د. أحمد فرحات يكتب.. الزوجة المكسيكية

 

المعقول أن نقرأ عملا إبداعيا معينا، قصة، رواية، مسرحية، ونستمتع بأحداثها، وشخوصها، وحبكتها، وتماسك بنيتها، سواء استقت مادتها من التاريخ أو الدين أو المجتمع وللامعقول أن نستمد من هذا العمل أو ذاك حقائق تاريخية مسلمة، أو نأخذ منها حكما فقهيا يؤسس لمفهوم ما أو يقعد لقاعدة ما. فالعمل الإبداعي يظل في حيز الإبداع ونطاقه، ولا يتجاوزه إلى ما سواه، ويبقى التاريخ أو الدين قارا بين كتب التاريخ ومناهجها المختلفة التناول.

ففي سنة 2017م فاجأتنا دار الشروق برواية”الزوجة المكسيكية” للطبيب والروائي د.إيمان يحيي وهي عمل يستقي مادته الفنية عن القاص الرائد يوسف إدريس(1953-1991م)، والكشف عن قصة حب طويلة بينه وبين ابنة الفنان التشكيلي دييجو أولفييرا (مكسيكي الجنسية)انتهت بزواج القاص يوسف إدريس.

وجاءت في ثنايا العمل الروائي صور فوتوغرافية حقيقية للزوجة وهي بين الأهرامات، للتدليل على قوة العلاقة بين إدريس وابنة الفنان التشكيلي المعروف.

ومن المعلوم مسبقا أن يوسف إدريس له زوجة وأولاد مصريين، مما قد يسبب حرجا شديدا لأسرة مستقرة تنعم بإرث فني وثقافي ضخم للقاص المصري، وصورة ذهنية مقدرة من الأوساط الثقافية والفنية في مصر وخارجها.

وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال: إلى أي مدى تكون مساحة الحرية للمبدع أن يستقي مادته التاريخية من أحداث ووقائع حقيقية ؟ وهل من حقه أن يغير في الأحداث ويضيف شخصيات تخدم فكرته الروائية الإبداعية؟

في الغرب لا سقف ولا حد في تناول شخصيات ورموز تاريخية أو دينية وتسليط الضوء عليها من خلال عمل روائي أو قصصي؛ فالحرية متاحة له بلا قيد ولا حد . أما في المشرق العربي فهناك من القيود والموانع ما يحد من حرية المبدع، فلا يجوز له تمثل أو تجسيد الشخصيات الدينية أو التاريخية إلا بحدود خشية الاصطدام بالسلطة الأعلى، فمراعاة المجتمع العربي تفرض قيودا من نوع ما تحد من حرية المبدع في التناول.

واستنادا إلى ما سبق فهل يحق للمبدع العربي أن يوظف شخصيات تاريخية حقيقية، ويكشف عن أسرارها، ومخبوءاتها الدفينة، ويضرب عرض الحائط بالأسرة والمجتمع والعرف العام والتقاليد الثابتة؟

وإذا كان من بد من تناول الأحداث التاريخية أو الدينية بشخصياتها وكينونتها فليغير المبدع السياقات والبيئات والأجواء التي تسم الشخصية بسماتها المعروفة. وبذا يجمع بين قداسة الفن وقداسة الإبداع معا في آن.

شاهد أيضًا.. وزير الشؤون الدينية الإندونيسي: الإسلام دعا للانفتاح على الثَّقافات الأخرى ما دامت تتَّسم بالحكمة

سره الباتع  يعيد يوسف إدريس للواجهة من جديد