د. تامر خضر يكتب: ديكتاتور الحرية أم حرية ديكتاتورية؟
يحكى أن ملكا كان يحكم بلده بالديمقراطية، وجعل لكل أفراد مملكته الحق في الاعتراض عليه، ولا يجبر أحدا من قومه على فعل ما لا يريد، إلا أن هذا الملك قال لشعبه: أنتم أحرار في كل تصرفاتكم شريطة ألا تعصوا لي أمرا، فكان كلما أراد شيئا أصدر أمرا ملكيا بهذا الأمر، ثم يقول لشعبه: يجب ألا تعصوا لي أمرًا وبعدها أنتم أحرار، وهنا وقف القوم في حيرة من أمرهم، كيف ينادينا بالحرية ولا يريد لنا أن نخالف أمره، حتى وقف أحدهم وقال أيها الملك: نريد منك حرية الديكتاتورية، لا ديكتاتورية الحرية، نريد منك أن تأمرنا ثم نعترض، لا أن تعطينا حرية ولا نملك حق الاعتراض.
وهذا لا يختلف كثيرا عمّا حدث من الفريق الألماني والمنتخب الألماني في كأس العالم هذا العام في قطر، فيريد أن يصدّر لنا حرية زائفة، وينادي بأحقية المثليّة، ولا يريد حرية الاعتراض على ثقافتهم الساقطة، وطبائعهم الهاوية، فما يستطيع واحد من الألمان مخالفة قانون أي دولة غربية أو أوروبية، إلا أنّهم يريدون كسر وتحطيم معتقدات الدول العربية من أجل ديكتاتور الحرية، الذي ينادي بحرية عدم الاعتراض على قراراتهم، وعدم مخالفة أطماعهم ومآربهم، وتناسوا أن للشعوب العربية الحق في نبذ ما يخالف قيمهم وأخلاقهم، بل تناسوا أن هذا الأمر لا يقرّه أحد من أصحاب النفوس السوية، سواء أكان مسلما أم غير مسلم، فالمثليّة محرمة اجتماعيا، ونفسيا، وأخلاقيا، قبل أن تكون محرمة دينيا، وبحرمتها جاءت جميع الأديان التوراة، والإنجيل، والقرآن، إلا أن ديكتاتور الحرية لا يريد إلا نشر ثقافته الساقطة من أجل أن يثبت ديكتاتوريته، ويشبع رغباته على حساب حرية غيره.
إن ديننا الإسلامي نادى بالحرية، بل وأطلقها في شأن الإيمان من عدمه فقال سبحانه:( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فيكفر) [الكهف:29]، وقال سبحانه: (لا إكراه في الدين) [البقرة:256]، فما بالنا في غيره، فلم يكره الإسلام أحدًا على شيء، وجعل له حرية الاختيار، وترك له التمييز بين الحق والباطل، مع بيان كلا الطريقين؛ لأنه سيحاسب بعد ذلك على اختياره، وهنا كانت ومازالت وستظل عظمة الدين الإسلامي، والأمة العربية التي تحترم الغير، وتريد من الغير أن يحترم ما ينادي به هو، وأن يطبقه على نفسه قبل التنادي به كذبا وبهتانا.
د- تامر خضر- عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر.