حسين عبد العزيز يكتب: القصة القصيرة عند صلاح هلال
مداخلة أولى، عندما أخذت اقرأ فى نصوص المجموعة اندهشت ورفعت حاجب وارخيت الأخر وانا امصمص شفيفى واقول كيف كتب صلاح هلال تلك النصوص.
مداخلة ثانية
عند استغرقت فى المجموعة ونصوصها تذكرت نور الشريف ومحمد خان وفيلم ضربة الشمس واللقطة التى صورها المصور شمس وكانت عبارة عن كلمة احترق نصفها، فكانت اللغز الذى عمل المصور على حله ، كذلك اعتمد القاص صلاح هلال على اشياء صغيره وغير ومكتمله ليقوم بغزل نصوص قصيره تستحق ان تكون نصوصا ممتعة
مداخلة ثالثة (كان لبعضهم ولد نحوى يتقعر فى كلامه، فأعتل أبوه علة شديدة، أشرف فيها على الموت، فاجتمع أولاده وقالوا له: ندعو فلانا أخانا فقال لا، إنى جاءنى قتلنى.
فقالوا له نحن نوصيه ألا يتكلم فدعوه فلما دخل قال له: يا ابت قل لا أله إلا الله تدخل الجنة وتفر من النار يا أبت والله ما شغلنى عنك إلا فلان فإنه دعانى بالأمس فأهرس واعنس واستيذج وسكبج وطهبج وأفرج ودجج وأبصل أمضر ولوزج وافلوذج ،فصاح به ابوه : غمضونى ، فقد سبق ابنى ملك الموت إلى قبض روحى ) ” القيروانى جميع الجواهر فى الملح والنوادر .
انتهت المداخلة التى لم اجد أفضل منها لكى امهد الطريق لكى ندخل الى تلك المجموعة التى تشعر القارئ بمتعة لا يمكن ان يجدها فى مجموعات اخرى موجده فى تلك الأيام حيث لم يسعى كتابها على ايجاد تلك المتعة التى هى هدف القارئ من عملية القارئ فى اى مجالا من المجالات
وما ذكرته فى أول المقال من خلال المداخلة أريد أن الفت نظر الكثير من الكتاب والشعراء إلى قضية اللغه التى يعملوا جاهدين على جعلها صعبه وغير مستساغه فى تلك الأيام وقد يكون هذا هو هدفهم من الكتابه ذاتها بتلك الصعوبه فتنفر القارئ من عملية القارئة إذن الخساره هنا مذدوجه حيث خسر الكاتب القارئ، وخسرت عملية القراءة القارئ فى مجملة، اى القارئ فى جميع المجالات.
وايضا قد أشار الى تلك القضية المخيفة ” مصطفى لطفى المنفلوطى فى كتابه النظرات الجزء الثالث الفصل الأول ص٥ ” لم يزل جماعة اللغويين وعبدة الألفاظ والصور يتشددون فى اللغة و يتحذلقون، ويتشبثون بالأساليب القديمة والتراكيب الوحشة، يغالون فى محاكاتها واختذائها، ويأبون على الناس الا أن يجمدوا معهم حيث جمدوا ويتزلوا على حكمهم فيما أرادوا، ويحاسبون الكاتبين والناطقين حسابا شديدا على الكلمة الغريبة والمعنى المبتكر ، ويقيمون المناحات السوداء على كل تشبيه لم تعرفه العرب وكل خيال لم يمر بأذهانهم، حتى ملهم الناس.
ليست الأساليب اللغوية دينا يجب أن نتمسك به ونحرص عليه حرص النفس على الحياة ، إنما هى أداة للفهم وطريق اليه ، لا تزيد على ذلك ولا تنقص شيئا . واكتفى بهذا القدر من رأى المنفلوطى فى اللغة الأدبية التى قد أعود اليها فى موضع آخر.
والآن نتوجه إلى مجموعة “وجوه خارج الكادر” للقاص صلاح هلال ، الذى نجح فى ان يغزل لنا نصوص سهلة بسيطة وتوجد قدرا لا بأس به من المتعة بالنسبة لقارئ النصوص والقارئ لا يريد غير ذلك من المبدع، بل هو لا يريد اى شيئا من اى شئ غير المتعة فهو يشاهد الفيلم من أجل المتعة ويسمع الأغنية من اجل المتعة ويسمع الشيخ من اجل المتعة، إذن المتعة اساس اى شئ يقوم به الإنسان فى تلك الحياة.
ومن هنا نتوجه إلى مجموعة قصصية توجد المتعة الى القارئ، ونبدأ بنص “وجه جدى الآخر” هذا النص الذى تشعر فيه بالقلق ، حيث نجد أن القلق يسيطر على البطل، ويجعله لا يشعر باللحظه التى هو فيها، انه القلق الذى جعله يحس ويشعر بأن جاره فى الأرض قد نقل الحد الفاصل الذى بينهما، وكلما تمكن منه هذا الإحساس يذاد لدية القلق والخوف من هذا الفعل الجهنمى.
وتحت كل هذا القلق اتاه جده فى الحلم وهو يصرخ فيه ويهز كيانه قائلا ” إنهض إلى أرضك وتأكد من حدودك ، وحافظ عليها ” فاق من حلمه وارتعدت فرائصة التى لا تساعده على التماسك ، يقترب من ارضه وهو يرى أشباحا كأقزام تحوم حوله الدائرة تضيق عليه فصرخ وهو يشق رؤوسهم بفأسه انشقت الأرض عن وجه جده ،وابتسم وهو يتأكد مع ضحكات العصافير .
وهذا يعنى انه كان فى حلم وليس فى الواقع وما اكثر الاحلام التى يقابلها الإنسان فى حياته، ونخرج من هذا الحلم لنقابل نص أخر اسمه نواح و هذا النص يمكن ان طلق عليه انه نص صوفى من اعلى مراحل الصوفيه تلك الصوفيه التى يتحلى بها رواد الموالد ومجاذيب القرى .نعم كان القاص بارعا وهو يبنى لنا سيناريو لمجذب لايبدو انه مجذوبا لإلا فى أخر كلمة فى النص القصير جدًا .
حيث سأله احد افرد القرية عما لدية
– من أين لك هذا ؟!
فقال
– هو من عند الله .
السؤال عن ماذا لا احد يدرى .
والاجابه ماذا تعنى ايضا لا احد يدرى ايضا اليس مجذوب والمجاذيب لا يعول على افعالهم واقولهم كثيرا .
وفى نص وجوه خارج الكادر .
نجد مشهد ووجوه اعيشها كل بعد صلاة الجمعة فى مسجد الباز الذى اصلى فيه الكثير من جمعات الشهر .فبعد ما أن يسلم الامام ويعتدل ويتربعت فى محرابه حتى تسرع اليه الاطفال الموجوده بالمسجد لتسلم عليه على الشيخ سامح المصرى ذو الوجه البشوش، والفهم العميق للدين والاطفال سعيده وهى تسلم على الشيخ كما فى نص صلاح هلال والشيخ فى النص وفى الواقع نجح بفهمه العميق للدين ان يكون محبوبا ، وهذا يعنى انه فاهم طبيعة عمله والتى هى مثل رجل المرور الذى يوضح للناس الخطأ من الصواب .اقول هذا لكى أوكد على نجاح القاص فى اختزال لقطه بسيطه وسهله وهى خارج الكادر.