«أفضل وأشهر مطربي القرن العشرين».. كل ما تحب معرفته عن الأسطورة فرانك سيناترا
اختارته الإذاعة البريطانية أفضل وأشهر مطربي القرن العشرين. امتدت مسيرته الفنية لأكثر من 60 عاما، بدأت من منتصف الثلاثينيات وامتدت حتى منتصف التسعينيات، قدم خلالها مئات الأغنيات وعشرات الأفلام. اشتهر بعلاقته بالمافيا الأميركية، وكذلك بقربه من الرئيس جون كنيدي. وفي الوقت ذاته، كانت غرامياته مثار حديث الصحافة الأميركية في الخمسينيات والستينيات.. إنه الصوت الذهبي للقرن العشرين.. أشهر «غرباء الليل».. الذي عاش الحياة «على طريقته». فرانك سيناترا، النجم الذي يصعب اختصار سيرة حياته بسبب غناها بالتفاصيل والإنجازات. نجم امتلأت به الحياة وامتلأ بها.. أغنيات وموسيقى وحكايات ونوادر ومغامرات ومقولات.. سيناترا ذو الحكايات التي لا تنتهي، وذلك حسبما ذكرت هايدي عبد اللطيف في كتابها” موسوعة المشاهير .. الجزء الأول” الصادر عن دار دوِّن للنشر والتوزيع..
حكاية الميلاد
كانت حكاية مولده واحدة من أغرب الحكايات التي رويت عنه، فقد كاد يموت عقب الولادة مباشرة، وطالما تندر سيناترا الذي عاش عمرًا مديدًا، بأنه كاد يموت عقب دقائق من خروجه للحياة لكنه بقي حتى سن الثالثة والثمانين، عندما ودع العالم في 14 مايو 1998.
جاءت ولادته متعسرة بسبب حجمه الذي ولد به، إذ بلغ وزنه ستة كيلوغرامات تقريبا، ما جعل الطبيب يجري عملية ولادة قيصرية للأم، ونتيجة لاستخدام ملقاط الجراحة، جاء المولود في أسوأ حال، فكان رأسه وعنقه مشقوقان من أثر ضغط الملقاط، كما ولد بعاهة في سمعه بعد أن حظي جهاز السمع بثقوب، بالإضافة إلى تمزق أذنيه خلال عملية الولادة!
وفي حين انشغل الطبيب بإنقاذ الأم التي عانت معاناة كبيرة خلال الجراحة، كاد المولود الصغير أن يلقى حتفه لولا وجود جدته؛ والتي تمكنت من إنقاذه من موت محقق بإغراقه في الماء البارد حتى التقط أنفاسه الأولى وملأ الدنيا صراخًا في ليلة 12 ديسمبر 1915.
مثل هذه البداية لا يمكن أن توحي أبدًا بما حققه في حياته هذا المولود سيئ الحظ، لكن هذا العائد من الموت تمكن من إدهاش العالم بعد تلك الليلة بنحو 24 عامًا عندما غنى «من أعماق قلبه» في 1939.
الولد الشقي
نشأ فرانسيس ألبرت (فرانك) سيناترا وحيدًا، فلم تنجب والدته؛ «ناتالي» أو «دوللي»، وهو الاسم الذي اشتهرت به، أطفالًا آخرين بعد أن ذاقت الأمرّين في ولادة فرانك. كان والده يعمل ملاكمًا غير محترف، يمارس الملاكمة بين آن وآخر، بينما يدير ناديًا ليليًا في المساء، وكان فرانك المولود لأسرة إيطالية، طفلًا مدللًا ومشاغبًا في الوقت ذاته، ورث عن جذوره الإيطالية الشقاوة، فبعد وصوله للمرحلة الثانوية هجر دراسته، وقبل أن يبلغ عمره العشرين عامًا كان قد احترف الغناء.
امتلك فرانك صوتًا رخيمًا، وكان يحب الغناء وتقليد النجم «بنج كروسبي» الذي كان يحلم بأن يصبح مثله مغنيًا وممثلا؛ وهو ما تحقق بالفعل، بل ربما فاقت شهرته شهرة مثله الأعلى «كروسبي».
والحقيقة أن والدته «دوللي» لعبت دورًا مؤثرًا في حياته وفي نجاحه؛ فهي التي أقنعت فريق «The Three Flashes» بضم ابنها إليهم في عام 1935 ليصبح اسم الفريق لاحقًا « Hoboken Four» حيث شارك معهم في مسابقة للهواة بالإذاعة، فاز فيها بالجائزة الأولى وبجولة في البلاد وعقد لمدة ستة شهور بالغناء في أحد النوادي الليلية.
وبعد انتهاء جولة الفريق في أواخر العام، عاد فرانك ليجد والدته وقد أمّنت له وظيفة نادل ومغن في ناد ليلي بنيوجيرسي، عمل فيه خلال الفترة من 1935 إلى 1939 إضافة إلى بعض المشاركات الغنائية في الإذاعة المحلية. وفي إحدى ليالي العام 1939 في أثناء عمله بالنادي الليلي، استمع إليه عازف الترومبيت المعروف «هاري جيمس»، الذي كان قد استقال لتوه من أوركسترا نجم موسيقى الجاز المعروف وملك السوينغ؛ «بيني غودمان» وينتوي تأسيس فرقته الخاصة.
مغني الفريق
في تلك الليلة السعيدة، اتفق جيمس مع سيناترا على الانضمام لفرقته الجديدة، وفي يونيو 1939 أصبح سيناترا المغني الرئيس للفرقة؛ التي قدم معها أولى أغنياته المنفردة:»من أعماق قلبي» (From the Bottom of My Heart)، والتي صدرت في يوليو 1939وبيع منها نحو 8 آلاف نسخة. وتوالت أغنيات سيناترا مع «هاري جيمس»، وأشهرها (All or Nothing At All) التي باعت ملايين النسخ عندما أعيد إصدارها في 1943، بعد تحقيق سيناترا لقدرٍ من الشهرة، وقيامه بالغناء في عدد كبير من الأفلام الأميركية كان أولها فيلم «ليالي لاس فيغاس» في 1941.
في نهاية 1939، التقى سيناترا بـ «تومي دورسي»؛ أحد أشهر الموسيقيين في ذلك الوقت، وصاحب الفضل الأول في إنطلاقة سيناترا نحو النجومية، حيث تولى «دورسي» تدريب سيناترا على أساليب الغناء الصحيحة، وكيفية استغلال صوته. وتعتبر مرحلة سيناترا مع دورسي من أكثر المراحل التي أثرت في تشكيله فنيا، وحقق فيها نجاحًا كبيرًا، وقدم خلالها عشرات الأغنيات الناجحة التي احتلت قمة سباق الأغنيات الأميركي (البيلبورد). وأصبح سيناترا معشوق المراهقين والمراهقات، وأطلق عليه العديد من الألقاب.
الانطلاق منفردًا
في خطوة وصفت بالجرأة الشديدة، قرر سيناترا الانفصال عن فريق تومي دورسي بنهاية 1942، وذلك لأنه لم يكن مألوفا في تلك الفترة أن ينجح نجوم الفرق الموسيقية في الغناء بمفردهم، كما أن سيناترا كان مرتبطًا بعقد يضم شروط جزاء صعبة. ويقال إن تلك الفترة شهدت تعاونه مع المافيا الأميركية التي ساعدته على انهاء ارتباطه بـ «دورسي». وتشير روايات مختلفة إلى أن الأب الروحي للمافيا، آنذاك، تولى دفع الشرط الجزائي لدورسي لكي يوافق على ترك سيناترا، وهي القصة التي ظهرت على هامش الفيلم الشهير «الأب الروحي».
بعد انفصاله عن فرقة تومي دورسي، وانطلاقه للغناء بمفرده، وقع سناترا عقدا مع شركة كولومبيا التي قدم معها أنجح الاغنيات خلال الفترة من 1944 وحتى 1952، حيث أعاد إصدار أغنيته مع هاري جيمس (All or Nothing At All) و(That Old Feeling) و(These Foolish Things)، كما أصدر أول ألبوماته الغنائية في عام 1946 بعنوان (The Voice of Frank Sinatra).
رقم 1
تزامن إصداره لألبومه الغنائي الأول مع أولى بطولاته السينمائية فيلم (Anchors Aweigh) الذي مثل فيه سيناترا أمام النجم «جين كيلي». وكانت مشاركاته في السينما قبل ذلك عبارة عن مشاهد شرفية كمغن يؤدي فيها بعضًا من أغنياته الشهيرة. كما قام أيضًا في العام ذاته (1946) ببطولة الفيلم القصير (The House I Live In )، الذي نال جائزة أوسكار خاصة لفريق العمل، وبينهم سيناترا، كما حصل على جائزة خاصة من جوائز الكرة الذهبية. وتعد أفضل أفلامه في الأربعينيات تلك الأفلام الغنائية الاستعراضية التي شاركه في بطولتها النجم جين كيلي.
تربع سيناترا على عرش النجومية بعدما أصبح الممثل والمغني الأول في الولايات المتحدة، وباع ما يزيد عن عشرة ملايين نسخة من أسطواناته سنويًا، وكانت إيراداته من مبيعات اسطواناته تبلغ سنويا مليون دولار في ذلك الوقت، الذي كان سعر السيارة الجديدة فيه لا يزيد عن ألف دولار. وكان لحفلات سيناترا تأثير خاص على الفتيات المراهقات اللواتي كن يصرخن طوال الحفلات إعجابًا بالمغني الشاب، وقد مكنته تلك الشهرة في دعم «فرانكلين روزفلت» للفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية.