« مزق بطنه بشفرة حلاقة بسبب الحب ».. حكاية أخطر فتوات الصعيد

مات وهو في الثلاثين من عمره، وكان ذلك بسبب الحب، الحكاية كما ذكرها كتاب “تاريخ فتوات مصر ومعاركهم الدامية” يقول أن اسمه محمد أحمد عيد الصعيدى من مواليد سنة 1918 بسوهاج تشرد فى سن مبكرة لقد نزح إلى القاهرة صغيرا فتلقفته أيادى بعض الأعراب الرحل المقيمين فى أخباش على امتداد الترعة الحلوة ترعة الإسماعيلية بزمامى المطرية والمرج، تأقلم حتى أصبح عربيا فى عاداته وتقاليده ولهجته تتلمذ على أيديهم فأتقن أفانين الإجرام حمل السلاح وأجاد الرماية.

بدأ مغامراته الإجرامية باتباع نزوات شبابه فسطا على بيوت العرب المجاورة يخطف الفتيات ويغتصب الزوجات ويسلب الأعراض وعندما شبت الحرب العالمية الثانية كان يكمن للمجندات الأجنبيات ويفترس أجسادهن على الرمال.

عصابة من الأعراب

كون الصعيدي أخطر عصابة للسطو والتهديد والإرهاب عام 1948 وجعل مركزها بعرب الشيخ عبد الله على الترعة الحلوة بزمام ضاحية المطرية اختار أفرادها من عمالة الإجرام الأعراب وهم سالم حماد فضية نسبة إلى والدته المعو فضية وسليم سليمان البظ وسليم البدوى

أفواه البنادق

كانت العصابة تفرض خفارة أفرادها الصورية على الملاك والأعيان والأغنياء بدعوى حماية أملاكهم من اللصوص والأشرار نظير أتاوة باهظة، والويل كل الويل لمن يرفض الحماية فإن العصابة تحاصر أملاكه ليلا ونهارا ونهارا وتفتح أفواه بنادقها وهى تسرق مواشيه وتتلف مزاعه وتحرق أجرانه.

كانت تقع هذه الحوادث دون أن يتلقى البوليس بلاغا واحدا ضد العصابة فقد كان الجيمع يخشون بطش زعيمها وانتقامه الرهيب، وباتت المنطقة تحت سلطان هذه العصابة الباطشة.

قتل وإنذار

حدث أن تقدم أحد أهالى عزبة جاد المولى إلى نقطة البوليس يبلغ عن سرقة برسيمه واتهم محمد أحمد الصعيدى فى ارتكاب الحادث وشهد فى المحضر شيخ العزبة

وما كاد محمد الصعيدى يعلم بذلك حتى كمن للشاكى وصرعه برصاص بندقيته وفى نفس الوقت قصد إلى منزل شيخ العزبة وأحرقه تماما أنذارا بقتله لو فكر فى الشهادة ضده والعجيب أن الحادثتين قيدا ضد مجهولين إذ لم يجرؤ مخلوق على الشهادة ضد الصعيدى.

تلك الليلة قام اليوزباشى العبودى مع قواته واتجه معهم نحو المزاع التى كانت العصابة تكمن بها، واقتحم الضابط عشة سليم البظ وقبض على الصعيدى ورجاله ورجاله جميعا وتمكن من ضبط الأسلحة المدفونة فى جحور أرضية على بعد مسافات من عشة سليم البظ

حرر المعاون محضرا وأرسله مع المتهمين إلى النيابة ولكن بكل أسف أحجم محمد أبو الدهب والخفراء عن الشهادة ضد الصعيدى وأعونه كما أن ضبط السلاح فى مكان بعيد عنهم لم يكن دليلا على حيازتهم له، ولذلك أفرج عن بقية العصابة

إرهاب شبرا

ظلت مباحث المحافظة تطارد العصابة وتتعقبهم فرحل الصعيدى مع رجاله إلى دائرة قسم شبرا وأقاموا فى وكر بزمام عزبة الأمير، وكان ذلك فى عام 1949

استأنفت العصابة مغماتها فقطعت الطريق على المارة وسلبتهم أموالهم وهاجمت العزب والقرى وسطت على اليوت وحظائر المواشى وعاشت متطقة شبرا  تحت إرهاب هذه العصابة المسلحة

أصبع وليدة

وفى الساعة الرابعة والنصف من فجر أحد الأيام كمن محمد أحمد عيد الصعيدى وسالم حماد فضية فى الطريق بين الأميرية وعزبة القصرين

ثم هاجما بسلاحهما اثنين من باعة اللبن وسلبا منهما كرها ما معهما من نقود وقبل هرب المجرمين تمكن أحد البيانين  من التقاعد عصاه الغليظة وضرب بها الصعيدى ضربة قوية بترت عقلة أصبعه الخنصر بيده اليمنى فهر بالصعيدى وزميله، بلغ الحادث إلى قسم شبرا وحضر إلى مكان الحادث القائمقام محمد أمين جعيصة مفتش المباحث وقتذاك وتولت النيابة التحقيق وبمعاينة مكان الحادث عثر على لبدة قال المجنى عليهما أنها خاصة بالمتهم الذى بترت عقلة أصبعه.

لم يكن المجنى عليهما من هذه المنطقة فلم يرشدا عن المتهمين الجهلهما بشخصيتهما وقيد الحادث جناية سرقة بالإكراه ضد مجهولين

وعهد مفتش المباحث إلى اليوزباشى العبودى بالتحرى عن الجناة

حصن من العشش

تنكر المعاون وقصد صحراء المطرية ووتمكن من جمع معلومات بأن الصعيدى وفضة هما مرتكبا الحادث

لقد علم أنه عقب إصابة الصعيدى وبتر أصبعه نقله الأعراب إلى عشش بدائرة مركز قليوب فعاد إلى المحاظة وجمع رجالة وقام إلى قليوب

كانت عشش الأعراب منتشرة ففتشها جميعا ولكنه لم يعثر على العصابة ثم صعد إلى سطح العشش فهوى سقفها المتهالك إلى أسفل على أم رأس الصعيدى الذى كان فى حالة سيئة بعد أن تعفن أصبعه المبتور فأرسله تحت الحرسة إلى المستشفى وبعد شفائه شرع وكيل النيابة فى التحقيق معه ومع رجاله تقهقر المجنى عليهما

كان ماضى هذه العصابة قد سبقها إلى أسرة المجنى عليهما اللبانين ولذلك عندما مثلا أمام وكيل النيابة وعرض عليهما المتهمين رفضا التعرف عليهما ولم يشهدا ضدهما حرصا على حياتهما وللمرة الثالثة أفلتت العصابة وأخلى سبيل أفرادها

جرائم أول الشهر

عادت العصابة إلى أعمالهما الإجرامية بصورة أبشع بعد أن سيطرت على الأهالى وقنة أنه لن يجرؤ ضحية على الإدلاء بالشهادة

وقد بدأت العصابة فى سلب مرتبات موظفى وعمال بعض المصانع فى أوائل كل شهر فقد كانت تكمن على طريق ترعة الإسماعيلية بشبرا البلد وتقطع عليهم الطريق وتجردهم من ماهياتهم وكانت البلاغات تنهال ضد مجهولين إلى إدارة األأمن العام فى أوائل كل شهر

كما أن العصابة سطت بالسلاح على مصنع مسامية أنسئ حديثا بشارع السواح بالمطرية وسلبت ما به من أموال ولم يتقدم شاهد واحد ليشهد ضدها

اعتقال الزعيم

وعندما توالت حوادث هذه العصابة رأت إدارة الأمن العام أن تحد من تشاطها الإجرامى فى شخص زعيم العصابة الصعيدى فأصدرت أمرها باعتقاله عسكريا وعندما علم بهذا الأمر اختفى عن الأنظار إلى أن تمكن اليوزباشى العبودى من القبض عليه ورحله إلى تخشيبة قسم روض الفرج تمهيدا لترحيله إلى معتقل قنا

دموع الزعيم

وفى تخشيبة قسم روض الفرج بدأ الزعيم الجبار يبكى إن سبب بكائه يرجع إلى أنه مان قد عقد الهوى قلبه بقلب فتاة من سكان أخباش المطرية لقد أحبها وعبدها وكان لا يمكنه أنه يفترق عنها، حاول الهرب مرارا من التخشيبة ولكنه عجز

شهيد الغرام

عندما شعر بأنه على وشك ترحيله إلى معتقل قنا وأن مصيره الافتراق عن معبودته أمسك بشفرة حلاقة ومزق بطنه وأمعاءه بداخل التخشيبة فسقط يتلوى من الألم ولم يتمكن الطبيب من إنقاذه فمات وهو فى عنفوان شبابه ولم يبلغ الثلاثين من عمره