«النظم الفاشية تؤثر على قرارات التحكيم».. التفاصيل الكاملة لثاني نسخة من كأس العالم

كانت بطولة كأس االعالم 1934 هي النسخة التي تم بسببها العديد من التعديلات في كرة القدم، وشهدت العديد من المفاجآت، وفي التقرير التالي نستعرض هذه التفاصيل والتي كتبها ياسر ثابت في كتابه “موسوعة كأس العالم”.

تدخل النظام الفاشي

بعدما حجز المنتخب الإيطالي مكانه في نهائيات كأس العالم، حقق صاحب الضيافة فوزًا عريضًا على نظيره الأمريكي 7-1 في الدور الإقصائي الأول، لكنه اضطر إلى الاستعانة بـ«القوة الغاشمة» لتخطي عقبة نظيره الإسباني في ثاني الأدوار الإقصائية، ربع النهائي. والحديث عن «القوة الغاشمة» هنا لا يشير فقط إلى تدخل النظام الفاشي للتأثير في القرارات التحكيمية بما يصب في صالح المنتخب الإيطالي سواء في أثناء المباراة الأولى التي انتهت بالتعادل الإيجابي بهدف لكل فريق أم الثانية التي انتهت قطعًا لصالح صاحب الأرض، بل يشير إلى القوة المفرطة التي لجأ إليها لاعبو الآزوري تحت مسمع ومرأى من الحكم. البداية كانت في اللقاء الأول، عندما عاد المنتخب الإيطالي في النتيجة بهدف جاء من الركلة الركنية السابعة على التوالي، وبعد مخالفة واضحة تعرض لها حارس مرمى المنتخب الإسباني ريكاردو زامورا، أسفرت في نهاية المطاف عن كسر اثنين من ضلوعه، وسط اعتراضات واسعة من جانب زملائه، لكن حكم اللقاء لم يعرها انتباهًا.

إعادة المباراة

وفي ظل تعادل الفريقين بعد الوقتين الأصلي والإضافي، لم يجد الحكم السويسري رينيه ميرسيه بدًّا من إعادة المباراة في اليوم التالي، من دون أن تختلف الخطوط العامة لسيناريو المباراة؛ إذ استمر الأداء «القوي» للغاية من المنتخب الإيطالي والقرارات التحكيمية المثيرة للجدل، ومنها عدم احتساب ركلتي جزاء للإسبان وإلغاء هدفين صحيحين لهما، لكن الاختلاف الجوهري تمثل في فوز المنتخب الإيطالي بهدف دون رد جاء في الدقيقة الحادية عشرة. وعلى رغم أن الأداء التحكيمي المثير للجدل دفع السلطات المعنية في سويسرا لإيقاف ميرسيه عن التحكيم مدى الحياة لدى عودته إلى بلاده، بحسب ما ذكرته جريدة «إنفوابي» الأرجنتينية، فإنه على الأرجح شعر بالارتياح لأنه خرج من إيطاليا على قيد الحياة.

فشل المحاباة التحكيمية

على المنوال نفسه مضت مباراة إيطاليا في الدور قبل النهائي، إذ فازت على النمسا بهدف دون رد سجله اللاتيني غوايتا، بعد مخالفة تعرض لها حارس المرمى تحت أنظار الحكم السويدي إيفان إكليند الذي لم يحتسب ركلة جزاء مستحقة للفريق الضيف. لم تتمكن «المحاباة» التحكيمية من منع الهدف الأول من دخول مرمى المنتخب الإيطالي في الشوط الأول من المباراة النهائية أمام تشيكوسلوفاكيا، لكن الحكم إكليند أضاع فرصة مضاعفة النتيجة بعدم احتساب ركلة جزاء صحيحة قبل تسجيل الهدف الأول. عادت الأقدام «الأرجنتينية» لتلعب دور البطولة في صفوف المنتخب الإيطالي تحت أنظار موسوليني؛ إذ أدرك أورسي هدف التعادل لصاحب الضيافة قبل عشرين دقيقة على نهاية المباراة، ليدفع باللقاء إلى وقت إضافي صنع فيه غوايتا هدف الفوز الذي أحرزه أنجيلو سكيافيو.

من جانبه، وصل منتخب تشيكوسلوفاكيا مكتمل الصفوف، بقيادة المهاجم أولدريش نييدلي الذي نال لقب الهداف بعد إحرازه خمسة أهداف، إذ تخلص أبناء أوروبا الشرقية من منتخب رومانيا (2-1) ثم سويسرا (3-2)، قبل الإطاحة بمنتخب ألمانيا، أحد أكبر المرشحين (3-1).

وعوَّضَت ألمانيا خسارتها بالفوز في مُباراة تحديد المركز الثالث على النمسا (3-2).
في المُباراة النهائية، التي حضرها موسوليني، التقى مُنتَخَبا إيطاليا وتشيكوسلوفاكيا، في جو تجاوزت فيه الحرارة 40 درجة مئوية، وبسرعة كبيرة اجتاح الإيطاليون نصف ملعب منتخب تشيكوسلوفاكيا، الذي تراجع للدفاع لكن دون الاستسلام بشكل نهائي للخصم. إذ تمكن رفاق أولدريش من إنهاء الشوط الأول على إيقاع البياض؛ إذ رعلى غم تسديدات النجم جوزيبي مياتزا وجيوفاني فيراري، فإن حارس المرمى فارنتسيك بلانيكا وقف سدًّا منيعـًا وتصدى لكل الكرات، وحتى عندما انهزم في إحدى المحاولات، أخفق أنجيلو سكيافيو في التسجيل، مسددًا الكرة فوق شباك فارغة.

فرار إيطاليا من هزيمة

في خلال الشوط الثاني، واصل الإيطاليون زحفهم نحو مرمى الخصم؛ وبعد مضي ساعة على اللعب، قاد أنطونين بوتش هجومـًا خطيرًا، لكنه تعرض لتصدٍّ من طرف أتيليو فيراريس، أثار الكثير من الشكوك حول مشروعيته. وكانت تلك أولى الإشارات؛ إذ أرسل ستيفان كامبال كرة حاسمة لبوتش، إثر هجوم مضاد وسريع في الدقيقة 71، ولم يرفض هذا الأخير هدية زميله، إذ تلاعب بإيرلادو مونزيجليو قبل أن يهزم جامبيرو كومبي بتسديدة جانبية، استقرت داخل الشباك وسط ذهول واستغراب الجماهير الغفيرة.

كادت إيطاليا تتلقى الضربة القاضية في الدقائق التالية، إذ وجد جيري سوبوتكا نفسه على بعد 10 أمتار من المرمى، فسدد بقوة لكن كرته مرت جانبـًا، وبعد ذلك بلحظات، تحسر فرانتسيك سفوبودا كثيرًا لارتطام تسديدته بالقائم مفجرة آهات الجماهير التي قُدر عددها بنحو 55 ألف متفرج.

وأخيرًا، هدّأ أورسي من روع الجماهير، إذ ناور من أحد الأطراف قبل أن يمرر الكرة إلى زملائه، لكن لاديسلاف زينيسك ردها برعونة فعادت إلى أورسي مرة أخرى، ليتمكن من هزم بلانيكا بسهولة ووضع الكرة داخل المرمى معلنـًا عن فرحة جنونية في المدرجات، في حين عاش نجوم المدرب كارل بيترو 10 دقائق عصيبة لا سيما بعدما أُجبروا على العودة للدفاع.

لم يدم التشويق كثيرًا في خلال الوقت الإضافي، ففي الدقيقة 95، مرر إنريكي غوايتا الكرة بمهارة إلى سكيافيو الذي كان في الموعد وسجل هدف الفوز الذي منح اللقب للإيطاليين، ليحصُلوا على كأس «جول ريميه» وسط سعادة الشعب والدوتشي موسوليني شخصيًّا.