مطارحة منسية بين المتنبى وكافور.. قصيدة للشاعر أسامة مهران

جئت الليلة

بعد ليالٍ عشر

لم أحمل بين يدى هدايا

أو شيكًا مقبول الصرف

لم أتنمر بعد رحيلى

خشية إملاقٍ

أو حتف

فكلانا مأمورٌ بحكيم زمانٍ

وكلانا مخمورٌ ببهاء الطالع

وجلاء الوصف

جئت الليلة

كى أتحدث لملايين الإخشيديين

وملايين الصوفيين

ولآلهة القوة والضعف

مَنْ منكم كان يشاكس

سيدنا فى الأبهة

المطوية

ويُشير إليه

بكل مخالب قط متخفْ

جئت الليلة

ويدايا ملطختان

بالحملِ القاسى

بالزحمة فى أزمنةِ

الدخان

وبالرؤية فى أرض الخوف

لم أترك قبل رحيلى

ما يمكن أن أسند رأسى عليه

أو أتقوت ساعاتٍ

من زنديه

لم أترك من شيم العصرِ

بلاءً يحرسنى

ووباءً يرضينى

ما كنت أميرًا فى زمنى

وجنودى تصطف

وتصطف

لم أترك خلفى أشلاءً

أبناءً من طينةِ

قابيل وهابيل

حتى يتقاتل فينا

الشيطان

أو يقبلنا الشعر

عبيدًا للأوزان

وبعيرًا

للحرف

جئتُ

كى أتغمد نفسى بواسع رحمتكم

لا كيما أشاطركم

أحزانى

أو أهديكم شظية عارٍ

 

من بركانى

 

كانت أيامى القَبلية

 

محض مطارحةٍ بين صغار

 

ألاعيب هواءٍ

 

وتبادل أعيرةٍ

 

نارية

 

شىء من سوء تخلقنا

 

ومبارزةٍ بالأسوار

 

كنت الباحث دومًا

 

عن شوقٍ يتجلى

 

أو جسمٍ يتقلى

 

أو ريحٍ تتقلب

 

فى إعصار

 

كنت الباعث روحًا

 

فى حشر

 

أو يسرًا

 

فى عسر

 

أو فلكًا ومدار

لم ألتمس الباءة من غيرى

لم أعتزم البوح لنفسى

والخطوِ الداهم

يلحقنى

فسافرت بمهدى محترقًا

من مصر

الكبرى

لصغائر أمصار

كنت قديمًا منفلتًا

أتشبث بحبال ذائقة الموتِ

وجبال لا تقوى عليها ساقاى

أو حطب تسنده دنياى

بحثت طويلًا عنكم

فى أدبيات قياصرة الرومان

فى الشرح الوافى

عن كنعان

وعدنان

عن كوفة أهل البصرةِ

أو جوقة لقمان

لم أشتم

عطورًا تنصفنى

لم أكتم أسرارًا

أو أرسل أنهارًا

لبديع زمانٍ

جئت إليكم

فى هذا الحفل

ليس لأنى منكم

أو كنتم يومًا منى

ليس لأخلف فيكم ظنى

لكنى طيرٌ

يخلد للراحة

بعد عناء

يبحث فى أرضكم الحبلى

بالأحياء وبالأنواء

عن حفنةِ صبارٍ

عن رشفةِ ماءٍ

كم سيدة يمكننى أن أعشقها

بعد مواتى

كم دولارًا أجمعها

من ثرواتى

كم غضبة نفسٍ

تنجينى من غزواتى

كم من مرات يا أخوتى

حاولت العودة

لكنى فشلت

بأن أهبط بالمنطادِ

المتعثر من روح أناجيلى

لبلادِ التوراةِ

جئت لألقى المتنبى فيكم

حين رماه الإخشيدى

وحين دعاه

وحين تسلق مئذنة

وتقمص أدعية

أو حين هجاه

وا كافوراه

وا كافوراه

طلع البدر علينا

ما جئنا لصلاة

ما جئنا لصلاة

جئت اليوم إليكم

سأغادر فورًا

من حيث أتيت

من آخر أمنية ماتت

حين تمنيت

 

نقلًا عن جريدة الدستور

Related Articles

اترك تعليقاً

Back to top button