماذا يكتب وكيف يكتب،ربما توفرت له بسبب تخصصه الدقيق مجالات للقراءة لم تنفتح لغيره ،هنا أنا أعول على الموهبة وجودة الصنعة كما يقولون ثم أقول رأيي بعد ذلك،دعنا ننشغل بالفن والإبداع لا التصنيف.

وقالت فى الوقت نفسه أرحب بكل من اختار فنا بعينه وكرس حياته له تطويرا وإبداعا، وربما احتاج الى جانبه كتابة المقالة او اى كتب اخرى اختار شكلها بنفسه لتعبر عن تجربته.

وأختتمت قائلة، دعنا نرحب بالكتابة الحلوة وننظر بمزيد من الانفتاح لها، مع الايمان باهمية الجودة لا الكثرة، الابتكار لا التكرار ،نبحث فى الفن بقلب فنان وعقل باحث يقظ .

الناقد صلاح غازي: تراجع أداء الجامعات السبب وراء غياب التخصص فى الكتابة الأدبية

وقال الدكتور والناقد محمد صلاح غازي، إنه تراجع أداء الجامعات السبب وراء غياب التخصص فى الكتابة الأدبية مثلما كان سائداً من قبل، مشيراً إلى ان الجامعات التى أخرجت أحمد لطفى السيد، والدكتور طه حسين، والدكتورة سهير القلماوى، ونجيب محفوظ لم تعد هى نفس الجامعات اليوم، فضلاً عن تدنى مستوى اللغة العربية فى مراحل التعلم ما قبل الجامعى والتى تعد المراحل التأسيسية للمهتمين بالآداب.

وأضاف “غازى”، أن العولمة بما تحمله من لغات مثل اللغة الإنجليزية التى يقدم خلالها الأدب على المستوى العالمى والمعرفة الحديثة المتصلة بالسياق الكوكبي تعد من بين الأسباب وراء تلك الظاهرة، إضافة الى حالة من الضعف يشهدها السياق الاجتماعى والثقافى فى المجتمع المصرى والمجتمع العربى تعد أيضاً من الأسباب؛ وابرز علامة على ضعف اللغة العربية تدني والانحطاط اللغوي لأن اللغة تعد إنعكاساً لحالة المجتمع؛ وهو ما يشكل انذاراً خطيراً بولوج المجتمع نحو المخاطر.

اقرأ ايضًا:

«بكباشي يعمل علينا ريس».. تفاصيل تمرد عدلي لملوم ضد قوانين ثورة يوليو