“مضاجعة الموت”.. رواية ترصد معاناة الشعب السوري

كتب: حسين عبد العزيز

“مضاجعة الموت” رواية للكاتبة السورية فاطمة خضور، صدرت فى عام 2019، وقد كتبت فى الإهداء الثانى مقولة ذات معانى كثيرة، وقد نقشها أو كتبها الشاعر و الرسام والكاتب والوجودى جان كوتو، وها أنا أحاول أن أعيش حياتى أو بالآحرى أحاول أن أعلم الموت الذى بداخلى كيف يستطيع إن يعيش.

ونحن يجب أن نعرف أن “جان كوتو” وجودى الفلسفة، والفلسفة الوجودية تبحث عن الماهية ولا تهتم بالوطن، وهى هنا عكس الفلسفة الشيوعية التى هى معنيه فى المقام الأول بالوطن ولا يعنيها الإنسان من قريب أو من بعيد وفى سبيل هذا يمكن أن يتم سحق الإنسان سحقا كاملا، ولا تقلق تلك الفلسفة من ذلك، أم الفلسفة الوجودية فقد خرجت من رحم الحرب العالمية الثانية، تلك الحرب التى قُتل فيها الملايين وخربت البلدان.

ومن هنا نجد ان رواية ” مضاجعة الموت قد خرجت من قلب الحرب السورية التى قتل فيها شعب لا ذنب له غير أنه شعب يريد أن يعيش كما يحب هو وليس كما يريد الآخر.

وفى هذة الرواية سوف نجدها مكتوبة بضمير الأنا، أى بضمير المتكلم، أى أن البطلة والتى اسمها فاطمة وتعمل فى مجال التمريض، نفس اسم المؤلفة ونفس عملها، وهذا يضعنا فى مأزق، وهو هل هى سيرة ذاتية للكاتبه أم هى محاوله فى أن تقدم لنا المحنة التى تعيشها فى شكل عمل روائى حتى ترتاح من تلك المحنة والتى تعرف بأسم الأزمة السورية.

لكن نحن سوف نبتعد قيلا حتى نتمكن من قرأت أحداث الرواية و نقدم نظرتنا لها.

ونحن سوف نعيد ما نقوله ويقوله غيرنا أن ميزة الرواية هى أنها قادرة على مناقشة أى قضية وبأى لغة وبأى وسيلة وتحتوى أى موضوع داخل متنها، كما سوف نجد الآن فى مضاجعة الموت.

والأحداث نعيشها من خلال امرأة تعمل وتعيش واقع أليم لها ولبلدها الذى كانت تدور على أرضية عمليات قتل غير مفهوم لماذا كل هذا  القتل والتخريب الذى قامت به داعش وهى ترتدى ثوب الدين كما يحدث فى مصر وفى اليمن وفى أى مكان بالوطن العربى يتم فيه القتل التخريب.

وتستمر أحداث الراوية فى تقديم مشاهد ولوحات مرسومة بدم أهل سوريا كبار صغار، لا يوجد فرق، كل هذا والرواية كل فترة تطرح سؤالا عن لماذا يحدث ما يحدث وما هو ذنب الناس فيما يحدث لها من قتل؟

من تعذيب وتشريد، ومن لم يمت بالرصاص مات من البرد أو من الجوع وتمضى الرواية وهى تقدم لنا وجهات نظر متعدده من خلال لغة عربية جميلة وتشجع على القراءة وعلى أن يعيش القارئ أحداث الرواية مثل اى مخرج متمكن حيث ينحج فى أن يجبر المشاهد على ان يعيش الأحداث ويندمج معها، وانا اعنى هنا المخرج ” صلاح ابو سيف “.

وتمضى الأحداث لنجد هذا القرار الذى اتخذة الزوج المغلوب على أمره، ويعد أصعب القرار أخذه فى حياته إلا وهو الخروج من بلده خوفا ورعبا وتكون مصر هى البلد التى يرتاح إليها، وهنا يعمل جاهد على أن يندمج مع المجتمع المصرى الذى لا يختلف كثير عن المجتمع السورى ، بل يمكن ان نقول ان الذى يجمع المجتمع المصرى والسورى كثير جدًا، والمجال ليس هنا لنعدد الاشياء التى تجمع المجتمعين.

وها نحن نقراء ما ذكرته الراوية فى الصفحه رقم 127: ( استطعنا أن نتعيش مع الحياة فى مصر، فشعبها طيب لا يجعلك تشعر بالغربة، وقد كانوا يمدون لنا يد العون لكثير من العائلات السورية المنكوبة)، وفى الفصل الاخير من الرواية نجد انفسنا مع فاطمة وعائلتها وهى تعود الى دمشق حيث الأهل والأحباب والطيور والأشجار والذكريا.

لم تصدق فاطمة أنها عادت إلى بيتها وحياتها، ووجدت أن تسجل وتكتب كل ماحدث لها ولوطنها فى رواية يكون عنوانها “مصاجعة الموت ” وكانت سعيدة وهى تكتب وثقافتها تساعدها على انجاز هذا العمل الروائى الذى يحمل اسم مضاجعة الموت؟