أزمات واتهامات.. أيام من حياة الدكتور صلاح فضل

كان شيخ النقاد الدكتور صلاح فضل والذي رحل عن عالمنا في العاشر من شهر ديسمبر حاضرا في العديد من الازمات، سواء كانت ازمات ألمت به شخصيا، أو ازمات كان طرفا فيها، او أخرى أنصف فيها أطرافا وكان لد دوره في إعادة التوازن، فصلاح فضل بما له من قيمة كبيرة كناقد كبير كانت له كلمة قوية وكان رأيه حاضرًا في العديد من القضايا.

من هو صلاح فضل؟

والدكتور محمد صلاح الدين فضل الشهير بـ صلاح فضل، هو واحد من كبار أساتذة النقد في العالم العربي، ولد عام 1938 بمحافظة كفر الشيخ وحصل على ليسانس اللغة العربية من كلية دار العلوم جامعة القاهرة عام 1963، والدكتوراة من كلية الآداب جامعة مدريد بإسبانيا عام 1971، وعين بقسم اللغة العربية بآداب عين شمس وتدرج في سلك هيئة التدريس بالجامعة حتى وصل إلى درجة الأستاذية ثم عين مستشارًا ثقافيا لمصر ومديرا للمعهد المصري للدراسات الإسلامية بمدريد عام 1980 وتولى مسئولية عميد المعهد العالي للنقد الفني بأكاديمية الفنون من 1985 وحتى 1988.

الجمعية المصرية للنقد الأدبي

وساهم فضل في تكوين الجمعية المصرية للنقد الأدبي، وترأس تحرير مجلة فصول التي تصدر عن هيئة الكتاب، وله العديد من المؤلفات ومنها منهج الواقعية في الإبداع الأدبي، والنظرية البنائية في النقد، وتأثير الثقافة الإسلامية في الكوميديا الإلهية لدانتي”، وغيرها الكثير.

وتدرج فضل حتى ترأس دار الكتب والوثائق ومحكما في عدد من المسابقات الشهيرة مثل شاعر المليون وغيرها.

أهم الأزمات

ومن أهم الأزمات التي واجهها صلاح فضل هي أزمة سرقة مخطوط الإمام الشافعي من دار الكتب والوثائق القومية وقت ان كان يتولى رئاستها، فقد تولى الدكتور صلاح فضل رئاسة مجلس إدارة الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية في الفترة من 8 يناير 2002 إلى 20 مارس 2003، وفي شهر ديسمبر من عام 2002 تم اكتشاف اختفاء مخطوط الإمام الشافعي من دار الكتب والوثائق، وثارت ثائرة الكتاب والصحفيين وكانت الأزمة هي عدم تبليغ السلطات باختفاء المخطوط لمدة 6 ايام من اختفاءه، ولم يستدل على المخطوط حتى هذه اللحظة.

حديث صلاح فضل

لكن صلاح فضل تحدث عن هذه الازمة في حوار مع جريدة أخبار الادب فقال:” إن هناك أربع مخطوطات أخرى لمخطوط الرسالة للإمام الشافعي وإن كانت ترجع لفترات زمنية متفرقة، بل إنها تفوق المخطوط المسروق من حيث عدد صفحاته، وهي بخط تلاميذه، وأشار إلى أن ذلك لا يمنع خسارتنا الأثرية الكبيرة في المخطوط الذي تمت سرقته.

وأكمل فضل:” إن سرقة المخطوط كانت مدبرة وأن الدار شهدت الكثير من عمليات السطو والسرقة لوجود خلل أمني بها، لأن جهاز الامن بالدار مهمته تأمين هذه الآثار حتى وإن كانت معروضة في معرض، فلو أن رجل الامن قام بواجبه لما فقد هذا المخطوط.

وأشار إلى أنه تم عمل حصر كامل للمخطوطات منذ التسعينيات وبلغ عددها 51594 مخطوطا، وأن هناك مشكلة فيما يسمى بالمجموعات وهي أوراق متفرقة من المخطوطات وأن مشكلة المخازن والتي تتمثل في أن الكتب وخاصة المخطوطات القديمة والتي تفقد فقدا جزئيا وكليا خاصة القديم منها وهذا يعد بمثابة الموت الطبيعي وتصل نسبة التالف إلى 100% بما يعني إتلاف مائة مخطوط سنويا.

أزمات أخرى

وبخلاف أزماته في المواقع التي تولى مسئوليتها لكن صلاح فضل كانت له أزمات أخرى إزاء آرائه في الشعر، وكان يصدح بآرائه في المؤتمرات وغيرها، ومنها أزمة التيارات الشعرية الحديثة، أما عن تفاصيل هذه الأزمة ففي ختام مؤتمر “واقع الشعر والرواية في إقليم غرب ووسط الدلتا” وهو المؤتمر الذي استضافته محافظة الثغر وعقد بقصر التذوق بسيدي جابر وكان الدكتور صلاح فضل واحدًا من المتواجدين بالمؤتمر، أيد فضل موقف الشعراء من النقاد .

مؤكدًا أنه لو كان شاعرا لما استمع إلى نصيحة ناقد، بعدما تسبب النقد والنقاد في إيجاد حالة جيدة للمبدع بما يطلبوه من شروط – مجحفة –  في النص، وشن صلاح فضل حملة على تيارات الشعر الحديثة في كلمته عن شعرية شعراء الشعر ورفض مناقشة ديوان “تاسوعات” للشاعر صلاح اللقاني.

وكانت لهذه الازمة تبعيات كثيرة من ابناء التيارات الشعرية وأيضًا من النقاد خاصة وانه ناقد كبير ويتكلم بلسانهم لكن الامر ظل يخفت تدريجيا على صفحات الدوريات المصرية.

أزمة الشعر

وكانت لصلاح فضل آراء أنصفت العديد من الشعراء، خاصة وأنه قارئ كبير ومتذوق عظيم للأدب، ومن أهم من أنصفهم صلاح فضل كان الشاعر الكبير أمل دنقل، وكأنه برده قد رد غياب أمل دنقل عن الرد بوفاته، فقد حدث أن اتهم الدكتور محمود بركات الشاعر الكبير أمل دنقل بأنه قد انتحل قصيدته “ميتة عصرية” من الشاعر السوري محمد الماغوط، واكد انها سرقة واضحة يصعب سترها ولا تنتمي لمناظرات الشعراء الكبار مثلما فعل أحمد شوقي في نهج البردة للإمام البوصيري.

رد الدكتور صلاح فضل

وتدخل الناقد صلاح فضل معلقا على اتهام الدكتور محمود بركات قائلا:” أستبعد أن يكون الشاعر الكبير أمل دنقل قد انتحل قصيدته “ميتة عصرية” أبياتًا شعرية من قصيدة “أمير من المطر وحاشية من الغبار” للشاعر السوري محمد الماغوط، وذكر أنها مجرد استفادة من تقنية فنية وهذه الاستفادة لا تدخل في نطاق السرقة بقدر ما تدخل في نطاق التراسل الجميل بين الشعراء الأنداد، وان مقام أمل دنقل وشاعريته لا تقل قوة ولا خصوبة عن نظيره السوري.

برنامج متكامل لحماية اللغة العربية

كان فضل يرى أن قضية اللغة العربية قضية مهمة جدا يجب أن تأخذ الاهتمام الكافي فالوطن قبل أن يكون تصورا مجردا فهو حقيقة تجسدها لغة، والشاب لكي يكون ناجحا عليه أن يتقن لغة وطنه قبل أن يتقن أي لغة أخرى فقبل عشق الأخريات عليه عشق محبوبته الأولى.

ويكمل فضل: لا يمكن معرفة الدين الصحيح قبل أن نتذوق حلاوة القرآن الكريم الناطق باللغة العربية، ولا يمكن على سبيل المثال أن ينجح طبيب دون إتقان للغة الوطن التي يتحاور بها مريض أو معلم مع تلاميذه، وعل هذا يجب أن تتضافر كل الجهود من أجل جيل جديد وموقع للامة الناطقة بالعربية على خريطة مستقبل البشرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى