« العمارنة».. رسائل تصف أحوال مصر الدبلوماسية في عصر الدولة الحديثة

تم اكتشاف ما يُطلق عليه علماء المصريات والشرق الأدنى القديم «رسائل العمارنة» المهمة في عام 1887 ميلاديًّا في مكتب التسجيلات في مدينة تل العمارنة الخاصة بالملك أخناتون، أو عاصمته الجديدة -«آخت آتون»- ويقع مكانها الحالي في منطقة تل العمارنة في شرق نهر النيل (في محافظة المنيا في مصر الوسطى حيث نقل الملك الموحد أخناتون مقر حكمه، بعد أن ترك طيبة العاصمة المصرية العريقة في جنوب مصر).

أهم الأرشيفات

تُعد تلك الرسائل واحدة من أهم الأرشيفات القديمة، التي تعطينا فكرة شاملة ومتميزة عن أحوال مصر في عصر الدولة الحديثة وجيرانها من إمبراطويات وممالك وإمارات الشرق الأدنى القديم في عصر البرونز الحديث. وحفظ لنا الأرشيف الملكي -الخاص بذلك الملك- عددًا كبيرًا من تلك الرسائل المهمة المكتوبة بالخط المسماري لغة المراسلات الدولية في ذلك العصر.

مراسلات دبلوماسية

وكانت تلك الرسائل تخص المراسلات الدبلوماسية المتبادلة بين الفرعون الشمس الملك أمنحتب الثالث ومن بعده ابنه الملك أمنحتب الرابع/أخناتون، والملك توت عنخ آمون وحكَّام الشرق الأدنى القديم المعاصرين لملوك مصر مثل سوريا وفلسطين والعراق وبلاد الأناضول. ومن خلال تلك الرسائل تظهر مكانة مصر المتميزة بين القوى العظمى في العالم القديم. ويظهر أيضًا مدى حسد حكام بابل وميتاني وغيرها لثراء الفرعون الشمس الملك أمنحتب الثالث، وخصوصًا بسبب امتلاكه كميات كثيرة من الذهب الذي قال عنه أحد حكام الشرق الأدنى القديم: «إن الذهب في أرض مصر المباركة كثير مثل التراب»، طالبًا إرسال كمية منه إليه.

أمنحتب الثالث

ومن المعروف أن ذلك الفرعون الشمس الملك أمنحتب الثالث تزوج عددًا غير قليل من الأميرات الأجنبيات. وقد استخدم الملك أمنحتب الثالث نفوذه الكبير كي يحضر كثيرًا من هؤلاء الأميرات من تلك البلدان لمصر كي يتزوجهن؛ إذ كان هذا الملك مولعًا بالنساء لأقصى درجة؛ فنراه يتفاوض على زواج أميرات من أرزاوا وسوريا وميتاني وخيتى (بلاد الأناضول حاليًّا)، وغيرها من بلاد الشرق الأدنى القديم التي كانت تخضع لسلطانه الممتد أو من البلدان والدويلات التي كانت تربطه بها علاقات صداقة ودبلوماسية وتبادل تجاري وثقافي.

الملكة تي

ومن الجدير بالذكر أن زوجته الرئيسة الملكة الحكيمة تي كانت توافق ولا تعارض زواج الملك بهؤلاء الأميرات، بل كانت تبارك تلك الزيجات الدبلوماسية كي تُرضي زوجها الذي لم يكن يسكن قلبه غير حبه للملكة تي، وكي توطد دعائم وعلاقات حكم زوجها الملك المحبوب في الشرق الأدنى القديم. ومن اللافت للنظر ذكر اسم الملكة تي في تلك الرسائل وتودد حكام الشرق الأدنى القديم لها وطلب توسطها لدى زوجها الفرعون الشمس الملك أمنحتب الثالث، ومن بعده ولده الفرعون الموحِّد الملك أمنحتب الرابع/أخناتون، حسبما ذكر الدكتور حسين عبد البصير في كتابه “أسرار الفرعون” الصادر عن دار دوِّن للنشر والتوزيع”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى