“جرائم التعدى على الأراضي الزراعية”.. كتاب يرصد تاريخ مخالفات الفلاحين في عهد الدولة الحديثة

شهدة المرحلة التي نحن بصدد دراستها الكثير والتغيرات السياسية والأقتصادية والأجتماعية مما كان لها أثرها البالغ على الريف المصري بصفة عامة والفلاح بصفة خاصة حيث تدور الدراسة حيث حول المجتمع الريفي والمشاكل المحيطة بهذا المجتمع والتي تتمثل في ثلاثة محاور.
وهي الذراعة من حيث خصوبة التربة والري والفيضانات الفلاح وأخيرا الأنتاج وقد تعرض الفلاح المصري للقهر والظلم مما كان له اكبر الأثر عليه في ظهور بعض الجرائم مثل السرقة وحرق المحاصيل وتسميم المواشي وغيرها من الجرائم التي تعرض لها الريف المصري.
وكان لهذه الجرائم أثرها على الريف والأقتصاد المصري بوجه عام مما دفع الحكومة إلى التدخل بإصدار بعد التشريعات للحد من هذه الجرائم، كلمات بدأت بها الكاتبة مروة رفعت صالح كتابها الجديد ” جرائم التعدى على الأراضي الزراعية وهدر موارد المياه” الصادر عن الهيئة العامة للكتاب.
وقالت الكاتبة ترجع اهمية الدراسة كونها تبدأ من عام 1805 حيث شهد دخول مصر مرحلة جديدة من تاريخها الأقتصادي والأجتماعي والسياسي وتنتهي بعام 1914 ونهاية الفترة الزمنية التي تعالج الدراسة خلالها الجرائم التي انتشرت في الريف المصري بصفة عامة والارض الزراعية بصفة خاصة.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الدراسة كانت رسالة ماجستير من قبل وقد قسمت الدراسة تقسيما منهجيا موضوعيا حيث اشتملت على تمهيد واربعة فصول وخاتمة جاء التمهيد بعنوان الريف المصري في القرن الثامن عشر وفيه يتم إلقاء الضوء على تدهور أحوال الريف في مصر وتأخر الحياة الأقتصادية مما أثر على حياة الفلاحين.
بالإضافة إلى نظام حياة ذات الأراضي الذي كان له أثره على الفلاح والريف المصري والأعباء الملقاة على الفلاح مرورا بالحملة الفرنسية حتى تولي محمد علي حكم مصري أما الفصل الأول فقد جاء بعنوان مشروعات التنمية الزراعية في الريف المصري في القرن التاسع عشر.
ويتناول الكتاب المشروعات التي قام بها محمد علي لتحصين الزراعة وأكملها من بعده خلفائهم مرورا بالإحتلال البريطاني حتى الحرب العالمية الأولى ومنها مشروعات الريف والصرف وتطور الألآت الزراعية وإدخال زراعات جديدة وغيرها من مشروعات التنمية الزراعية .
وجاء الفصل الثاني بعنوان دوافع الجرائم في الريف المصري في القرن التاسع عشر ويتحدث عن الأعباء الملقاة على الفلاح من نظام الإحتكار والضرائب الكثيرة وأنواعها وسوء معاملة الحكومة للفلاحين بالإضافة لإرتفاع الأسعار والسخرة والتجنيد وسوء توزيع الثروات وغيرها من الأعباء التي أثرت على حياة الفلاح المصرية.
وتناول الفصل الثالث جرائم الفلاح في الريف وأثرها على الأرض والإنتاج ويتعرض إلى بعض الظواهر التي انتشرت في الريف المصري وكانت تعدها الحكومة جرائم يعاقب عليها القانون مثل التسحب والإعتداء على رجال الادارة وحرق وإتلاف وسرقة المحاصيل بالاضافة إلى تسميم المواشي وغيرها من الجرائم التي أثرت على الأرض الزراعية وأضرت بالإنتاج وكانت هذه الجرائم رد فعل من جانب الفلاح تجاه سياسة الحكومة.
أما الفصل الرابع في عنوانة موقف الادارة من الجرائم في الريف المصري وتم تخصيصه لدراسة موقف الادارة تجاه إنتشار العديد من الجرائم في الريف المصري حيث أصدرت بعض اللوائح والقوانين للحد من إنتشار هذه الجرائم.
وأما الخاتمة فتناولت أهم ما توصلت اليه الدراسة من نتائج وقد أعتمدت الدراسة بالدرجة الأولى على وثائق المعية السنية وديوان الخديوي ووثائق عابدين ومجلس الوزراء ومجلس الأحكام والكثير من الوحدات الارشيفية التي إمتدت الدراسة بالكثير من المعلومات.
وفى الفصل الأول المعنون بـ”مشروعات التنمية الزراعية في الريف المصري في القرن الـ 19، قالت الكاتبة: كانت الزراعة دائما أهم موارد الثروة المصرية ولها المكانة الأولى في الإقتصاد القومي وحيث أن ثروة وغني أهالي مصر منوط بتقدم زراعتها وحراستها إذا كان الإهتمام بها والعمل على تطويرها والنهوض بها من أولى المسائل التي شغلت حكام مصر في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، فتطورت خلال هذه الفترة تطورًا ظاهرًا.
وقد بذلت جهود كثيرة تطوير الزراعة في العملية الإنتاجية في الأرض والنيل والإنسان ثلاثيا ضرورية في عملية الإنتاج الزراعي ولابد من تكاملها وتآلفها حتى تتم العملية الإنتاجية على أحسن وجه ففي مجال الأرض الزراعية شهد القرن التاسع عشر تغييرات جذرية في مجال حيازتها إنتهت بإقرار حقوق الملكية الكاملة لحائزيها في العقد الأخير من القرن التاسع عشر.
أما النيل وهو الذي أوجد مصر من العدم فهو كنز ثمين ستستفيد منه الادارة الحازمة ويذهب ضياعا بتفريط الإدارة سيئة المتراخية قصيرة النظر، وأن ما يصيب البلاد من عسر أو يسر يرتبط بمدى السيطرة على النيل وكبح جماحه بالحد من خط وره فيضانهم وتنظيما الإستفاده بمياهه إلى أقصى درجة ممكنة.
وحين تولى محمد علي حكم مصر أدرك أهمية الزراعة بإعتبارها العنصر الأساس في الإقتصاد المصري وقد عمل جاهدًا على تطوير أساليب الزراعة والإستفاده من التقدم العلمي في مجال الزراعة التي شهدته أوروبا ونقله إلى مصر حتى يتسنى له الحصول على أعلى زيادة إنتاجية للأراضي الزراعية.