«ضرب رأسه بالحائط».. القصة الكاملة لاستبدال أحمد زكي بعادل إمام في فيلم الحريف

في كتابه الذي صدر في ثلاثة أجزاء عن دار الهالة للنشر والتوزيع تحت عنوان ” حكايات مصور سينما.. الغريب والخفي أثناء عمل الأفلام ” يحكي مدير التصوير الشهير سعيد شيمي العديد من الحكايات المتعلقة بالمفكرين والكتاب والسينمائيين.

سعيد شيمي

يقول سعيد شيمي:” قررنا نحن الأصدقاء، نادية شكري- المونتيرة، ومحمد خان؛ وعاطف الطيب- المخرجان، وبشير الديك- السيناريست، وسعيد شيمي- المصور؛ أن نكوِّن شركة (الصُحبة)، وننتجَ فيلمًا عن فكرة وإخراج خان، وسيناريو وحوار بشير، ومونتاج نادية، وتصوير سعيد، وإدارة الإنتاج عاطف الطيب.

(الحريف) قصة عن لاعب كرة شراب الشوارع، مستوحاة من سيرة حياة لاعب مشهور يُسمَّى سعيد الحافي.

كنا نجتمع في مجمع المونتاج بالهرم مقر عمل نادية شكري تقريبًا يوميًّا، فهذا مقر لنا، ولا مانع أن نجلس في شمس الشتاء هناك نرى خلق الله من السينمائيين، وبالذات المخرج الظريف أحمد فؤاد؛ الذي يضع نفسه على قمة كل مخرجي مصر، وأي شخص مخالف لرأيه فهو لا يفهم في السينما. أحمد فؤاد كان من أظرف وأطيب الشخصيات السينمائية التي يمكن أن تقابلها في حياتك!.

أحمد زكي

بعد أن استقر شكل السيناريو واتجاهات مصادر السُلَف التي سنحصل عليها من الداخل والخارج والفيديو- رشح خان الممثل أحمد زكي ليلعب الدور، خان له فضل كبير على أحمد، حيث أعطاه أول بطولة مطلقة في فيلمه (طائر على الطريق) بجانب فريد شوقي وفردوس عبد الحميد وآثار الحكيم، حضر أحمد وأخذ السيناريو، وتقابلنا من بعد، وتكلم كثيرًا أحمد في دوره واقترح على خان شكل تسريحة شعر معينة للشخصية، لكن خان قال له: «أنا شايف الشخصية، لا يجوز أن تهتم بشعرها كما تريد، أنت يا أحمد بتفكر في شكلك، وأنا بفكر في كيف تكون وتتصرف الشخصية»

في اليوم الثاني حضر أحمد زكي إلى مقرنا في مجمع المونتاج وقد سرّح وهندس شعره كما يريد وضرب بكلام المخرج خان عرض الحائط، وعندما شاهده خان نظر إليه مليًّا ثم قال في هدوء شديد: «يا أحمد، إنت كده مش عاوز تعمل الفيلم» وتركنا خان وخرج.

فتاة المصنع

خان من المخرجين الذين يتمسكون برؤيتهم ويخدم فنه، ولا يفرض أي ممثل رأيه عليه، وبقي هكذا إلى آخر عمره، ففي فيلم (فتاة المصنع) كان الدور لروبي التي حضرت مرارًا وتأقلمت على الدور، وقبل التصوير بعدة أسابيع طلبت من خان أن تصوّر فيلمًا آخر في نفس وقت تصوير فيلم (فتاة المصنع)، وهذا لا شك سيؤثر على إنتاج الفيلم مادِّيًّا، فرفض خان ذلك تمامًا، واستبدلها بممثلة شاهدها في دور صغير في التليفزيون وأُعجِبَ بها: ياسمين رئيس.

ذهب فيلم (الحريف) إلى النجم عادل إمام، وفي اعتقادي من أحسن أدواره كممثل درامي رائع، لكن الفيلم لم ينجح تجاريًّا لأن جمهور عادل إمام لا يحب أن يراه منكسرًا.

ضرب رأسه بالحائط

لنعد مرة أخرى إلى أحمد زكي… انتهى تصوير الفيلم، ودخل مرحلة المونتاج، وفي يوم مررت على المونتيرة نادية شكري فوجدت عندها أحمد زكي يتصفح ألبوم فيلم (الحريف)، كانت معي كاميرا، ولا أعلم لماذا. (هل ممكن حد طلب مني أصوّره؟) الحقيقة لا أتذكر! المهم صوّرته متلبسًا بالفرجة. كانت علاقتنا جميعًا كأصدقاء ومحبين لبعض، طلب أحمد من نادية أن يشاهد اللقطة التي في الألبوم على الميفيولا، وفعلا نادية أدارت الجهاز وشاهد اللقطة، وبعد ذلك ترك مكانه بجوار نادية واتجه إلى باب الغرفة ممثِّلًا الزعل والبكاء وضرب رأسه في الحائط، فأخذنا نضحك ثلاثتنا.

اقرا أيضًا..

«أخرج جنيها كاملًا لكي ينفي عنه تهمة البخل».. حكايات المفكر توفيق الحكيم