كيف تغزل الشعراء بقصائدهم في شهر رمضان

كتب: السيد خليفة 

لم يترك الشعر ولا الأدب العربي على مر العصور موضوعاً “مكان، زمان” إلا وقد تناوله، وقد كان لشهر رمضان المبارك حظاً من تلك الأشعار التي سطرها التاريخ إلى يوماً هذا، فكان الشعراء يمدحون الشهر الفضيل في قصائدهم ويفرحون بقدمه وظهر ذلك من خلال كتابتهم عن الشهر الكريم.

موقف للقصائد عن شهر رمضان أمام سيدنا عمر خليفة المسلمين 

وتذكر كتب التاريخ أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد جمع المصلين للمرة الأولى في صلاة التراويح خلف إمام واحد في العام الثاني من خلافته، فقال أحد الشعراء آن ذاك:

جَاء الصيِامٌ فجاء الخيرُ أجمعه

ترتيلٌ ذِكر وتحميد وتسبيحُ

فالنفسُ تَدأب في قول وفي عمل

صَوم النهارِ وبالليلِ التراويحُ.

قصدة رمضان ولى 

وكان للأمير الشعراء أحمد شوقي دوراً بارزاً حيث كتب قصيدة تناول فيها حال بعض الناس مع شهر رمضان فقال:

رَمَــضــانُ وَلّى هــاتِهــا يــا سـاقى

مُــشــتــاقَــةً تَــســعـى إِلى مُـشـتـاقِ

مــا كــانَ أَكــثَــرَهُ عَــلى أُلّافِهــا

وَأَقَــــلَّهُ فــــي طــــاعَـــةِ الخَـــلّاقِ

اللَهُ غَــفّــارُ الذُنــوبِ جَــمــيـعِهـا

إِن كــانَ ثَــمَّ مِـنَ الذُنـوبِ بَـواقـي

بِـالأَمـسِ قَـد كُـنّـا سَـجـيـنَـي طـاعَةٍ

وَاليَــومَ مَــنَّ العــيــدُ بِـالإِطـلاقِ

ضَـحِـكَـت إِلَيَّ مِـنَ السُـرورِ وَلَم تَـزَل

بِــنــتُ الكُــرومِ كَـريـمَـةَ الأَعـراقِ

هـاتِ اِسـقِـنـيـهـا غَـيـرَ ذاتِ عَواقِبٍ

حَــتّــى نُــراعَ لِصَــيــحَــةِ الصَــفّــاقِ

صِــرفــاً مُــسَـلَّطَـةَ الشُـعـاعِ كَـأَنَّمـا

مِــن وَجــنَــتَــيــكَ تُـدارُ وَالأَحـداقِ

حَــمــراءَ أَو صَــفـراءَ إِنَّ كَـريـمَهـا

كَــالغــيــدِ كُــلُّ مَــليــحَــةٍ بِـمَـذاقِ.

قصيدة رمضان يا حلو الشمائل 

وكتب الشاعر أحمد زكى أبو شادي قصيدة في ديوانه “مصر” رمضان يا حلو الشمائل وكانت كلماتها على النحو التالي:

رمضان أقبل يأولي الالباب فاستقبلو الشهر بعـد طول غياب

عام مضى من عـ ـمرنا في غفلة فتنبهوا فالعمر ظلّ سحاب

وتهيؤوا لتصبر ومشـ ـقة فأجور من صبروا بغير حساب

الله يجزي الصـ ـائمين لأنهم من أجله سخروا بكل صعاب

ووقاهم المولى بحر نهارهـ ـم ريح السموم وشر كل عذاب

وسقوا رحيق السلسـ ـبيل مزاجه من زنجبيل فاق كل شراب

هذا جزاء الصائمـ ـين لربهم سعدوا بخير كرامـ ـة وجناب

لصـ ـوم جنة صائم من مئثمً ينهى عن الفحشـ ـاء

والأوشاب الصوم تصـ ـفيد الغرائز جملة وتحرّر من ربقة برقاب

ما صام من لم يرع حق مجـ ـاور وأخوة وقرابه وصحاب

ماصـ ـام من أكل اللحـ ـوم بغيبة أو قـ ـال شرا أو سعي لخـ ـراب

ما صام من قال شـ ـهادة كاذبً وأخل من الأخلاق والآداب.

قصيدة إلى السماء تجلت نظرتي

ويقول الشاعر عبدالملك عوض الخديدي عن شهر رمضان:

إلَى الســـماءِ تجلت نَظــرَتي وَرَنـت وهللَت دَمعــتِـي شَــوقـاً وَإيمــانَـا

يُســبح اللهَ قلبـي خَاشـعـ ـاً جذلا وَيمـ ـلأ الكـ ـون تَكـبـ ـيـراً وسُبـ ـحَانَـا

جـزِيت بالخير من بشـرت محتـ ــسبا بالشـهرِ إذ هلــت الأفـراح ألـ ـوانَـا

عَام توَلى فَعَـ ـادَ الـشهـرُ يَطلُبُنَا كَأننـا لَم نَكَـنْ يَوماً

ولاَ كَانَـ ـا حَفَّتْ بِنَا نَفْحَةُ الإيمَـ ـانِ فارتفعَـ ـتْ حرَارَةُ الـشَّوقِ فِي الوِجدَانِ رِضـ ـوَانَا

يَا بَاغيَ الخَير هَذَا شَهـ ـر مَكرمَـة أقبِل بِصِـ ـدق جزَاك اللهُ إحسانا

أقبـ ـل بجـود وَلا تبخـ ـل بنافلة واجعَل جبينك بالسجـداتِ عنـ ـوانـا

أعط الفرائـ ـض قدراً لاتضـر بِهـا واصدع بخير ورتـل فيه قرآنا

واحفط لسانا إذا ما قلت عن لغظ لا تجرح الصوم بالألـفـاظ نسـ ـيانا

وصَدق المـ ـال وابذل بَعـ ـضَ أعْطِية لن ينقص المال لَو أنفقت إحسانا

تمرة فِـي سبيل اللَّـهِ أروَت فؤادا مِنَ الرمضاء ظَمآنا

وَلـ ـيلَة القدر مـا أدراك مَـا نعم فِي ليلة قدرها ألف بدنيانا

أوصيـك خـ ـيراً بأيام نسافرها فِي رحلة الصوم يحيا القلب نشونا

فَأول الشهر قد بدأ بمغفرة بأس الخلائق إن لم تلق غفرانا

وَنِصْفه رَحْمـة للْخَلْـقِ ينشرها رَبُّ رَحِيم عَلى مَن صام حسانا

وَآخِرُ الشَّهْر عتْق مِـنْ لَهَائبها سَوْدَاء مَا وَفرت إنسا وشيطَانا

نَعُوذُ باللهِ مِـنْ أعْتتب مَدْخلها سُكْنـ ـى لِمَن حَاقَ بالإسْلاَم عدْوَانا

ونسـ ـأل الله فِي أسباب جنـ ـته عفوا كريما وأن يرضـى بلقـ ـيانا.

قصيدة رمضان كم هامت بك الأقلام

رمضان كم هامت بك الأقلام

واستبشر الضعفاء والأيتام

حيث القلوب مع الصيام

يسودها نبل العطاء يحفّها الإلهام

وترى المحبة تزدهي

وبفضله تتقارب الأبعاد والأرحام

وإلى الإله تضرّعاً ومخافةً

تعلو الأكفّ وتلهج الأفهام

صوموا تصحّوا قالها خير الورى

هذى البساطة شِرعةٌ ونظام

من يبتغي أجر الصيام بشهره

يحنو لقوم عامهم قد صاموا

ولسانه لا يذكرنَّ به أذى للآخرين

ليستقيم ختام ويكفّ ما يسطيع

عن نزواته بصراً يزيغ ويستباح حرام.

إقرأ أيضا.. ظهر في عهد “خوشقدم”.. حكاية أول مدفع إفطار في مصر