مصطفى علي القليوبي يكتب: الأسرة تحت المجهر

 

أحب أن ابدأ حديثي عن الأسرة التي هي كيان المجتمع فبصلاحها صلاح للمجتمع كله والعكس صحيح، فما أحوجنا أن نعود أدراجنا وان نعي أهمية الأسرة ودورها وأنا أثق أن الجميع يعلم ذلك ولكن ينقصنا تطبيق ما ندركه.

فبداية تتكوَّن الأسرةُ من الزوج والزوجة والأبناء، بخلاف الدعوات التخريبية الهدَّامة التي تجعل الأسرة القانونية من الجنس المتماثل ونحن نعلم خطورة ذلك وما وراء هذه الدعوات.

وإذا نظرنا إلى نظرة الإسلام وليس الإسلام فحسب بل سائر الأديان والملل سنجد أن للأسرة أهمية عظيمة، نظر الإسلام للأسرة على أنها أساسُ المجتمع، وهي اللَّبِنة الأولى والخليَّة الأولى، وليس الفرد هو أساس المجتمع، قال الله سبحانه: ﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ﴾.

فوضع الإسلام نواةَ الأسرة التي تحوطها غريزةُ الأمومة، وترعاها عاطفة الأبوَّة، فتنبت نباتًا حسنًا، وتثمر ثمارها اليانعة، وهذا النظام هو النظام الذي ارتضاه الله، وأبقى عليه الإسلامُ، وهدم كل ما عداه.

والحديث عن نظرة الإسلام للأسرة لا ينتهي، وكثير من الأسر للأسف خرَجَت عن سماحة الإسلام، وعقَّدوا الزواج، فخَلَقوا أزمةً تعرَّض بسببها الرجال والنساء لآلامِ العزوبة وتباريحها، والاستجابة إلى العَلاقات الطائشة، والصلات الخليعة.

فالتغالي في المهور، وكثرة النفقات، وتبذُّل المرأة، وخروجها بهذه الصورة المثيرة ألقى الريبةَ والشك في سلوكها، وجعل الرجل حذرًا في اختيار شريكة حياته، بل إن بعض الناس أضرَبَ عن الزواج؛ إذ لم يجد المرأة التي تصلح في نظرِه للقيام بأعباء الحياة الزوجية.

ولا بد من العودة إلى تعاليم الإسلام فيما يتصل بتربية المرأة، وتنشئتها على الفضيلة والعفاف والاحتشام، وترك التغالي في المهور وتكاليف الزواج.

ولهذا وضعت الضوابط والقوانين السماوية وايضا البشرية التي تكون سبباً لاستقامة الأسرة ونجاحها فللأسرة حقوقًا وواجبات لجميع أفرادها، حقوقًا للزوج على زوجته، وللزوجة على زوجها، والأبناء على الآباء، والآباء على الأبناء، قال تعالى: ﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾، وقال تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾.

فكلما استقامت القوانين البشرية مع القوانين السماوية كلما كانت الأسرة أكثر استقرارا ونجاحا وهذا ما نتمناه وهي رسالة إلى صاحب التشريع للقوانين في ظل ازدياد حالات الطلاق وكذلك كل ما يتعلق بقوانين الأسرة التى ربما ينبغي أن يعاد النظر إليها مرة أخرى وبعناية تعليقا لمصلحة الجميع وليس فردا أو فئة واحدة دون غيرها.
وأحيطت الأسرةَ بسياجٍ من الأخلاق، ووضعت العقوباتِ المناسبة لمن تُسوِّل له نفسه المساس بهذه الأخلاق.. وللحديث بقية في اللقاء القادم إن شاء الله.
كتبه مصطفى علي القليوبي
باحث في الشريعة وشؤون الأسرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى