«الفرعون الموحد».. القصة الكاملة للملك أخناتون

يُعتبر عصر العمارنة من أهم العصور التاريخية في مصر القديمة التي حدثت بها تطورات بل طفرات في كل مظاهر الحياة بل والعالم الآخر، وكان الدين من بين أهم العناصر المميزة التي قامت عليها دولة الملك أخناتون ودعوته الدينية الجديدة. ولعب الدين دوره الكبير بامتياز في مدة العمارنة الفريدة في التاريخ المصري القديم كله.

آتون

وانصبَّ اهتمام الملك الشاب على معبوده الجديد «آتون» الذي جسَّده الملك فنيًّا على هيئة قرص شمس تخرج منه أيدٍ بشرية تمسك بعلامة «عنخ»؛ كي تهب الحياة للبشرية جمعاء من خلال الوسيط أو النبي الملك أخناتون وأفراد عائلته المُقدَّسة. وكان الأمير أمنحتب (الملك امنحتب الرابع بعد ذلك) قد تعلق بديانة الشمس وتحديدًا قرص الشمس «آتون» منذ أن كان صغيرًا. وتأثر كثيرًا بخاله الذي كان كبيرًا للرائيين في معبد الإله رع إلى الشمس في مدينة الشمس: هليوبوليس.

أخناتون

وكان والده الملك أمنحتب الثالث وجده الملك تحتمس الرابع دعمًا من ديانة آتون من قبل، غير أن أخناتون أخذ الخطوة الأكبر ووصل بديانة آتون إلى قمتها ونهايتها في الوقت عينه.

وعندما صار الأمير أمنحتب ملكًا غيَّر اسمه في العام السادس من حكمه من أمنحتب الرابع إلى «أخناتون» أي «المفيد لآتون» كي يكون على أتم الاتساق مع دعوته الدينية الجديدة ومعبوده الجديد قرص الشمس آتون، الذي أراد من خلاله الملك أخناتون أن يحقق العالمية لدعوته؛ نظرًا لوجود الشمس في مصر وكل مكان من بلاد الشرق الأدنى القديم.

وبذلك يستطيع أن يتعبد إلى ذلك المعبود الكوني البشر في معظم أرجاء الإمبراطورية المصرية الفسيحة، التي شيدها جده الأعلى الفرعون المحارب الملك تحتمس الثالث في آسيا وإفريقيا.

الدعوة الدينية

ولقت الدعوة الدينية الجديدة استحسانًا من قِبل زوجته الجميلة والذكية الملكة نفرتيتي التي صارت من أقوى المناصرين للملك أخناتون ودعوته الجديدة، وصارت صنوًا له وعنصرًا مكملًا للدعوة الآتونية والديانة الشمس، وينقص المشهد شيء مهم إن لم تكن الملكة الجميلة موجودة به، إن لم تكن منافسة للملك الموحد.

معبد الكرنك

وفي بداية حكمه، بنى الملك أخناتون معبدًا للإله آتون في الكرنك، المكان المقدس للمعبود آمون رع، مُهدِّدًا بذلك دولة آمون رع الأزلية المستقرة وكهنته ومتحديًا إياهم في عقر دارهم مما جعلهم يضمرون له الحقد، ويكيدون له المكائد حتى ترك مدينتهم طيبة العاصمة العريقة لمصر القديمة في عصر الدولة الحديثة وارتحل إلى مدينة جديدة لم تدنسها قدم إنسان من قبل.

عصر العمارنة

وفي ذلك العصر، عصر العمارنة، حكم مصر الملك الجديد أخناتون، وأحدث ثورات على كل الأصعدة التقليدية وقلب الأمور رأسًا على عقب في مدة زمنية قصيرة، عادت بعدها الحياة في مصر القديمة إلى مجراها الطبيعي وسابق عهدها بعد اختفاء ذلك الملك أو إقصائه، وإنهاء زمنه وتاريخه إلى غير رجعة من قِبل كارهيه ومعارضيه من أنصار الملكية المصرية المستقرة، وكهنة المعبودات الأخرى الذين قضى عليهم أخناتون وأزاحهم عنوة من المشهد السياسي في مصر القديمة.

الملك الموحد

وعلى الرغم من كل ذلك، فإن الآثار التي تركها عصر العمارنة على معاصريه ولاحقيه لم تختف كليةً من المشهد، كما كان يظن هؤلاء الكارهون لتلك الحقبة الأكثر إشكالية وإثارة في تاريخ مصر القديمة قاطبة، بل امتدت تلك الآثار إلى ما بعد عهد الفرعون الموحِّد الملك أخناتون لمدة ليست بالقصيرة، حسبما ذكر الدكتور حسين عبد البصير في كتابه “أسرار الفرعون”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى