أسامة مهران يكتب: بعد “الإذن” الروسي .. بايدن في كييف

رغم هوليوودية المشهد، بايدن فجأة في كييف يشاطر زيلينسكي ذكريات عام الغزو الروسي لأوكرانيا.
ورغم رفات المدن الأوكرانية إلا أن بايدن يتباهى بالنصر المؤزر وبالـ50 مليار دولار التي منحها نظامه للشعب المحطم، بايدن مع ممثله الشرعي والوحيد على أنقاض وطن، على أطلال مدن، وعلى أثر بعد عين.

يعلنها صراحة، ها هي بعض أموالنا إليكم أيها الشعب الصديق، وها هي النصف مليار دولار الإضافية، مساعدات مباشرة وليكن ما يكون.
هكذا على الطريقة الهوليوودية يتصرف بايدن مع حالات إنسانية، مع قضايا أمن قومي، مع انقاض ورفات، وأطلال وعوز إلى أبعد الحدود.
لم يهمه شعب يُهجر نصفه، ويُشرد نصفه الآخر، لا يهمه أمن وطن، وأمان مواطن، ولا يهمه أن يستمع إلى الطرف الآخر رغم أن الإذن بالذهاب إلى كييف قد حصل عليه بايدن من موسكو قبل الزيارة بساعات.

ما هذا الذي يحدث والعالم يتفرج؟ بل والأنكى والأمر أن الأخ ماكرون يتحدث عن حلم فرنسي بهزيمة موسكو ولكن ليس باكتساح، ما هذا الهراء من أحد رؤساء الدول العظمى المصنفة كحمائم في القارة العجوز؟ وما هذا الذي نراه متجليًا إلى أبعد حد من الغرب وهم يتعاملون مع الحرب وكأنها حالة حب، ومع الدمار وكأنه فيلمًا تسجيليًا معروضًا في ماراثون الأوسكار، ومع الشعب المشرد وكأنها مشاهد من كوكب آخر.
هكذا تبدو الساحة الغربية والعالم يئن تحت:
أولاً: مآسٍ في كل قارة.
ثانيًا: زلازل تضرب تركيا وشرق المتوسط بقوة على مدار أسبوعين والعالم يتفرج على طريقة أفلام الخيال العلمي.
ثالثًا: أزمة اقتصادية طاحنة بفعل الحرب الروسية الأوكرانية التي يسكب الغرب على نيرانها زيوتًا طيارة على مدار الساعة.
رابعًا: مناخ يتدهور بأسرع من المتوقع وحقوق شعبية مهدورة في الشرق الأوسط وفي مناطق منكوبة أخرى من العالم.
خامسًا: حالة استخفاف من أثرياء العالم بمشكلات فقرائه، وأحوال متردية في النصف الجنوبي من الأرض بدءًا من ذوبان الثلوج انتهاء بإشارات كبرى للقيامة، وعلامات أكبر ليوم الحشر.
أخيرًا: وكأننا على طاولة “قمار” كبرى نتبادل فوقها النكات وخسائر قوم عند قوم فوائد.
هذا ملخص مخل ربما لنتائج تصرفات قادة عالميين مسئولين عن سلامة كوكب الأرض وعن أمنه وأمانه.
لكن إلى متى، وإلى أين؟ إلى متى سيظل العالم يعاني؟ ويظل المؤثرون يتلاعبون؟ إلى متى ستكون الكلمة محل ترحيب من الجادين على الكوكب، وإلى أي حد يتم تجاهل كلمة الحق التي لا يُراد بها باطل؟
وإلى متى وأين سنظل نحن كأمة عربية نتفرج على الدنيا وما فيها ولا نتحدث إلا عبر شاشات أو مؤتمرات أو فعاليات لا تُغني ولا تُسمن من جوع؟
لماذا لا يجلس العرب كل العرب وجهًا لوجه ومن دون استعلاء من أحد على أحد نناقش قضايانا المرتبطة بالقضايا الدولية بمنتهى الصراحة والاستقلالية والوضوح؟ ولماذا لا نتحرك كأمة لها أثرها، ولها تاريخها ولها رقمها الكبير في المنظومة الدولية لنقول كلمتنا الفصل في قضايا الكوكب والبشر ومشكلاته المزمنة عبر منصات الأمم المتحدة بعد أن نتفق على استراتيجية حد أدنى ننبذ من خلالها الخلافات المؤقتة، والمصالح الإقليمية الزائلة، والاستقطابات السياسية التي ثبت بالدليل أننا لا نجني من ورائها سوى الدمار لأمتنا وشعوبنا؟
هذه مجرد دعوة لكل أصحاب العقول الحكيمة والقلوب الرحيمة والإرادات القويمة. الوضع الدولي لا يمكن السكوت عليه وحتى رحلة بايدن لكييف تمت بمؤازرة روسية وإذن أخوي بين الكبيرين، إذًا لماذا كل هذا الدمار؟ لماذا لا يجلس بايدن وبوتين وينتهي الخلاف، وتمضي إلى غير رجعة حروب الركلات المكشوفة التي يذهب ضحيتها شعوب، وتدمر بسببها أوطان، ويقف العالم بسببها وعلى رؤوسه الطير؟ ولكن لا حياة لمن تنادي!!