بطولة الأسطورة مارادونا.. التفاصيل الكاملة لفوز منتخب الأرجنتين ببطولة كأس العالم 1986

كان للنجم الكبير دييجو أرماندوا مارادونا هو السبب الرئيسي في فوز الأرجنتين بكأس العالم 1986، وفي التقرير التالي نستعرض مباريات البطولة التي حصدتها الأرجنتين كما ذكر ياسر ثابت في كتابه موسوعة كأس العالم والصادر عن دار دوِّن للنشر والتوزيع.

اختيار المكسيك

اختيرت كولومبيا في يونيو 1974 لاستضافة كأس العالم عام 1986، غير أنها أعلنت في نوفمبر 1982 عجزها عن استضافة البطولة لأسباب اقتصادية.

اختيرت المكسيك بديلًا، لتصبح أول دولة في العالم تستضيف بطولة العالم لكرة القدم مرتين. أصرت المكسيك على نيل هذا الشرف، على رغم أنها تعرضت لزلزال مُدمِّر في سبتمبر 1985، وراحت الإرادة الشعبية تُحاوِل أن تُعيد بناء ما دمره الزلزال، وشارك في هذه البطولة ثلاثة مُنتَخَبات عربية هي: العراق والمغرب والجزائر، في إنجاز عربي كبير.

في 31 مايو عام 1986، أُقيمَت مُباراة الافتتاح على استاد الأزتيك بين مُنتَخَب إيطاليا -بطل العالم- ومُنتَخَب بلغاريا، وانتهى اللقاء بالتعادُل (1/1) في مُباراة مُخيِبة للآمال، بسبب تواضع المستوى.

ولادة الأرجنتين

وشهدت البطولة وِلادَة مُنتَخَب الأرجنتين من جديد؛ إذ تَصدَّر «مُنتَخَب التانغو» المجموعة الأولى بفضل لاعبه الموهوب دييغو مارادونا، الذي نضج على نار هادئة، فقاد فريقه للفوز على كوريا الجنوبية (1/3)، وعلى بلغاريا (2/صفر)، ثم سجَّل هدفـًا جميلًا حقق به التعادُل لمُنتَخَب بلاده مع إيطاليا.

وفي المجموعة الثانية تَصدَّر مُنتَخَب المكسيك بعد فوزه على بلجيكا (1/2)، وفوزه على العراق -مُمَثِّل عرب آسيا في البطولة- (1/صفر)، ثم تعادَل مع باراغواي (1/1)، وصعدت معه باراغواي وبلجيكا، في حين خرج العراق من الدور الأول بعد أن تعرض إلى ثلاث هزائم متتالية.

وفي المجموعة الثالثة حقق الفرنسيون فوزًا صعبـًا على المُنتَخَب الكندي المُتواضع (1/صفر)، ثم تعادَلوا مع السوفيت (1/1)، قبل أن يفوزوا على المجر (3/صفر)، وصَعَدَت فرنسا مع الاتحاد السوفيتي الذي تَصدَّر مجموعته بعد تعادُله مع فرنسا (1/1)، وفوزه الساحق على المجر (6/صفر)، وعلى كندا (2/صفر).

وفي المجموعة الرابعة صَعَدَت البرازيل بعد أن حققت الفوز في مُبارياتها الثلاث على إسبانيا (1/صفر)، وعلى الجزائر (1/صفر)، وعلى أيرلندا الشمالية (3/صفر).

وكان مُنتَخَب الجزائر في بطولة عام 1986 أقل بكثير من مُنتَخَب الجزائر عام 1982، فقد لعب الجزائريون ببطء وحذر، وكان أسلوب المُدرِّب رابح سعدان يُقيِّد حركة اللاعبين إلى حد كبير، فخسروا أمام إسبانيا (3/صفر)، وتعادَلوا مع أيرلندا الشمالية (1/1)، ثم خسروا أمام البرازيل (1/صفر).

وفي المجموعة الخامسة تَصدَّرت الدنمارك بعد تفوقها على ألمانيا الغربية (2/صفر)، وفوزها على أسكتلندا (1/صفر)، واكتساحها أوروغواي (1/6)، وتألّق نجوم الدنمارك: «ألكيار ولارسن وسورين ليربي».. وأجمع الكل على أن الدنمارك هي هولندا الثمانينيات.

أما في المجموعة السادسة، فقد كان مُنتَخَب المغرب هو المُفاجأة الحقيقية للبطولة، بعد أن تعادَل مع بولندا -ثالثة كأس العالم السابقة- (صفر/صفر)، وتعادُله مع إنجلترا (صفر/صفر)، ثم فوزه الكبير على البرتغال (1/3)، وعَرَف العالم أسماء نجوم المغرب مثل: حارس المرمى الزاكي، وبو دربالة، والتيمومي، وخيري، والبياز.

وصعدت أيضـًا عن هذه المجموعة البرتغال مع إنجلترا، وكان البرتغاليون فازوا في المواجهة بين المنتخبين بنتيجة 1-صفر.

وفي الدور الثاني فازت المكسيك على بلغاريا (2/صفر) ففرحت كما لو أنها فازت بكأس العالم، وفي هذه المُباراة سَجَّل المكسيكي مانويل نيغريتي أجمل أهداف البطولة، وتألَّق إلى جانبه النجم هوغو سانشيز.

كما سقط السوفيت في الدور الثاني أمام بلجيكا «الحصان الأسود للبطولة» 4-3، وضاع بيلانوف أمام البلجيكيين، الذين تألَّق منهم: كوليمانز، ودي مول، وكلايسن، وشيفو، أما بولندا فقد وَدَّعَت المكسيك على يد البرازيل التي فازت عليها بأربعة أهداف نظيفة، بعد أن أخفقت مجموعة بونييك في التفوق على مهارات مجموعة «الدكتور» سقراط.

أما الأرجنتين فقد لعبت بورقتها الرابحة -مارادونا- إلى جانب فالدانو وبوروتشاغا وبراون والمُدرِّب كارلوس بيلاردو، ففاز مُنتَخَب «التانغو» على أوروغواي العنيفة (1/صفر)، بهدف صنعه مارادونا لزميله باسكولي.

وتَمَكَّنت فرنسا من هزيمة أبطال العالم -إيطاليا- (2/صفر) بفضل القائد الفرنسي بلاتيني، وخَسِر مُنتَخَب المغرب بشرف من ألمانيا الغربية، التي سَجَّلَت هدفها الوحيد في الدقيقة 87 من عُمر المُباراة.

وعادت الروح إلى إنجلترا بعد فوزها على باراغواي (3/صفر)، وكانت المُفاجأة الكبيرة في هذا الدور هي خروج مُنتَخَب الدنمارك خاسرًا أمام إسبانيا (1/5)، بعد أن سَجَّل النسر الإسباني بوتراغينيو أربعة أهداف بمفرده.

خروج البرازيل

ولم تنته مُفاجآت البطولة عند هذا الحد، ففي دور الثمانية خرجت ثلاثة فرق بركلات الجزاء الترجيحية، وهي: البرازيل التي خسرت أمام فرنسا (4/3)، والمكسيك التي خسرت أمام ألمانيا (4/1) وإسبانيا التي خرجت أمام الحصان الأسود البلجيكي (5/4) وفازت الأرجنتين على إنجلترا (1/2) بهدف تاريخي سجَّلَه مارادونا بعد أن راوغ نصف لاعبي إنجلترا وحارس مرماه العملاق شيلتون، كما سَجَّل مارادونا قبله هدفـًا آخر بيده، ليخدع الجميع، بمن فيهم حكم المُباراة التونسي علي بن ناصر، الذي مَثَّلَ العرب في تحكيم مُباريات البطولة، إلى جانب زميليه السوري جمال الشريف، والسعودي فلاح الشنار.

وفي دور الأربعة، أبعدت ألمانيا الفرنسيين عن المُباراة النهائية بعد فوزها عليها بالتخصص (2/صفر)، وفي هذه المُباراة تصدى حارس مرمى ألمانيا الغربية شوماخر لهجمات تيغانا وبلاتيني وجيريس، في حين لم يكن حارس مرمى فرنسا جويل باتس في أحسن حالاته، وكان مسؤولًا عن الهدفين اللذين دخلا مرماه.

معجزة الأرجنتين

أما في المُباراة الثانية فقد استطاع مارادونا -مُعجزة الأرجنتين- أن يُوقِف بأقدامه المسيرة البلجيكية، فَسَجَّل هدفين، لتنتهي المُباراة لصالح الأرجنتين (2/صفر). كان صانع اللعب إنزو شيفو لاعبـًا كبيرًا قاد في هذه النسخة منتخب بلجيكا إلى الدور نصف النهائي. غير أن المباراة ضد الأرجنتين قضت على آماله في بلوغ المباراة النهائية، ولكنها جعلته يدرك أن كل شيء ممكن في كرة القدم. والمستحيل ممكن أيضـًا، كما أثبت ذلك مارادونا حين سجّل هدفين في مباراة متكافئة جدًّا. يُذكر أن شيفو خاض أيضـًا الدور ثمن النهائي مرتين عامَي 1990 و1994 قبل أن يخرج من الدور الأول عام 1998.

في المقابل، كان مارادونا يكتب أسطورته. فبعد ثلاثة أيام على هدفيه ضد إنجلترا، كان «إل دييز» في كل مكان، على الأجنحة، في مركز رأس الحربة، يقوم باسترجاع الكرة، ينظم اللعب، يتحكم في الإيقاع وقد نجح في إزاحة البلجيكيين بحركتين فنيتين ساحرتين. ويقول شيفو «نجح مارادونا بمفرده في إخراجنا وحرمنا من بلوغ النهائي بفضل هدفيه. لقد حقق الفارق في يوم لم يكن المنتخب الأرجنتيني في أفضل أحواله. نحن أيضـًا لم نكن في أفضل حال لأننا كنا خارجين من مباراتين صعبتين خضنا في خلالهما فترة التمديد وقد بدا الأمر واضحـًا من الناحية البدنية. لقد صلبنا».

وفي المُباراة النهائية التي أُقيمَت في استاد الأزتيك في 9 يونيو عام 1986 بين ألمانيا الغربية والأرجنتين، واصل مارادونا تألُقه وأتاح لزملائه فرصة التهرب من الرقابة الألمانية اللصيقة، فتقدمت الأرجنتين بهدفين، ولكن الماكينة الألمانية استطاعت معادلة النتيجة، غير أن مُنتَخَب التانغو حَسَمَ نتيجة المُباراة بهدف ثالث، ليرفع مارادونا ورفاقه كأس العالم عام 1986 عن جدارة.