«سجنت وعذبت وخاضت مشوار نضالي».. ديلما روسيف المرأة الحديدية للبرازيل

يعرفونها في بلادها باسم «دورونا» وتعني المرأة الصلبة، وأطلقت عليها الصحافة العالمية «المرأة الحديدية لأميركا اللاتينية» تيمنًا برئيسة وزراء بريطانيا الراحلة مارغريت تاتشر، رأست واحدة من أكبر دول أميركا الجنوبية وأكثرها تعدادًا، مناضلة سياسية سجنت وعذبت وخاضت مشوار طويل من النضال السياسي قبل أن تصبح رئيسة البرازيل، إنها ديلما روسيف التي طالما تصدرت نشرات الأخبار وعناوين الصحف والمجلات للإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها والمظاهرات التي اندلعت ضدها، وأيضًا لأنها أول رئيس للبلاد تتم إقالته أو عزله، حسبما ذكرت هايدي عبد اللطيف في كتابها “موسوعة المشاهير.. الجزء الأول” والصادر عن دار دوِّن.
دورتين متتاليتين
فازت روسيف بدورتين رئاسيتين متتاليتين برغم أنها واجهت اندلاع المظاهرات في بلادها بعد عامين فقط من توليها منصب الرئاسة في المرة الأولى، حينما خرج الملايين يعترضون على ارتفاع الأسعار والفساد والأموال الضخمة التي تم انفاقها على إقامة بطولة كأس القارات وعلى تنظيم كأس العالم في 2014، وإهمال تحسين خدمات أساسية مثل النقل والتعليم والصحة. لكنها تعاملت مع الاحتجاجات بحنكة ودهاء سياسيين، ودعت لاستفتاء شعبي وإصلاح سياسي مكنها من الفوز بفترة رئاسة ثانية في 2014 انتهت بإقالتها خلال عامين فقط، ومواجهتها اتهامات فساد سياسي وعجز اقتصادي تعاملت معها روسيف بمنتهى الثبات والقوة، واعتبرتها معركة مع خصومها السياسيين برغم أن مجلس الشيوخ صوّت على عزلها في 31 أغسطس 2016، لتخرج روسيف من الرئاسة بعد مسيرة حافلة لمناضلة سياسية سُجلت سيرة حياتها في كتاب بعنوان «الحياة تتطلب شجاعة».
امرأة من فولاذ
والمتأمل لسيرة حياة «ديلما روسيف»؛ أول امرأة تتولى قيادة دولة البرازيل، والتي وصلت لسدّة الحكم عقب سنوات من مكافحة الاستبداد العسكري ومعاناة المعتقل ومحنة الطلاق مرتين، يتبين أنها جسدت مثالًا للشجاعة والصمود كما وصفها المحققون في مطلع شبابها خلال اعتقالها (كانت ترفض النظر في الأرض أو إخفاء وجهها بيديها، وتصر على النظر بعيدًا أو في وجوه المحققين العسكريين في زمن الدكتاتورية)، وفقًا لكتاب الصحفي ريكاردو دو أمارال عن قصة حياتها.
أطلقت عليها الصحافة البرازيلية منذ توليها الرئاسة مطلع 2011 ألقابًا عدة من بينها «سيدة لا تعرف المستحيل» و«امرأة من فولاذ» و«المطلقة التى قهرت السرطان».
ولدت «ديلما فانا روسيف» فى 14 ديسمبر 1947، فى ولاية «ميناس غيرايس» في أسرة تنتمي للطبقة المتوسطة؛ لأب مهاجر بلغاري وأم برازيلية. وتميزت حياتها المهنية بأنشطتها المناوئة للديكتاتورية العسكرية فى الفترة ما بين 1964-1985، وبالعمل في مجال الخدمة العامة منذ استعادة الديمقراطية بالبلاد.
المناضلة الثورية
شاركت روسيف أثناء شبابها فى المقاومة المسلحة المعروفة باسم كولينا (قيادة التحرير الوطني) و»في ايه آر- بالماريس» (الطلائع الثورية) المسلحة لمكافحة نظام الأمر الواقع. وفي مطلع السبعينات اعتقلت روسيف ونفذت عقوبة السجن لنحو ثلاث سنوات، حيث تم تعذيبها بالكهرباء وإغراقها في الماء لمدة 22 يومًا، بتهمة التحريض ضد الحكم العسكري، ولكنها لم تتراجع عن مواقفها.
ويروي كتاب سيرتها الذاتية الكثير من تفاصيل اعتقالها حيث يشير أحد مواضع الكتاب إنها بصقت في وجه معذبيها، ولم تُفصح عن أي من أسماء لرفاقها الثوار في قوات التحرير الوطني. كما صرحت روسيف: «لقد تعرضت لتعذيب وحشي.. وأستطيع أن أقول لكم إن الكذب تحت وطأة التعذيب ليس سهلا، وأنا فخورة لكوني أنقذت حياة رفاقي». وفي أواخر عهد النظام العسكري، ناضلت روسيف من أجل الحصول على عفو للمواطنين الذين كانوا قد فقدوا حقوقهم المدنية واضطهدتهم الحكومة، وشاركت في تأسيس «حزب العمل الديمقراطي» في جنوب البرازيل.