«قرأ عليه آيات الذكر الحكيم».. حكايات الشيخان محمود البنا والشعراوي
كان الشيخ البنا حكيما في اختيار الأصدقاء وكان قلبه يهفو إلى العقلاء والأوفياء المخلصين ولأنه كان ينشد العقل الرشيد والقلب الكبير وجدهما في فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي فاختاره الشيخ الشعراوي صديقا بقلبه الملهم الذي دخله الشيخ البنا من أوسع أبوابه وكان الحديث بينهما شجيا واللقاء مفيدا لأنه كان من أجل القرآن وأهله وقليلا ما كان الحديث في أمور شخصية يريد كل منهما أن يطمئن على أخيه صحيا وعائليا ولهذا الحب الربانى تعلقت روح الشيخ البنا وتاقت نفسه إلى رؤية صديقه قبل أن يحملها نور القرأن عبر الملائكة إلى السماوات العلى.
طلب الشيخ البنا
طلب الشيخ البنا رؤية الشيخ الشعراوي ليلقي كل منهما النظرة الأخيرة الصادقة على صديقه ليتعاقد الاثنان على أن يحضر الشيخ الشعراوي تكريم جثمان الشيخ البنا ويكون آخر ما يتلى من قرآن على جثمان الشيخ البنا بلسان وقلب الشيخ الشعراوي لم يعلم الشيخ الشعراوي عن طريق البشر بطلب صديقه الشيخ البنا ليراه قبل أن يرحل ولكنه ناداه نداء عمر لساريه كان الشيخ الشعراوي يسجل خواطره بالبحر الأحمر بينما الشيخ البنا يرقد بالمستشفى بالقاهرة وفجأة طلب الشيخ البنا رؤية صديقه الشعراوي فقيل له إنه بالبحر الأحمر وهذا مكان قصي فقال الشيخ البنا إنه وصل الآن وفعلا وجدوه بمنزله فأبلغوه فحضر المستشفى وكأن الله أسمعه النداء الخفي فحضر الإمام فورا وجلسا في مكان سويا ولم يتمالك الإمام وراح يجهش بالبكاء الدمعة تدفع أختها وكأن القلب يقول إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا محمود لمحزونون.
وصيته للشعراوي
أوصى الشيخ البنا الشيخ الشعراوي بحضور تشييع جنازته فلم يرد عليه الإمام إلا بقول الرحمن (إنا لله وإنا اليه راجعون) وفاضت روح الصديق إلى خالقها وشيعه صديقه إلى مثواه الأخير وعاد الشيخ الشعراوي من شبرا باص إلى القاهرة يسترجع شريط الذكريات ويتمتم بكلمات شعراوية لا تخرج عن قوله اللهم اجزه عن كل حرف تلاه من القرآن حسنة واجعل القرآن له نورا يمشي به حيث لقائك اللهم اعطه نورا يستطيع أن يمشي به داخل نورك الذي لا يقوى على الرؤية فيه إلا من يضاء له نور من نورك لأنه لا يقوى على نورك إلا نورك، حسبما ذكر أحمد همام في كتابه “سفراء القرآن”.