أسامة مهران يكتب: اختفاء بورصة عربية

فجأة ومن دون مقدمات اختفت بورصة عربية، استيقظت أسواق المال في صبيحة ذلك اليوم المشئوم فلم تجد من بين المخلوقات المالية ما كان يطلق عليها أنذاك بالبورصة العربية المشتركة.

كان عمرها لا يتجاوز العام الواحد وجاءت كمولود شرعي لأحد مؤتمرات القمة العربية قبل ثماني سنوات بالعاصمة السعودية الرياض، وبينما كانت تتنافس علي استضافتها عدة عواصم عربية، استقر رأي الزعماء على أن تكون العاصمة البحرينية المنامة مقرًا رئيسيًا لها بعد أن وعدت الحكومة أنذاك بتخصيص قطعة أرض ليقام عليها هذا الصرح المالي العربي الكبير .

وقبل أن تنطلق صفارة البداية تقدم أحد رجال الأعمال السعوديين بطلب لإدارة هذا المشروع الحيوي الكبير وتولي عمليات طرح أسهمه على القطاع الخاص العربي والاستفادة من الوفورات التي كانت تنعم بها خزائن بعض المصارف ومؤسسات المال العربية أنذاك.

المشكلة ان رجل الأعمال السعودي كان يبحث عن رئيس تنفيذي مخضرم لإدارة ملف هذا المولود الجديد الذي ظل يراود العديدمن رجال المال العرب وعلى رأسهم مؤسس بورصة البحرين وهيئة سوق المال في دولة الإمارات العربية المتحدة الدكتور فوزي بهزاد الذي لم يتردد في قبول العرض الذي تقدم به رجل الأعمال السعودي لكي يشغل منصب الرئيس التنفيذي للمشروع والبدء فورًا في إجراءات التأسيس واختيار موقع مؤقت في الطابق ال ٥٢ بأعلى برج في مملكة البحرين وقتئذ والمسمى بـ “الكابيتال كلوب”.

وعلى الفور ومثلما عودنا الدكتور بهزاد عقد هو ورجل الأعمال المؤسس مؤتمرًا صحفيًا عالميًا شرحا فيه الخطوات المستقبلية التي سوف ينتهجها المؤسسون لإقامة هذا الكيان المالي العربي، ولحسن الحظ كنت على رأس المدعويين با كنت أول من اجزى حوارًا متفردًا مع الشخصيتين، والشهادة لله تلمست منهما جدية كبيرة وإصرار على إقامة هذا المشروع وتجاوز جميع العقبات البيروقراطية التي تعرقل عادة المشاريع العربية المشتركة.

مرت شهور وأنا اسأل أين البورصة! هل تأسست؟ فكان الجواب نحن على الطريق الصحيح، ومن سار على الدرب وصل. مرت شهور إضافية بطيئة، كسولة، خجولة، وأنا أبحث عن البورصة العربية المشتركة وإذا ما كان قد تم إدراجها في سوق البحرين للأوراق المالية على أقل تقدير تمهيدًا لتسجيلها في أسواق مالية أخرى لكن لاحياة لمن تنادي.

أصبح السؤال الكبير أكبر ، والشك المثير أعظم وأفدح، والفشل الذريع مخيما على الطابق ٥٢ من برج المرفأ المالي الذي كان يشار إليه بالبنان، ومن الغموض، والغموض المضاد، وانتشار الشائعات من هنا وهناك، لم يكن أمامي مفر من تقصي الحقائق ومحاولة التأكد إذا ماكان خلافًا نشب بين المؤسس والرئيس أم أن ذلك لا يتجاوز كونه زوبعة في فنجان وشائعة مغرضة ليس إلا ؟. اتصلت بالدكتور فوزي بهزاد، الذي كان حريصًا على عدم التصريح بل وعدم الإفصاح عن ذلك الخلاف الجوهري مع المؤسس، والذي على حد علمي كان عميقًا وشخصيًا وكفيل بهدم المعبد وترك الجمل بما حمل.

وللحديث بقية وأسرار في غاية الأهمية.

اقرأ ايضا:

أسامة مهران يكتب: النواب .. وكراسيهم الموسيقية

أسامة مهران يكتب: أوضاع مقلوبة

أسامة مهران يكتب: امبراطورية الأشقاء