أسامة مهران يكتب: امبراطورية الأشقاء
مباشر 24 – خاص
كان شقيقه مصرفي تغلبه الشطارة أكثر مما تتوجه العلوم، كان تلميذًا متواضع الحال في مدرسته، وكان يتذيل الصف في التحصيل والانضباط وإتقان الدروس، لكن على ما يبدو أن الفرصة تأتي دائمًا لمن لا يستحقها، وأنه ليس لكل مجتهد نصيب.
تخرج الرجل بالفهلوة والعلاقات الاجتماعية والدعم من شقيقه الأكبر “المصرفي” الفذ، لم يكن يعرفه أحد، ولا ينتمي لأسرة مصرفية عريقة، ولا لكيان مصرفي عالمي أو عربي ذو شأن.
في غفلة عين وانتباهتها خرج الرجل علينا مؤسسًا لواحدة من أهم المؤسسات المصرفية في مطلع الألفية، هكذا من دون مقدمات، وهكذا من دون ترتيب أو سابق إنذار، اختلط بمجموعة من المستثمرين في المنطقة، وكان يدير لهم بعض صناديق الاستثمار في الأسهم وأنواع أخرى من الأوراق المالية، أسس مجموعته المصرفية وخرج بمفهوم جديد كان محمودًا أو مجديًا آنذاك وهو الاستثمار في العقار على أحكام الشريعة الإسلامية.
وبالفعل وفي أقل من سنوات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة أصبحت مؤسسته ملء السمع والبصر، وصعدت إلى عنان السماوات العُلى، وأصبح لديها مشاريع تابعة ففي تونس والمغرب والأردن ولبنان وقطر والإمارات والهند ومختلف دول المنطقة.
والشهادة لله، أن الرجل تمكن بعبقرية غير مسبوقة من أن يرسخ فكرة الأبراج في بلده، وأن يقيم المدن والفنادق والمجمعات على أساس من الشريعة السمحاء، بل أنه قام مع شقيقيه بإنتاج عدد من المشاريع التي حملت أسماء لها مغزى في ذلك الوقت، شقيقه الأكبر لم يكن بعيدًا عن نجاحات شقيقه الأصغر، بل أنه كان داعمًا له من حيث رئاسته لإحدى المجموعات المصرفية الإسلامية التي يُشار إليها بالبنان، ومن حيث إدارته لمنظومة مالية تدر عوائد مربحة في مشاريع إسكانية وفندقية وأخرى من ذوات المدن الذكية.
قام الشقيقان ومعهم شقيقهم الثالث بدعوة المستثمرين من كل حدب وكل صوب، وكانوا قد اكتسبوا ثقة أثرياء المنطقة، الذين كانوا يبحثون عن قنوات لاستثمار أموالهم الضخمة فيها.
ومما لا شك فيه أن ذلك التنوع الذي حققوه، والمبادرات التي قدموها، والمفاجآت والضجيج الإعلامي الذي أحدثوه كان بمثابة الداعم الأكبر لهم.
وما أن جاء عام 2008 برياحه العاصفة وغيومه السوداء حتى انقلب الحال، وانكشف المستور، وأصبحت قيمة المشاريع العملاقة لا قيمة لها، والموجودات مترامية الأطراف غير قادرة على الحياة وسط الأزمة الاقتصادية العالمية الطاحنة التي ضربت القطاع العقاري في مقتل.
لم يستسلم الأشقاء، ولم يكترث طاووسهم الأكبر والأعلى ثمنًا بتقديرات تلك الفترة، حاول ثم حاول الإفلات من أنقاض الإعصار، وحاول أشقائه الخروج بأقل الخسائر من الحالة المستعصية التي بدا وأنها سوف تستمر أطول مما كانوا يتوقعون.
انسحب الأخ الأصغر واختفت مؤسسته في غياهب التحولات، ثم تبعه الأخ الأكبر واختفى تمامًا عن الأنظار، ثم تبعه الأخ الأكبر الذي قدم استقالته من مجموعته المصرفية.
و.. هكذا وفي غضون عشر سنوات حققت امبراطورية الأشقاء ثروات هائلة يُقال أنها تجاوزت الملياري دولار أمريكي وفقًا لـ”فوربس” الأمريكية التي تعمل في حصر ثروات كبار الشخصيات في العالم.