حكاية عمرو بن معدى كرب أول فتوة عاش في الجاهلية

فى كل حى من أحياء القاهرة فتوة، والفتوة الأصيل هو الذى يتسل وحده إلى منطقة خصمه وليس الذى يمشى ووراءه كتيبة من الرجال الأقوياء المسلحين، وهو لا يفرض الضرائب والأتاوات على الأهالى فالذى يفعل ذلك فهذا هو البلطجى والفتوات يتفاخرون بقلة السوابق والمحاضر التى تحرر ضدهم فى أقسام البوليس.

ولا يشترط فيه أن يكون غنيًا وإنما يشترط فيه أن يكون مهابًا ومحبوبًا فإذا دخل السجن ودعوه إلى الباب وصلوا من أجله حتى يخرج، أما إذا كان شرسًا غليظًا فإنهم يقيمون الأفراح ويوزعون الحلوى وأكوب الشربات فى ليلىة دخوله السجن.

وبحسب ما جاء في كتاب”تاريخ الفتوات ومعاركهم الدامية” للكاتب سيد صديق عبد الفتاح، لهذا يحرص الفتوة على سمعته ومكانته فى قومه بل إنه يخجل من دخول نقطة البوليس كما يخجل من الالتجاء إلى الإسعاف وأحيانا من البنج.

والفتوة جرئ فدائى يجيد الضرب بالعصا كما يكرم الضيف وينشر الأدب ويطارد اللصوص، إنه يعيش محترما وكلما تقدمت به السنون احترمه فتوات الجيل الجديد وتظل كلمته نافذة ومشورته مسموعة إلى أن يموت.

صراع مع أسد

وشخصية الفتوة يرجع تارة إلى عصر الجاهلية فى الجزيرة العربية، وإلى عصر الفاطميين فى مصر، ومن فتوات الجزيرة عمرو بن معدى كرب (542 -641 م) إن هذا الرجل مخضرم شهد الجاهلية وعاش فى صدر الإسلام وأحب فتاة اسمها فاطمة وعندما عرض عليها الزواج قالت إنه لا يقدر على مهرها.

وسألها عمرو بسخرية، وكم مهرك يافاطمة، فقالت فاطمة، لقد طلبت عبلة أربعين ناقة بيضاء من الربع الخالى، أما أنا فلا أطلب شيئا غير موجود فكبد الأسد موصوف لأبى.

وفى اليوم الثانى دعاها لرحلة صيد وعندما اقترب من الجبل أجفلت فرسه وارتفع صهيلها وهمت بالجرى فقفز على الأرض فى خفة النمر وأخرج بيده خنجرا وتسمرت فاطمة فى كانها ورأت بعينيها الأسد الضخم وهو يتحفز للبطش بعمرو وصرخت فاطمة فالتفت عمرو وراءه بسرعة.

وفى هذه اللحظة الخاطفة وثب عليه الأسد وأنشب أظافره فى لحمه واشتبك الاثنان فى ملحمة عنيفة انتهت بانصار عمرو على امبراطور الجبل، وكان هذا أثمن مهر فى التاريخ يقدمه رجل لفتاة يحبها.

عندما حكم الفتوات مصر

وقصة القبة الفدائية بالقاهرة هى قصة الفتوات فى مصر، فقد بناها أحد الوزراء لتكون مسجدا ولكن الفتوات استولوا عليها وأخذوا يعقدون فيها اجتماعاتهم ويحكمون منها منها مصر ولهذا سماها المصريون القبة الفدائية.

وهؤلاء الفتوات كانوا يساعدون الملوك الضعفاء ويفرضون عليهم الحماية ويعبثون بأمن ويملأون الأرض فسادا وأقاموا فى الحسينية.

ولم تستطع الحكومات المتعاقبة أن تكسر شوكتهم إلا عندما تولى محمد على الكبير ملك مصر فطردهم وشردهم وبدأ الناس يلجأون فى مشاكلهم إلى البوليس.