«ساقي الملك توسط لي».. حكايات فاروق فلوكس والملك فاروق

عن دار صفصافة للنشر والتوزيع صدرت حديثًا مذكرات الفنان الكبير فاروق فلوكس والتي جاءت تحت عنوان “الزمن وأنا.. مذكرات فاروق فلوكس بين الهندسة والفن والحياة”، وكتبها حسن الزوام.

ساقي الملك

يقول فاروق فلوكس:” قرر أبي أن يطلب من أحد جيراننا أن يتوسط لي لألتحق بمدرسة القربية بشارع الشيخ ريحان، كانت من المدارس العريقة في المرحلة الابتدائية ولها نظام خاص صارم، ومميزات للتلاميذ الملتحقين بها.

ويضيف:” جارنا هذا كان أسمر البشرة من النوبة غالبًا، كان ساقي الملك، الرجل الوحيد الذي يشرب الملك فاروق من يده ويثق فيه ثقة عمياء، طلب أبي من جارنا النوبي أن يتوسط لي لألتحق بمدرسة القربية، فأحال الطلب بدوره إلى محمد حسن مدير جراجات سراي عابدين وأحد المقربين للملك.

ويواصل:” كانت مدرسة القربية من المدارس المتميزة ضمن مجموعة مدارس متميزة في مصر، وكان يتولى التدريس للصف الأول الابتدائي فيها الأستاذ عبد الغني الذي كان عائدًا لتوه من الدراسة بجامعة أوكسفورد الشهيرة بلندن، كان أفضل المدرسين وأكثرهم علمًا، هو من طلب تخصيصه للصفوف الأولى لأنها الأهم في غرس أهمية التعليم والعلم والأخلاق في نفوس أطفال الابتدائية، كان التعليم الحكومي هو الأفضل.

المدرسة

ويكمل:” في المدرسة، كان يصرف لنا في الساعة الحادية عشر صباحًا قطعتي “بوريك” واحدة بالجبن والثانية بالعجوة مع كوب شاي بحليب، وقت الغداء في الواحدة والنصف ظهرًا، نذهب جميعًا إلى المطعم لنأكل وجبة متكاملة من النشويات والبروتين والخضروات والفواكه، رغم كل هذا كانت المدرسة مجانية.

ويستطرد:” كان الأستاذ عبد الغني مدرس اللغة الإنجليزية والمسؤول عن الفصل قويًّا ومتمكنًا ومهابًا، شديد الأناقة يرتدي نظارة بدون إطار، عدساتها وردية متميزة ولا يقبل الخطأ في نطق الكلمات بالإنجليزية السليمة، كنا ننطق الحروف كأننا تربينا في مدارس لندن وإلا فالعقاب حاضر، وكان مدرس الرسم والأنشطة هو الأستاذ عبد الفتاح الزيات.

محمد عبد اللطيف

ويتابع:” في المدرسة، كان لي صديق يدعى محمد عبد اللطيف حسين، أول صديق لي في حياتي، أسمر البشرة من أسوان، كان والده أحد سكرتيري الزعيم السياسي مصطفى النحاس، في أحد الأيام كنت مع صديقي محمد في منزله، أرسم لوحة لـ “فارس بني حمدان” وهو فوق حصانه، وهو شخصية تاريخية تروى فيها القصص الشعبية عن شجاعته وقوته، دخل علينا الأب وكانوا يسمونه “الأولد” أو الكبير، فسأل من الذي رسم هذه الصورة، قالوا له إنه فاروق فأثنى عليَّ لكنه لم يكتف بالثناء.

عبد الفتاح الزيات

ويؤكد:” في اليوم التالي، ذهب عبد اللطيف أفندي حسين إلى الأستاذ عبد الفتاح الزيات مدرس الرسم والأنشطة وأوصاه على موهبتي، كانت توصية عبد اللطيف أفندي حسين مهمة في حياتي، قرر بعدها الأستاذ عبد الفتاح أن يرسلني إلى رسام يهودي مقره في منطقة وسط البلد، وطلب منه أن يتولى تعليمي قواعد النسب والمقادير في الرسم وبالفعل تعلمت منه الكثير، كما أرسلني الأستاذ عبد الفتاح من خلال المدرسة إلى الجمعية الجغرافية لأتعلم مقاييس الرسم الجغرافي وطرق عمل الخرائط المجسمة؛ كل هذا بسبب توصية عابرة لرجل وجد طفلًا موهوبًا في بيته بالصدفة.

قاهر شلل الأطفال

ويختتم:” كان معنا في المدرسة مجموعة نابغة من الأطفال منهم ابن الدكتور مصطفى الديواني المعروف بقاهر شلل الأطفال في تاريخ مصر الحديث، وآخرين نبغوا في السنوات التالية منهم الدكتور أحمد حسن سعيد الذي أصبح رئيس قسم أمراض العيون بكلية طب القصر العيني.

اقرأ أيضًا..

«فوجئت بأنني ميت».. أغرب موقف في حياة فاروق فلوكس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى