“المنظمات الأثيرية بين التطوير وأمل التطبيق”.. كتاب يوضح أبعاد المناخ وتأثيره على الإنسان
كان الأساس لإعداد هذا الكتاب قد نبع من ملاحظة مؤلفه لنظرة المكتبة العربية فيما يتعلق بتأثير أبعاد المناخ العربي الأثيري على المنظمات سواء فيما يتعلق بالكتابات الأدبية أو الدراسات البحثية ومن أجل تحقيق الأهداف التي صمم من أجلها الكتاب تم تسليط الضوء على موضوعات الكتاب.
كلمات بدأت بهم الدكتورة هديدا عزت، في كتابها “المنظمات الأثيرية بين التطويروأمل التطبيق” الصادر عن الهيئة العامة للكتاب، والذي يقع في 170 صفحة.
ويقع الكتاب في 5 فصول: الفصل الأول متطلبات وأبعاد المناخ الأثيري، بينما الفصل الثاني يتضمن القيادة الأخلاقية، والفصل الثالث تمكين العاملين وسلوكيات المواطنة التنظيمية.
وتناول الفصل الرابع، نداءات في إدارة المنظمات والخامس، بهدف مساعدة المنظمات على تفعيل أبعاد المناخ الأثيري بما يخلق أماكن عمل صحية يوجد فيها الأفراد معنا فيما يقومون به من أنشطة يومية من خلال وجود قيادة أخلاقية وتبني نهج تمكين العاملين، الأمر الذي يسهم في تعزيز سلوكيات المواطنة التنظيمية لدى العاملين في المنظمة.
ويتناول الفصل الأول الذي جاء بعنوان”المنظمات الأثيرة” جذب مفهوم المناخ الأثيري اهتمام الباحثين الممارسين من خلال تسليط الضوء على أهمية تطبيق مجموعة من الممارسات التنظيمية التي تعني برفاهية العاملين المادية، والإنسانية فتجعلهم يحييون حياة خاصة أيسر وأهدأ في مكان العمل والتي انعست بدورها على سلوكياتهم وقدرتهم في حل مشاكل العمل.
وازداد اهتمام الإدارة بتطبيق المفاهيم الحديثة الملاحقة للتطويرات التي حدثت في العلوم الإدارية وتطوير أساليب العمل بما يحقق الارتقاء بمستوى أداء العاملين والمنظمة من خلال اهتمام الإدارة بالموارد البشرية التي تشكل حجر الأساس في كل إبداع وتطوير في المنظمة والعمل على حسن توجيه الأفراد وبناء قدراتهم ومهاراتهم من خلال ربط أهداف المنظمة بأهدافهم وإيجاد مناخ تنظيمي من شأنه تدعيم المشاركة الفاعلة للأفراد وبث روح التعاون والعمل الجامعي لخلق الشعور بالمسؤولية والرضا عن العمل.
إن خلق المناخ تنظيمى مناسب يساعد الفرد على مواجهة ضغوط العمل ويجعله أكثر ميلا ورغبة في التحلي بسلوكيات صالحة كان شاغل الرئيس للدراسات والأبحاث.
ومن هذا المنطلق فإن أحد الموضوعات المهمة التي حازت على اهتمام الباحثين والمنظمات هو خلق أماكن عمل صحية يجد الأفراد فيها معنى فيما يقومون به من أنشطة يومية تساعدهم على أن يشعروا بالرضا عن أنفسهم وعن أعمالهم وتسهم في تعزيز أدائهم الوظيفي.
وفي ضوء ذلك فقد تغيرت أساليب تطوير الإدارة في المنظمات فبعد أن كانت تركز على الجانب التنظيمي للعملية الإدارية الأمر الذي كان يفقدها روحها أو طابعها الإنساني ويؤدي إلى إصابة العاملين بالإحباط أصبحت تلك الأساليب تركز على الجانب الإنساني وما يتضمنه من عناصر بهدف إحداث تغييرات إيجابية في المنظمة.
وأصبحت القيم غير الملموسة تلعب دورًا هاما في نجاح المنظمة فكلما تميز مكان العمل بالقبول والرضا من العاملين أسهم ذلك في تحقيق مزايا التنافسية للمنظمة.
إن خلق منظمات عمل صحية تشبع احتياجات العاملين فيها وتدعم من قدرتهم على التكيف مع وظائفهم هي ما أطلق عليه kets de vris 2001 المنظمة الأثيرة التي يكون لديها القدرة على تطوير مجموعة من القيم السامية تتيح لأعضائها الشعور بالهدف وحق تقرير المصير والكفاءة والتأثير والانتماء والمعنى والاستمتاع بأداء العمل
لذلك فقد جذبت فكرة المنظمة الأثيرة أو المنظمة الأفضل للعمل بها اهتمام الباحثين لدراسة مثل هذا النمط في المنظمات في الحقل الإداري والتنظيمى بوجه عام لدراسة مثل هذا النمط من المنظمات وتحديد أبعاده ومقوماته الرئيسية.
وللتعرف أكثر إلى فلسفة فكرة المنظمة الأثيرة أو النموذجية نعرض في هذا الفصل المفهوم المناخي الأثيري والمنظمات الأثيرية ومتطلبات تطبيقية وخصائصها المختلفة وذلك بهدف تقديم رؤية متكاملة تساعد منظمات الأعمال على التطبيق السليم لهذا المناخ بما ينظم من المنافع المتحققة لكل من المنظمة والعاملين
أولا: مفهوم المناخ الأثيري والمنظمات الأثيرة
أولت العديد من المنظمات اهتماما ملحوظا بمواردها البشرية من خلال خلق أماكن عمل صحية تساعد الأفراد على أن يشعروا بالرضا عن أنفسهم وعن أعمالهم بما يسهم في تعزيز أدائهم وهو ما أطلق عليه بالمناخ الأثير الذي عرفه الباحثون في علم الإدارة بأنه مناخ نفسي يتكامل مع ثقافة المنظمة.
مفهوم المناخ الأثيري
لغويا إن مفهوم المناخ في أدبيات الإدارة تعبير مجازي يستخدم للدلالة على مجموعة العوامل التي تميز بيئة العمل والتي تؤثر في سلوك العاملين، وطبقا للمعجم الوجيز الصادر عن مجمع اللغة العربية بجمهورية مصر العربية لعام 1993 يأتي لفظ الأثير بمعنى المفضل على غيره ويقال هو أثيري أوثره وأفضله.
بـ اصطلاحا يعرف المناخ الأثيري في العلوم الإدارية بأنه المناخ الذي يوفر القيام الإنسانية مثل الثقة والمرح والصراحة والتمكين واحترام الفردية والإنصاف والعمل الجماعي والتعلم المستمر والانفتاح على التغير ويتسم هذا المناخ أيضا بكونه صديقا للأسرة
ويعد المناخ الأثيرى من الموضوعات الحديثة التي ظهرت فى الدراسات الإدارية والتي استخدمت للإشارة إلى الخصائص الداخلية في المنظمة وعندما نستخدمه في الإدارة فإننا نعبر بذلك عن مكان العمل والعوامل المحيطه به وأسلوب التعامل والقيم والعادات والتقاليد والأسواق إلى آخره وتأثيرها على العملية الإدارية وسلوك العاملين
ثانيا: متطلبات تطبيق المناخ الأثيري في المنظمات
حدثت تغييرات هائلة في حقلي المناخ الإداري والسلوك التنظيمي ويمكن ملاحظة هذه التغييرات في كل من الممارسات الإدارية والأبحاث الأكاديمية فلم يعد هناك خلاف حول أهمية العنصر البشري بالمنظمة والاهتمام به وتحسين ظروف بيئة العمل أصبح أحد المتغيرات المعاصرة التي تسهم في تحقيق البقاء للمنظمات.
لذا تسعى المنظمات لتطبيق المناخ الأثيري لخفض مستوى التوتر التنظيمي الذي تنعكس تبعاته في مستويات عالية من التغيب عن العمل وانخفاض الأداء والصراعات ومساعدة موظفيها على الحفاظ على توازن فعال بين الحياة الشخصية والتنظيمية.
ومن ثم فإن المنظمات التي تريد توفير المناخ الأثيري في بيئتها عليها القيام بالآتى: تمكين العاملين، زيادة التفاعل بين العاملين لخلق روح التعاون، التعرف على العاملين المساهمين في نجاح المنظمة، تشجيع العاملين على الانخراط في جميع أنواع السلوك لتنظيم الإيجابي، تفعيل دور القيادة الأخلاقية في تهيئة المناخ الأثيري.