إمام بالأوقاف يوضح فضل الصيام في شهر شعبان

قال الشيخ محمد حسن داود، إمام وخطيب ومـــــــــــدرس بوزارة الأوقاف، باحث دكتوراه في الفقه المقارن، جعل لنا مواسم للطاعات، أجزل لنا فيها العطايا والنفحات، تضاعف فيها الحسنات، وترفع فيها الدرجات، ويتزود فيها المؤمن بالقربات، ويسارع فيها إلى الخيرات والطاعات.
ومن هذه النفحات الطيبة، والأيام العطرة: ” شهر شعبان “، فهو شهر يتشعب فيه خير كثير، لعظمه ودرجته ومكانته خصه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بمزيد من العبادة.

واستشهد بما جاء في الحديث النبوي فعن أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ “ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ” (رواه النسائي).

وأضاف  إذ يشير النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه لما توسط شعبان شهرين عظيمين (هما الشهر الحرام رجب، وشهر الصيام رمضان) انشغل الناس بهما عن شعبان؛ مع عظم مكانته وعلو درجته. فالمتدبر في سنة النبي (صلى الله عليه وسلم) يجد جليا عظم أجر الطاعة والعبادة في الوقت الذي قد يغفل بعض الناس عنه: أما ترى أن الله عظم أجر قائم الليل إذ الناس من حوله نيام: فعن أبى أمامه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال “عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ، وَمَكْفَرَةٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ لِلإِثْمِ “(رواه الترمذي) وقال صلى الله عليه وسلم “أَفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ” رواه مسلم).

وأكمل: كما عظم أجر الذاكرين له في أماكن قد يغفل فيها الناس عن ذكره كالأسواق، فقد قال صلى الله عليه وسلم” مَن دخل السُّوقَ فقال: لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ يُحيي ويُميتُ وهو حيٌّ لا يموتُ، بيدِه الخيرُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، كتب اللهُ له ألفَ ألفِ حسنةٍ، ومحا عنه ألفَ ألفِ سيِّئةٍ، ورفع له ألفَ ألفِ درجةٍ” (رواه الترمذي) .

وأوضح أن أعمال السنة ترفع في شعبان، كما تقدم في الحديث، وإذا كان شهر شعبان تُرفع فيه أعمال العام فمما لاشك فيه أن يجتهد العبد بأحب الأعمال إلى الله، ليُرفع عمله وهو عليها، وهذا ما دلنا عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) إذ يقول: ” فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ”.

و قال: في صوم شعبان معنى آخر، وهو أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان؛ لئلاّ يدخل الإنسان في رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قَبْلَه حلاوة الصيام ولذته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط.
كما أن صيامه بالنسبة لرمضان كالسنة الراتبة القبلية للصلاة, وصيام ست من شوال كالراتبة البعدية لها, وعندئذ, يتبين أن من أفضل أيام صيام التطوع: ما تعلق برمضان قبلا وبعدا, كما أن من أفضل نوافل الصلاة ما تعلق بالفرائض قبلا وبعدا, وهي السنن الرواتب.

وتابع: فحري بنا أن نسارع بالخيرات والطاعات، عسى أن نفوز بالحسنات والدرجات، فقد قال تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (ال عمران 133)، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): “افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ”. ولله در القائل:
بَادِرْ بِخَيْرٍ إذا ما كُنْتَ مُقْتَدِرَا *** فَلَيْسَ في كُلِّ وَقْتٍ أَنْتَ مُقْتَدِرُ.