لقاء بيرم وسيد درويش
من حسن حظ تاريخ الفن والأدب العربى أن التقى بيرم التونسى في فترة ظهوره الأولى بفنان الشعب الميسقار سيد درويش ابن بلده الذى جاء هو الآخر من الإسكندرية وكان لسيد درويش كما يعترف بذلك بيرم نفسه الفضل في تشجيعه على تأليف أول أغنية حماسية وفى تأليف المسرحيات الغنائية التي كانت تعرف آنذاك باسم الأوبريتات ويذكر المؤرخون أن التعاون بين شاعر الشعب وموسيقار الشعب قد أثمر عن إنتاج أكثر من مسرحية غنائية من أشهرها شهرزاد والتي ردد فيها قوله المشهور
انا المصرى كريم العنصرين
جدودى أنشأوا العلم العجيب
ومجرى النيل في الوادى الحضيب.
النجومية
ورويدا رويدا بدأ الشاعر العظيم بيرم التونسى يزحف ناحية النجومية التي ارتبطت في الواقع بإحساسه بهموم وطنه مصر اجتماعيا وسياسيا حيث حركت فيه أحداث ثورة 1919 أحاسيس أخرى وجعلته يزحف بكل كيانه ناحية مواطن الخطر متمثلة آنذاك في مهاجمته الملك فؤاد فخرجت أشعاره النارية مؤبدة لثورة 1919 ومهاجمة بعنف الملك وأعونه
وقد اتضحت ثورية بيرم بعد 8 مارس من العام نفسه حين تم اعتقال سعد زغلول ورفاقه ونفيهم جميعا إلى جزيرة مالطه فأخذ بأشعاره للحرية والاستقلال.
الاشتراك في الثورة
ويروى بيرم التونسى نفسه ذكرياته عن هذه الأيام بقوله اشتركت في الثورة على طرقتى الخاصة لم أقذف بالحجارة ولم أحطم مصابيح النور وإنما نظمت مقوعات زجلية مناسبة للمقام اشتركت بها في المظاهرات فكانت أشد وأقوى من الحجارة بل ومن القنابل أيضا
ولم يكتف بيرم المتهب بالحماس والوطنية بذلك فقط بل زحف إلى القاهرة لكى يعيش في قلب الأحداث وهذه المرة أخذ يبحث عن وسيلة جديدة يساهم بها في الثورة ولم يكن أمامه آنذاك سوى إصدار الصحف
ففي يوم 4 مايو عام 1919 يصدرصحيفته الأولى التي صدرت بعنوان المسلة وينزل إلى الشوارع ليوزعها بنفسه وكان أول صدورها في مدينة الإسكندرية وعلى إثر نجاح هذه المجلة قرر بيرم الاساقرار نهائيا في مدينة القاهرة ليكون بالفعل في قلب الأحداث السياسية وفيما أصدر العدد الثانى من مجلة المسلة وجاء فيها هجومه الشديد على مفتى الديار المصرية آنذاك لمعارضته سفر سعد زغلول واختلافه مع وجهات النظر الوطنية.
الملك فؤاد
ويقترب بيرم التونسى أكثر من ذي قبل من الاصطدام مع الواقع في شخص الملك فؤاد هذا الاصطدام الذى أسفر عن إبعاده عن مصر لمدة عشرين عاما ففي العدد الثالث عشرمن مجلة المسلة نشر بيرم العديد من أزجاله اللذعة والتي انتقد فيها سلطات البلاد وكان من أخطرها قصيدته التي نشرها بعنوان البامية ملوكى والقرع سلطانى والتي اتهمت صراحة الملك فؤاد أن وريث العرش الجديد ابنه الصغير قد ولد بعد أربعة أشهر من زواج الملك من الملكة نازلى.
اغلاق المسلة
وكانت بداية هذا التصادم أن أمر الملك بنفسه بإغلاق صحيفة المسلة وتغلق الصحيفة ولا ييأس بيرم فيصدر مكانها صحيفة أخرى اسمها الخازوق ويفتتح العدد الأول والأخير منها بقال عنيف يهاجم فيه المحافظ محمود خيرى باشا زوج الأميرة فوقية ابنة السلطان فؤاد من زوجته الأولى شويكار تحت عنوان لعنة الله على المحافظ، حسبما ذكر المؤرخ حنفي المحلاوي في كتابه “الأيام الأخيرة في حياة هؤلاء”.
اقرأ ايضًا..