«تقدم 9 مرات للإذاعة».. أيام من حياة الشيخ الطبلاوي

يعد الشيخ محمد محمود الطبلاوي أكثر القراء تقدما للالتحاق بالإذاعة كقارئ بها فقد تقدم تسع مرات للإذاعة ولم يأذن الله له وفي المرة العاشرة اعتمد قارئا بالإذاعة بإجماع لجنة اختبار القراء وأشاد المختصون بالموسيقى والنغم والانتقال من مقام موسيقي إلى مقام آخر بإمكاناته العالية.

وحصل على تقدير الامتياز وكانت اللجنة منصفة في ذلك الوقت، إنه القارئ الوحيد الذي اشتهر في أول ربع ساعه ينطلق فيها صوته عبر الإذاعة، من ينكر هذه الشهرة التي عمت أرجاء مصر والأمة العربية والإسلامية بعد انطلاق صوت صاحبها بعشر دقائق فقط؟.

الشيخ الطبلاوي سجل الرقم القياسي من حيث سرعة الشهرة والصيت والانتشار وكأنه أراد أن يتحدث إلى من يهمة الأمر بلغة قرآنية وإمكانات صوتيه فرضت على الدنيا اسما جديدا أراد أن يترجم الصبر إلى فعل وعمل فحقق من الشهرة خلال نصف ساعة ما لم يحققه غيره في 30 عاما لأنه صبر تسع سنوات.

اعتماد الشيخ الطبلاوي

فمنذ عام 1961 وحتى 1970 والشيخ الطبلاوي يلاطم الأمواج وينحت الصخر ويجتهد في تنفيذ كل ما يسدى إليه من نصائح كل عام من قبل أعضاء اللجنة وخاصة الموسيقيين وكأنهم أرادوا أن يكون هذا القارئ مكتمل الإمكانات حتى يقال إنهم قدموا للاذاعة مفاجاة في زمان عزت فيه المفاجآت وصدقت توقعاتهم ولم يخب ظنهم.

واعتمد الشيخ الطبلاوي قارئا مشهورا بالإذاعة فقام بتسجيل أكثر من تلاوة قصيره قوبلت كلها بالإعجاب والاستحسان من القاعدة العريضة من ملايين المستمعين وأصبح حديث الناس جميعا على اختلاف أشكالهم وثقافاتهم ولأنها شهرة غير عادية أصبح ظاهرة تستحق الدراسة بعد أن استحقت التقدير والاحترام فأطلق عليه الناس ظاهرة العصر وصار مضرب الأمثال بين كثير من الناس وخاصة على كل شيء ضخم وشامخ الطبلاوي حتى السفينة في عرض البحر والجبل في الصحراء والمانع الحاجز بين الماء كل هذه الأشياء.

سمعت بأذنى من أطلق عليها الطبلاوي لضخامة شهرة هذا الرجل واتساعها وتفوقها حتى على نفسه وإن دل هذا على شيء إنما يدل على نجاحه وتعلق القلوب به وهكذا يكون دور الإذاعة المفضال لتكون كعادتها وكعهد الناس بها صاحبة الفضل الأكبر في توصيل موهبة القارئ إلى الدنيا كلها وكذلك فضلها الكبير الذي لا ينكره إلا جاحد والمتمثل في الارتقاء بالقراء على منابر من نور ليفوز من يحدث نفسه (وكان فضل الله عليك عظيما).

انتشار الشيخ

أذكر أن إذاعة صوت العرب كانت تذيع له ربع ساعة ليلة الأربعاء من كل أسبوع ولأن صوت العرب يصل إرسالها إلى معظم دول العالم ساعد ذلك على سرعة شهرة وانتشار صيت هذا القارئ المتين إلى معظم دول العالم وأعتقد أنه تسبب في التفاف الملايين حول إذاعة صوت العرب في السبعينيات ليستمعوا إلى تلاوته المتألقة بلون وأداء وإمكانات وفخامة صوت فريد جديد ومميز

بعد اعتماده بعام على الأكثر كان دائما على موعد مع المنبهرين بتلاوته مرة كل أسبوع من خلال البرنامج الشهير من تسجيلاتنا الخارجية الذي كان يذاع عبر موجات إذاعة القرآن الكريم فازداد الرجل تألقا وازداد الناس به تعلقا بالإضافة إلى الأمسيات التي كانت تذاع مرة كل أسبوع أيضا بإذاعة القرآن الكريم

وكانت الفترة ما بين 1975 وحتى 1980 بمثابه غزو مفاجئ من الشيخ الطبلاوي فاحتل المقدمة مع المرحوم الشيخ عبد الباسط الذي أعطاه الجمهور اللقب مدى حياته.

فخور بالمقارنة مع الشيخ عبد الباسط

لم يسبب الشيخ الطبلاوي ازعاجا لمشاهير القراء بقدر ما قدم له من مكاسب لم يكن ينكرها أحد منهم نافست تسجيلاته التي قدرت بالملايين آنذاك تسجيلات المشاهير من أهل الفن في مصر والعالم دون تأثير على مكانة المرحوم الشيخ عبد الباسط عبد الصمد على حد قول الشيخ الطبلاوي نفسه.

ونظرا لشهرته الكبيرة التي حققتها خلال فترة السبعينيات التي شهدت ظهوري كقارئ على الساحة القرآنية أجرى استفتاء على نجاح الأعمال الأذاعية وخاصة الإذاعات الخارجية الدينية فحصل الشيخ عبد الباسط على المركز الأول كقارئ إذاعي من الرعيل الأول وحصلت على المركز الأول على القراء الجدد وكانت سعادتي لا توصف بإن جاء اليوم لآخذ حقي من عشاق الاستماع إلى تلاوة كتاب الله وهي شهادة لا رياء فيها.

ويضيف الشيخ الطبلاوي قائلا كنت فخورا بمقارنة الناس بيني وبين الشيخ المرحوم عبد الباسط لأنه كان أسطورة وشمسا لا تنكر والذي أحب أن أوضحه لكثيرمن الناس أن العلاقة بيني وبين المرحوم الشيخ عبد الباسط كانت طيبة وخاصة من جانبه لأنني كنت أدعى معه في سهرات كثيرة فأجد منه الترحاب والتكريم للزميل وكان يؤثرني على نفسه فيقدمني لأقرأ قبله.

وإذا رفضت كان يقرأ هو الأول ويصدق بسرعة حتى أتمكن من أخذ فرصتي في التلاوة هذا لأن المرحوم الشيخ عبد الباسط كان يثق بنفسه ويعلم أن له مكانة بقلوب الناس وأن الله مقدر الأرزاق وأنه لن يمكن أحدا من التحكم في رزق أحد وهذه القيم لا يفهمها إلا الكبار والقريبين من الله كان طبيعيًا.

ومتوقعًا أن يضع الناس الشيخ الطبلاوي موضع المقارنة مع الشيخ عبد الباسط لدرجة أننا سمعنا كثيرا من الناس يقصون مواقف بعضها حدث ومعظمها لم يحدث منها سابقة حدثت بين الشيخ عبد الباسط والشيخ الطبلاوي بالسعودية بتحديد أيهما أطول في النفس وأقدر على جمع أكثر عدد من الكلمات في نفس واحد والعاقل لا يصدق مثل هذه الموقف.

لأن تلاوة القرآن ليست بالذراع ولا بالصحة ولا بالعافيةوإنما التلاوة بالأحكام والإتقان والتمكن وحسن التجويد والابتداء والوقف وكيفية نطق الحروف، وذلك حسبما ذكر أحمد همام في كتابه “سفراء القرآن”.

اقرأ ايضًا:

«ليس لأنك رئيس الجمهورية».. رسالة الشيخ الرزيقي للسادات ورد الرئيس

Related Articles

Back to top button