«بكباشي يعمل علينا ريس».. تفاصيل تمرد عدلي لملوم ضد قوانين ثورة يوليو

عن دار صفصافة للنشر والتوزيع صدرت حديثًا مذكرات الفنان الكبير فاروق فلوكس والتي جاءت تحت عنوان “الزمن وأنا.. مذكرات فاروق فلوكس بين الهندسة والفن والحياة”، وكتبها حسن الزوام.

الدكتور راشد براوي

يقول فاروق فلوكس:” كان جارنا الدكتور راشد براوي، هو صاحب فكرة مشروع الإصلاح الزراعي، وبعد قيام حركة يوليو 1952 استدعاه جمال عبد الناصر، جاءت السيارات الحربية إلى شارعنا وأحضروه بملابس النوم، ثم طُلب منه تقديم نسخة مفصلة من مشروع الإصلاح الزراعي الذي أعده وقد كان.

انطلق مشروع الإصلاح الزراعي في التاسع من سبتمبر عام 1952 لتنفيذ أحد مبادئ حركة يوليو المباركة وهو مبدأ العدالة الاجتماعية.

عميد الأدب العربي

ماحدث في 23 يوليو لم يكن يسمى بالثورة من البداية، فسمي بدايةً بانقلاب الجيش، ثم وصفته الصحف بالحركة المباركة، كان أول من أطلق عليها تعبير ثورة هو عميد الأدب العربي طه حسين الذي وصفها بالثورة في مقال له بتاريخ الخامس من أغسطس، أي بعد ثلاثة عشر يومًا فقط من وقوعها.

بدأ بعض الفنانين بعد ثورة يوليو 1952 إعلان انحيازهم ودعمهم لإجراءاتها، وبدأت الأغاني التي تمجد قراراتها، منها أغنية شهيرة للفنان محمد قنديل كانت تذاع كثيرًا في الإذاعة وهي أغنية “ع الدوار” وأذكر من كلماتها:

ع الدوار ع الدوار

راديو العمده فيه أخبار

ياللي في جاعه ياللي ف خص

قوم دي الساعة تمانية ونص

والراديو عمال بـ يرص

فـ الأخبار قلبك يتهنى

كنا فـ نار وبقينا فـ جنة

واللي ظلمنا بقى في النار

ع الدوار ع الدوار.

تمرد عدلي لملوم

حفظنا هذه الأغنية التي تبشر بالإصلاح الزراعي عن ظهر قلب من فرط تكرارها، لكن في المقابل كان هناك من رفض قرارات الإصلاح الزراعي، منهم عدلي لملوم أحد أشهر المزارعين في مصر، الذي كان يمتلك أربعة عشر ألف فدانًا بمدينة مغاغة بمحافظة المنيا وله عدد كبير من الأتباع والخدم.

بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي بمصر، الذي حدد الحد الأقصى لملكية الأفراد للأراضي الزراعية بـ مائتي فدان فقط، قاد عدلي لملوم تمردًا ضد ذلك القانون، وركب حصانه ومعه الحرس والأتباع والخدم، وخطب في الناس يهدد أي شخص يفكر أن يأخذ شبرًا من أرضه.

وصلتنا أخبار تمرد عدلي لملوم ضد القانون الجديد، كانت المنيا موطن أبي القديم وجذوره، استمر تمرد لملوم حتى إنه اقتحم قسم شرطة مغاغة، وقال جملة شهيرة لضباط القسم: “جايبنلي بكباشي يعمل علينا رئيس؟!”.

الحكم بالإعدام

وصلت هذه الجملة إلى القاهرة، وعلى الفور، تحركت وحدات عسكرية من منقباد في أسيوط إلى مغاغة في المنيا مدعومة بسلاح الجو للتعامل مع عدلي لملوم.

تم القبض عليه وحكم عليه بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى المؤبد إلى أن أفرج عنه بعدها بفترة نظرًا لسوء حالته الصحية، كنا في البداية سعداء بالإصلاح الزراعي وشعارات العدالة الاجتماعية، لم نكن نعرف أن الإصلاح الزراعي سيفتت الأرض الزراعية، وينهي الملكيات الكبيرة لتنهار بعدها زراعة القطن طويل التيلة الذي كان من أهم مصادر الدخل لمصر.