«سندريلا القرن العشرين».. القصة الكاملة لأميرة القلوب.. ديانا
قصة حياة ديانا وشخصيتها وجاذبيتها وابتسامتها تشبه الأساطير بالفعل، وبرغم مئات الكتب عنها، وآلاف المقالات التي رويت سيرة حياتها، يأتي 31 أغسطس من كل عام فنتذكر بألم حادث وفاتها المباغت ويُطل التساؤل المحير، هل قُتلت ديانا عن عمدٍ؟ أكان ذلك الحادث المدهش مدبرًا أم كان قضاء وقدر؟ تساؤل قدره أن يبقى بلا إجابة طالما وجد من لا يرغبون في كشف سر مقتل الأميرة الراحلة. الأميرة التي اعتبرها العالم «سندريلا القرن العشرين»، منذ ظهرت للملأ لأول مرة في فبراير 1981 بعد إعلان خطبتها على الأمير تشارلز، وخصوصًا بعد حفل الزواج الأسطوري الذي أقيم في يوليو من العام ذاته، وذلك حسبما ذكرت هايدي هبد اللطيف في كتابها “موسوعة المشاهير” الجزء الأول والصادر عن دار دوِّن للنشر والتوزيع..
سندريلا القرن
منذ إعلان قصر بكنجهام عن اختيار ديانا سبنسر (لقبها قبل الزواج) عروسًا لولي العهد البريطاني، الأمير تشارلز، أطلقت عليها الصحف العالمية لقب «سندريلا القرن»، تلك الفتاة العادية التي أصبحت فجأة أميرة وزوجة للملك المقبل. وتشبه قصة ديانا حكاية الفتاة الفقيرة سندريلا إلى حد كبير، غير أنها لم تكن فقيرة بتاتا أو يتيمة، لكنها أيضًا عانت من انفصال والديها وحياة تعيسة مع زوجة الأب مثل بطلة الحكاية المشهورة.
ولدت «ديانا فرانسيس سبنسر» في الأول من يوليو 1961 بمنطقة ساندرينجهام، في نورفولك بشمال الريف البريطاني. كانت الابنة الرابعة لفيكونت اثروب جون سبنسر وزوجته الأولى فرانسيس روش، ابنة بارون فيموي. وهي بذلك تنتمي للطبقة الأرستقراطية، فعائلة سبنسر تعد إحدى العائلات النبيلة في إنجلترا، ارتبطت بعلاقة وطيدة بالعائلة الحاكمة لقرون. حملت لقب «ليدي» عام 1975 بعدما حصول والدها على لقب «إيرل» عقب وفاة والده. وإيرل لقب إنجليزي سكسوني يأتي في الدرجة الرابعة لسلم ترتيب النبلاء، والذي يضم خمس طبقات أعلاها الدوق وأدناها الفيكونت.
ديانا والسعادة
لم تكن ديانا تشعر بالسعادة داخل محيط أسرتها النبيلة التي حطمتها الخلافات المستمرة بين والديها، وانتهت بالطلاق في عام 1969، حين كانت ديانا وقتها لا تزال طفلة صغيرة تبلغ من العمر ست سنوات. وقد تسبب الفراغ الكبير الذي خلفه انفصالها عن والدتها بعدما نجح الأب في الحصول على حضانة الأبناء في تعميق إحساس الطفلة الصغيرة بالحزن الشديد، وانطوائها وضعفها في التحصيل العلمي، فلم تكن ديانا متفوقة أكاديميًا مثلما كانتا شقيقتيها، إذ كانت درجاتها العلمية متدنية، على عكس حظها في الأنشطة الرياضية والنشاطات الخيرية التي تفوقت فيها وكان إبداعها فيهما ملحوظًا.
بعد مرور أربع سنوات على طلاق والديها، قرر الأب؛ «إيرل سبنسر» الزواج للمرة الثانية من الكونتيسة «رين دارتموث»؛ التي بدخولها منزل العائلة تغيرت حياة الأسرة تدريجيا، إذ لم ترض الفتيات بوجود دخيلة في حياة والدهن، وبالأخص ديانا التي كانت تحب والدها حبًا جمًا، وقد ظنت أن الكونتيسة ستقف حائلًا بينها وبين والدها. وبشكل عام كان وجود الكونتيسة منفرًا للأبناء الذين لم يشعروا بالحب تجاه زوجة الأب المتغطرسة والتي أصبحت تتحكم في كل تفاصيل حياة الأسرة المعنوية والمادية، وأصبحت هي التي تقرر وتنفذ، والشخص الآمر الناهي في القصر، وهو ما عزز من حجم كراهية الأبناء لها.
العروس المناسبة
في سن السادسة عشرة، تركت ديانا دراستها بعد أن فشلت في الحصول على تمهيدي شهادة الثانوية، والتحقت بمعهد «ألبن فيدمانيت» التأهيلي في مدينة روجمون بسويسرا، الذي تتعلم فيه الفتيات التزلج على الجليد والطهي والحياكة واللغة الفرنسية، ولكنها لم تستمر في الدراسة به طويلا بسبب تشدد قوانين المعهد التي تجبر طلبتها على الدراسة باللغة الفرنسية، وعادت ديانا إلى ألثورب مقر أسرة سبنسر وهي تخطط للسفر إلى لندن حيث تعيش شقيقتيها ووالدتها هناك والاستقرار في العاصمة الإنجليزية. أقامت ديانا في لندن بصحبة والدتها، ثم انتقلت لتقيم في شقة بمفردها قدمها لها والدها كهدية في عيد ميلادها الثامن عشر. خلال تلك المدة امتهنت ديانا وظائف عدة فعملت كمنظفة ونادلة قبل أن تعمل في روضة أطفال. من جهة أخرى كانت الضغوط تتزايد على ولي العهد، الأمير تشارلز لكي يتزوج خصوصًا وأنه كان في أوائل الثلاثين من عمره.
أمير ويلز
كان أمير ويلز قد التقى بالليدي الشابة في إحدى رحلات الصيد في عام 1979 وأعرب عن إعجابه الشديد بجمال ليدي ديانا وعفويتها. لم يكن ذلك اللقاء الأول الذي جمع تشارلز وديانا، فقد سبق لهما أن التقيا في عدد من اللقاءات العائلية والحفلات الراقية التي كانت تقام في قصر آل سبنسر بألثورب حيث كان أعضاء الأسرة المالكة من كبار الضيوف. واعتبرت الليدي ديانا، سليلة العائلة الأرستقراطية، عروسًا مناسبة للأمير الشاب حيث كانت على مذهب الكنيسة البريطانية، عذراء ذات صفة ملكية أو أرستقراطية وهي مواصفات عروس ولي العهد وملكة المستقبل آنذاك.
أميرة ويلز
بعد عام من اللقاءات وانتشار الشائعات عن علاقة الأمير الشاب بالليدي الجميلة، قرر ولي العهد إعلان خطبته على الليدي ديانا في 24 من فبراير 1981. استمرت فترة الخطبة أربعة أشهر حتى حان موعد الزفاف الأسطوري، والذي أقيم في أكبر وأفخم كاتدرائيات بريطانيا على الإطلاق، وهي «كاتدرائية القديس بول» التي شهدت أشهر الزيجات الملكية في بريطانيا منذ قرون عديدة. ارتدت ديانا في يوم زفافها المميز 29 يوليو 1981 والذي شاهده أكثر من 750 مليون مشاهد حول العالم فستانًا باللون العاجي مرصع بالماس من تصميم المصممين البريطانيين إليزابيث وديفيد إيمانويل. وبعقد قرانها على ولي العهد تغير لقب «الليدي ديانا» لتعرف بصاحبة السمو الملكي الأميرة ديانا أميرة ويلز.
أثمر هذا الزواج الملكي ولادة طفلين وهما الأمير وليام، والأمير هنري الذي أصبح ينادى بهاري، وهو التدليل الذي أطلقته ديانا عليه. كانت ديانا أمًا حنونة تعشق صغارها وتحلم بحياة مستقرة مع زوجها، لكن السعادة التي حلمت بها ديانا مع تشارلز لم تتحقق؛ فبعد انجابها لطفلها الأول وليام اتضح أن تشارلز على علاقة بسيدة تدعى «كاميلا باركز باولز» منذ سنوات سبقت زواجه. كانت كاميلا حينذاك متزوجة من ضابط جيش في السلاح الملكي البريطاني يدعى «أندور باركر»، والذي كان أيضًا صديقًا مقربًا للأمير.
حزن وتعاسة
صدمت ديانا في زواجها بعد اكتشافها علاقة زوجها بكاميلا خصوصًا أنه كان يتركها وحيدة ويسافر بصحبة أصدقائه ومنهم كاميلا في رحلات للصيد، ما أصاب الأميرة الشابة بالحزن وتسبب في رغبتها في العزلة والانطواء، وتطور الأمر لاحقًا لمرض نفسي هو «البوليميا» أو شراهة الطعام، حيث كانت تأكل كثيرًا ثم تؤنب نفسها وتقوم بتقيؤ ما تناولته من طعام. مارست الأميرة الشابة مجموعة من الحميات الغذائية الصحية والرياضة بشكل يومي تحت إشراف مدرب متخصص للحفاظ على رشاقتها والقضاء على النحافة الشديدة التي عانت منها جراء هذا المرض النفسي وبعد ولادة طفلها الأول ويليام.
في منتصف الثمانينيات وحتى نهايتها، تأكد فشل علاقة ديانا بزوجها، فانشغلت برعاية أبنائها وبدعمها للمشروعات الخيرية بوصفها أميرة ويلز، وكانت تقوم بزيارات للمستشفيات للاطمئنان على أحوال المرضى، كما اهتمت برعاية مختلف المنظمات الخيرية، وبعض المؤسسات التي تدعم علاج بعض الأمراض المزمنة كالجذام والإيدز، بالإضافة لتبنيها حملة لمكافحة زراعة الألغام الأرضية.
حب الشعب البريطاني
حصلت ديانا على حب الشعب البريطاني والكثيرين من جميع أنحاء العالم وكانت بالفعل أشهر شخصية بريطانية ملكية في القرن العشرين، لكنها عانت من الحياة التعيسة التي لولا وجود أبنائها لكانت أقدمت على الانتحار، وفقا لمصادر مقربة منها.
انفصال وطلاق
في أواخر الثمانينات ساءت العلاقة بين ديانا وتشارلز، وانتهى الأمر بالانفصال؛ حيث كان كل منهما يتحدث لوسائل الإعلام العالمية ويتهم الآخر بأنه السبب في انهيار الزواج، كان تشارلز مستمرًا في علاقته القديمة بكاميلا باركر باولز، بينما دخلت ديانا في علاقات عاطفية كثيرة كانت أشهرها علاقتها بجيمس هويت، التي أكدتها فيما بعد في حوارها التليفزيونى مع الإعلامي الشهير مارتن بشير. كما زعمت ديانا أيضًا أنها كانت على علاقة بصديقها جيمس جيلبى، وأشيع أنها ارتبطت لفترة بحارسها الخاص بارى ماناكى على الرغم من أنها نفت بشدة هذه العلاقة.
في 9 ديسمبر 1992 انفصلت ديانا عن تشارلز، وفي 28 أغسطس 1996، وبعد مرور خمسة عشرة عاما على الزواج، تم الطلاق الملكي بين تشارلز وديانا والذي توقعه الكثيرون في الأوساط السياسية والشعبية البريطانية. حصلت ديانا على مبلغ مالى للتسوية قدره نحو 17 مليون جنيه إسترلينى، بالإضافة إلى 400 ألف جنيه سنويًا مع منعها من التحدث عن أية تفاصيل. وقبل أيام من صدور مرسوم الطلاق، أصدرت الملكة إليزابيث الثانية خطاب صريح تضمن قواعد عامة لتنظيم أسماء الأفراد داخل الأسرة الملكية بعد الطلاق، وأصدرت قرارًا يقضي بنزع لقب «صاحبة السمو الملكي» من ديانا؛ فهي لم تعد زوجة للأمير تشارلز، ما زاد من حجم تعاطف الناس معها، خصوصًا بعدما نجح الأمير في الحصول على حضانة الولدين.
شهور الحرية
بعد طلاقها بقيت ديانا في جناحها أو شقتها في قصر كينسغنتون وظلت بها حتى وفاتها، وركزت جهودها في الأعمال الخيرية، حيث شاركت في عدة حملات للصليب الأحمر وشاركت في حملة للتخلص من الألغام الأرضية، وكان عملها دائمًا بالجانب الإنسانى بعيدا عن المستوى السياسي، وكانت تعلم جيدًا مركزها كأم لملك المستقبل، لذا كانت على استعداد لفعل أي شيء من أجل منع الضرر عن أبنائها على الرغم من أنها ظلت بحاجة إلى موافقة ملكية كى تستطيع أن تأخذ أبناءها إلى إجازة أو السفر إلى الخارج، فيما عدا عطلة نهاية الأسبوع.
لندن
قضت ديانا معظم أوقاتها في لندن من دون ابنيها اللذين كانا إما في صحبة والدهم أو في المدرسة الداخلية، فكانت تعاني الوحدة، برغم حصولها على حريتها، واستمر ذلك حتى التقت بالحب الذي وصفته لأصدقائها بحب العمر. كانت ديانا تزور زوج صديقتها المقربة في المستشفى حين تعرفت على جراح القلب الباكستانى حسنات خان المقيم في لندن ونشأت بينهما قصة حب استمرت نحو عامين وفقًا لرواية بعض الأصدقاء حتى أنها خلال إحدى زياراتها لباكستان التقت عائلته في السر، لكن هذه العلاقة انتهت لاستحالة الزواج بينهما ويقال إن ديانا هي من أنهتها. ارتبطت ديانا بعد ذلك بدودي الفايد ابن الملياردير المصري محمد الفايد، صاحب محلات هارودز الشهيرة آنذاك، فيما اعتبر أشهر قصصها الغرامية وربما أكثرها خلودًا لأنها كانت القصة الأخيرة في حياة السندريلا.
رحلة النهاية
انتشرت كثير من الشائعات حول علاقة ديانا ودودي التي لم تدم كثيرًا، ويقال إنها كانت تستعد للزواج منه، وأنه خلال وجودها في باريس قبل أيام قليلة من وفاتها، اختارت خاتم الخطبة وأنها كانت بصدد إعلان أمر الزواج. وتشير هذه الحكاية إلى أن وفاة ديانا في حادث سيارة في «نفق جسر ألما» كان مدبرًا. ففي تلك الليلة، كانت ديانا ودودي في فندق ريتـز لتناول العشاء، يطاردهما الصحفيون والمصورون ما جعل دودي يرتب مع معاونيه في الفندق، الذي يمتلكه، لخداع المصورين، فأوعز لهم بأن يقود سائقه السيارة ويخرج بها ليتبعها المصورون وبالفعل تحرك السائق من أمام المدخل الرئيسي للفندق، وقد أدى ذلك لحدوث السيناريو الذي توقعه دودي الفايد، حيث انطلق المصورون ليتعقبوا السيارة بدراجاتهم البخارية، ولكنهم أدركوا سريعًا الخدعة فعادوا للبقاء في بهو الفندق.
الموت
بعد فترة وجيزة، خرجت ديانا ودودى من الباب الخلفي للفندق وركبا سيارة أخرى غير سيارتهما المرسيدس، وكان سائق هذه السيارة هو الرجل الثاني المسئول عن أمن الفندق، وبجواره حارسها الخاص، جلست ديانا بجوار دودى في الخلف وانطلقت السيارة. مع ذلك، لم تسلم الأميرة من المصورين في الليلة التي يمكن اعتبارها الموعودة، فقد تمكنوا من اللحاق بالسيارة، حيث طاردوها واضطر السائق للانطلاق بسرعة كبيرة، في محاولة لتفادي المصورين، وفي نفق جسر ألما فقد السائق السيطرة تماماً على السيارة وترنحت منه يمينًا ويسارًا إلى أن اصطدمت بالعمود الثالث عشر داخل النفق، وقد توفي كل من السائق ودودى الفايد عقب الحادث مباشرة، بينما أصيب الحارس الخاص إصابات بالغة أفقدته الوعي في حالة حرجة، وكذلك أصيبت ديانا ونقلت للمستشفى في حالة خطيرة جدًا. إذ لم تستطع سيارة الإسعاف نقل أي من المصابين إلا بعد مضى ساعة كاملة بعد أن تمكنوا من إخراجهم من حطام السيارة. ووصلت الأميرة إلى المستشفى في حالة خطرة حيث أجريت لها جراحة لإيقاف النزيف عن الوريد الممزق، وفي أثناء العملية توقف القلب عن النبض فجأة فحاول الأطباء إعادتها للحياة مرة أخرى عن طريق إنعاش القلب ولكن فشلت كل المحاولات وماتت ديانا في تمام الساعة 3:57 من صباح يوم الأحد 31 أغسطس 1997 وهي في السادسة والثلاثين من عمرها