«والت ديزني».. حكايات عن أشهر صانع للخيال

ابتكر ميكي ماوس، أشهر شخصية رسوم متحركة في العالم.. أنتج أول فيلم تحريك طويل.. اخترع أروع منتزه ترفيهي في العالم، وأسس أكبر شركات الإنتاج السينمائي ووسائل الإعلام والترفيه العالمية، ليصبح والت ديزني وعن جدارة صانع الخيال الأول في القرن العشرين.. المسؤول عن تشكيل عالمنا وتغيير حياتنا بأفلامه وشخصياته من الرسوم المتحركة، وابتكاراته الأخرى.. والت ديزني الرجل الذي أسعد الملايين وخلد اسمه كعلامة تجارية ناجحة تحتل المركز الثالث عشر في لائحة أقيم العلامات التجارية لمجلة «فوربس» حيث تبلغ قيمتها السوقية في 2017 أكثر من 178 مليار دولار، حسبما ذكرت هايدي عبد اللطيف في كتابها ” موسوعة المشاهير” الجزء الاول والذي صدر عن دار دوِّن للنشر والتوزيع.

شخصيات والت ديزني

عندما يذكر اسم والت ديزني نتذكر جميعا أشهر شخصيات الرسوم المتحركة في العالم، الفأر الذكي والماهر الذي أبدعه الفنان والمخرج العبقري وأعطاه صوته في أول أفلامه.. وعائلة بطوط أو ذكر البط «دونالد دك» وأقاربه، وعشرات بل مئات الشخصيات والكثير من أفلام التحريك التي مازلنا نستمتع بها لليوم كبارًا وصغارًا. لم يخش والت ديزني المخاطرات بل وصف بأنه رجل المخاطرة، طموحه لا ينتهي ولا يعرف اليأس فقد سعى 20 عامًا ليحصل على حقوق تحويل شخصية ماري بوبينز من قصص المربية الإنجليزية الشهيرة إلى فيلم. ولم يقتصر الأمر على تقديم الأفلام فقط، بل صنع أمتع المنتجعات الترفيهية بشخصيات أفلامه محولًا الخيال لحقيقة، ومؤثرًا بشكل لا مثيل له في صناعة الترفيه في القرن العشرين.

العبقري غزير الإنتاج

كان والت ديزني عبقريا غزير الإنتاج، فهو منتج ومخرج وكاتب سيناريو ومؤد صوتي ورجل أعمال ناجح.. رشح 59 مرة لجائزة الأوسكار وفاز بها 22 مرة بالإضافة لأربع جوائز أوسكار فخرية. أشتهر كرائد في مجال التحريك. اخترع عددا من شخصيات الرسوم المتحركة الأكثر شهرة في العالم وأهمها ميكي ماوس ودونالد داك (بطوط)، والعديد من الشخصيات المحببة لدى الكبار والصغار. وقدم مجموعة من أجمل أفلام التحريك المأخوذة عن أشهر قصص الأطفال مثل طرزان، «سنووايت والأقزام السبعة»، سندريلا وغيرها.

راوي القصص البارع

عُرِف ديزني بكونه راوي قصص بارع ونجم تلفزيوني كبير، ابتكاراته خلدت ذكراه، فهذا الفنان العبقري لم يعش طويلا، بل توفي في سن الخامسة والستين بعد إصابته بسرطان الرئة حيث لم يشهد بدء انشاءات منتجع «عالم ديزني» الترفيهي في أورلاندو، الذي بدأ العمل فيه عقب وفاة ديزني بعام واحد وافتتح شقيقه روي أول أجزاءه «المملكة السحرية» في أكتوبر 1971.

ترك ديزني ميراثًا فنيًا ضخمًا وشركة تحمل اسمه، استطاع قسم الأعمال فيها أن يجعلها واحدة من أنجح العلامات في العالم والأكثر نجاحا في صناعة الترفيه، بعدما سار على خطى مؤسسها العبقري، الفتى المكافح الذي لم يكمل دراسته لكنه لم يتوقف عن الحلم يومًا وتغلبت موهبته على واقعه الفقير وحياته البسيطة جاعلة منه حاكم مملكة الخيال السحرية للأبد..

حياة فقيرة

كان من الممكن أن يستسلم الفتى الصغير والت ديزني لمصير عائلته الفقيرة وينتهي به الأمر عاملا على سيارة إسعاف تابعة للصليب الأحمر، لكن «والت» الطموح سعى لتحقيق أحلامه وهزم لعنة الفقر التي أصابت والده وعانى منها لسنوات.  ولد «والتر إلياس ديزني» في 5 ديسمبر 1901 في هيرموزا بولاية إيلينوي، واحد من خمسة أبناء، أربعة ذكور وفتاة، لإلياس ديزني وفلورا كال.

عشق والت الرسم منذ طفولته، وكان يرسم لوحات فنية ويبيعها لأصدقائه وجيرانه. وفي سن العاشرة انتقل مع عائلته إلى «كانساس سيتي» حيث تعلق بالقطارات التي كان يعمل فيها خاله، وجعله يلتحق بالعمل فيها خلال عطلته الصيفية، ليبيع الوجبات الخفيفة والجرائد. وخلال دراسته الثانوية، التحق بدورات دراسية ليلية في «معهد شيكاغو للفنون» حيث تعلم التصوير وأصول الرسم، الأمر الذي أسهم في تطوير موهبته كثيرًا.

الفنان المغامر

في سن السادسة عشرة، هجر الفنان المغامر والت ديزني دراسته، وقرر الالتحاق بالجيش، لكن لم يتم قبوله لصغر سنه، فاتجه مع صديق له للعمل في الصليب الأحمر، حيث أوفد إلى فرنسا لمدة عام ليعمل سائقًا لإحدى سيارات الإسعاف أثناء الحرب العالمية الأولى. بعد عودته للولايات المتحدة، استقر في «كانساس سيتي»، وكانت لديه رغبة كبيرة في دخول مجال السينما، ما جعله يعمل لدى مؤسسة «Pesman-Rubin Commercial Art Studio»، مقابل 50 دولارًا شهريًا، حيث تولى مهمة تصميم غلاف البرنامج الأسبوعي لمسرح نيومان.

هكذا التقى شركه

خلال عمله للمرة الأولى في التصميم، التقى والت ديزني بالرسام أوبي ايوركس الذي سيصبح شريكًا له لسنوات طويلة قادمة. أسس الشابان في عام 1920 شركة باسم «Iwerks-Disney Commercial Artists» للعمل في مجال الدعاية، لكن هذه الشركة لم تكن تتناسب وطموحات الفنان الموهوب؛ خصوصًا بعد أن بدأ يعمل لصالح شركة « كانساس سيتي فيلم» في صناعة أفلام دعائية قصيرة. جسدت تلك الأفلام أول علاقته بالكاميرا والسينما، ما جعله يقوم لاحقًا بعمل أفلام رسوم متحركة قصيرة، وبيعها لمسرح نيومان.

أول تحريك

لم تتجاوز مدة الأفلام الأولى التي صنعها ديزني أكثر من دقيقة واحدة، لكنها لاقت إقبالًا كبيرًا وأغرت الجماهير وسحرتهم لأنها كانت تنبض بمشاكلهم وتنتقد أوضاعهم وهمومهم. وفي عام 1922، افتتح أول استوديو تحريك خاصًا به تحت اسم «Laugh-O –Grams Inc.»، حيث بدأ في إنتاج أفلاما قصيرة من الرسوم المتحركة، استلهم أحداثها من حكايات الساحرات وقصص الأطفال.

كانت هذه الأفلام القصيرة تباع بسهولة في كانساس، لكن تكلفتها كانت أكثر من أرباحها خصوصًا بعدما قام ديزني بتعيين عدد من الرسامين الموهوبين لمعاونته، ما أثقل الاستوديو بالديون، واضطر ديزني لإشهار إفلاسه والانتقال إلى هوليوود في كاليفورنيا.

رسوم وشخصيات

اتجه والت ديزني إلى عاصمة السينما الأميركية بوصفه فنانًا في أفلام التحريك ورجل أعمال مغامر، وقام مع شقيقه روي بإنشاء النواة الأولى لـ «استوديو ديزني للرسوم المتحركة» في عام 1923 في حي «سيلفر ليك»، والذي استمر مقرًا للشركة حتى عام 1939. كان الرسام الموهوب يأمل في الترويج لحلقات من الرسوم المتحركة التي كان قد نفذها خلال فترة عمله في كانساس تحت عنوان «كوميديا أليس»، واستطاع بالفعل أن يفوز بعقد لإنتاج سلسلة من مغامرات أليس بلغت 12 فيلمًا. وأخيرًا ابتسمت الدنيا للفنان المغامر الذي بدأ يصعد الدرجات الأولى لسلم النجاح.

استمرت «مغامرات أليس» حتى عام 1929، وفي الوقت نفسه أنجز رسومًا جديدة لأرنب أسماه «أوزوالد» لصالح المنتجة «مارغريت وينكلز» وزوجها، لتنطلق سلسلة «أوزوالد الأرنب المحظوظ» التي حققت نجاحًا كبيرًا، وتولت توزيعها شركة «وينكلز يونيفرسال بيكتشرز». ومجددًا يلاحق سوء الحظ ديزني، فبعد تنفيذه 26 حلقة لشخصية أوزوالد، خسر العقد وتمكن «تشارلز ميتتز» من التعاقد مع كل رسامي شركة «والت ديزني» للبدء في استوديوهاته الخاصةلأفلام التحريك، وكان صديق ديزني المخلص «أوبي ايوركس» هو الوحيد الذي رفض التعاقد مع ميتتز.

أشهر فأر

بعد خسارته حقوق الأرنب أوزوالد، شعر ديزني بحاجته لابتكار شخصية كارتونية جديدة، ووجد ضالته في فأر صغير كان يربيه منذ أيام أول استوديو أسسه مع صديقه وزميله ايوركس. وقام والت ديزني بعمل الرسوم الأولى للفأر الشهير «ميكي ماوس» الذي أصبح فألا حسنًا ووجه السعد والخير. صنع ديزني أول أفلام ميكي ماوس بعنوان « الطائرة المجنونة» وكان صامتًا ككل أعمال ديزني في ذلك الوقت. ومع بداية انتشار السينما الناطقة أضاف لـ «ميكي ماوس» صوته الخاص في فيلم «سفينة البخار ويلي»، الذي خرج للنور في نوفمبر 1928. ومنذ ذلك الوقت بدأ «ديزني» يؤدي صوت «ميكي ماوس» بنفسه منذ ذلك الفيلم وحتى عام 1947.

ميكي ماوس

قام «ايوركس» برسم شكل الفأر الشهير، لكن ديزني هو الذي تولى صنع شخصيته، حركاته وطريقة كلامه، لذلك التصق كثيرًا بشخصيته المحببة التي نجده ممسكًا بيدها على حافة مرتفعة أمام القلعة السحرية مرحبًا بزوار ديزني لاند بولاية كاليفورنيا. فاقت شعبية «ميكي ماوس» الشخصيات الكارتونية السابقة، وخصوصًا «القط فليكس» الذي كان أشهر شخصية رسوم متحركة خلال العشرينيات من القرن الماضي. وفي العام 1932 نال ديزني جائزة أوسكار لابتكاره شخصية الفأر ميكي.

العصر الذهبي

كانت الثلاثينيات من القرن العشرين هي العصر الذهبي بالنسبة إلى صناعة التحريك حيث استثمر والت ديزني نجاح الفأر ميكي في إضافة شخصيات أخرى مثل دونالد دك (بطوط كما نعرفه في مصر والدول العربية) وغوفي (بندق) والكلب بلوتو.. ومن بين كل الشخصيات الجديدة حقق بطوط شعبية كبيرة وأصبحت له أفلامه المنفصلة وعالمه المستقل في عام 1937. وكان ديزني قد بدأ في إنتاج أفلام ملونة لمغامرات ميكي ماوس وأصدقائه منذ عام 1935.

أحلام والت ديزني

لم تتوقف أحلام والت ديزني عند صناعة أفلام تحريك قصيرة بل قام في عام 1934 بمحاولة إنتاج أول فيلم تحريك طويل وهو «سنووايت والأقزام السبعة» المستوحى من قصة «الأخوان غريم» الشهيرة. وقد استغرق العمل في الفيلم ثلاث سنوات؛ حيث عرض في ديسمبر 1937 وحقق أعلى الإيرادات، واستمر عرضه لمدة عامين. وباستخدام الأرباح التي حققها من فيلم «سنووايت» تمكن والت ديزني من تمويل بناء الاستوديوهات الحالية لشركته على مساحة 51 فدانًا، والتي مازالت تشكل المقر الرئيس لشركة «أفلام ديزني» حتى يومنا هذا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى