مر عليها 224 عامًا”.. الجبرتي يواصل سرد التفاصيل السرية المحاكمة لـ”سليمان الحلبي” 2-3

يواصل المؤرخ عبد الرحمن الجبروتي، الذي عاصر فيها الحملة الفرنسية، سرد تفاصيل محاكمة سليمان الحلبي، الذي قام بقتل الجنرال جان بابتيست كليبر، أحد جنرالات الحملة الفرنسية، بحسب ما جاء في كتاب “حكايات عابرة” للكاتب حمدى البطران، الذي سرد تفاصيل المحاكمة وفق ما دونها الجبرتي.. وإلى الجزء الثاني من المحاكمة…

التحقيق مع باقي المتهمين

نهار تاريخه خمسة وعشرين في شهر برريال السنة الثامنة من انتشار الجمهور الفرنساوي، في الساعة الثامنة بعد الظهر، حضروا في منزل ساري عسكر منو أمير الجيوش الفرنساوي السيد عبد الله الغزي، محمد الغزي، السيد احمد الوالي، وهم الثلاثة متهومين في قتل ساري عسكر العام كليبر.

فساري عسكر منو أمر بفحصهم فبدئ ذلك حالا في حضور بعض سواري العساكر المجتمعين لذلك، وبواسطة الستوين لوماكا المترجم أن كما يذكر أدناه، سئل أولا لوحد السيد عبد الله الغزي.

سئل: عن اسمه وعن مسكنه وصنعته؟

جاوب: إنه يسمي السيد عبد الله الغزي، ولادة غزة، ومسكنه مصر في الجامع الأزهر، وهناك كان كاره مقرئ القرآن، وأنه لم يعرف كم عمره، ولكن تخمينه يجي ثلاثين سنة.

سئل: أن كان سكنه في الجامع الأزهر، هل يعرف جميع الغرباء الذين يدخلونه؟

جاوب: إنه ساكن ليل ونهار ويعرف الغرباء الذين هم فيه.

سئل: هل يعرف رجلا حضر من بر الشام من مدة شهر؟

جاوب: إنه من مدة خمسين يوم ما شاف حد حضر من بر الشام.

قيل له: أن رجلا من طرف عرضي الوزير حضر من مدة ثلاثين يوم وقال: إنه يعرفك، والظاهر إنك لم تتكلم بالصدق.

جاوب: أنه كان ملهي دائما في وظيفته، وأنه ما شاف أحدا من بر الشام، بل سمع أن قافلة كانت وصلت من ناحية الشرق فقيل له أيضا: أن ناس حضروا من بر الشام، يقولون إنهم تكلموا معهم ويعرفونهم.

جاوب: أن هذا غير ممكن، وأنهم يقابلونه مع الذي فتن عليه.

سئل: هل يعرف واحد اسمه سليمان كاتب عربي حضر من حلب من مدة ثلاثين يوما؟

جاوب: لا.

فقيل له أن هذا الرجل يحقق إنه شافه، وأنه أخبره ببعض أشياء لازمة.

جاوب: أن ما شافه وأن هذا الرجل كذاب، وأنه يريد  أن يموت أن كان ما يحكي عن الصحيح.

فحالا ساري عسكر نده إلى محمد الغزي الذي هو أيضا متهوم في قتل ساري عسكر، وبدئ الفحص كما يذكر

سئل: عن اسمه وعمره ومسكنه وصنعته؟

جاوب: أنه يسمي الشيخ محمد الغزي، عمره نحو خمسة وعشرين سنة، ولادة غزة، وسكن بمصر في الجامع الأزهر، وصنعته مقرئ القرآن من مدة خمس سنين، وما يخرج من الجامع إلا ليشتري ما يأكل.

سئل: هل يعرف الغرباء الذين يجيئون يسكنون في الجامع؟

جاوب: إنه في بعض الأوقات يحضر ناس غرباء، وأما البواب فهو الذي يقارشهم، ومن قبله ينام بعض الليالي في الجامع والبعض في بيت الشيخ الشرقاوي.

سئل: هل يعرف رجل يسمي سليمان حضر من بر الشام من مدة ثلاثين يوما؟

جاوب: أنه ما يعرفه، وأنه غير ممكن أن يشوف كل الناس، لأن الجامع كبير قوي.

سئل: أنه يحكي على الذي تكلم به معه سليمان في أن المذكور يحقق انه تكلم معه في الجامع؟

جاوب: أنه يعرفه من مدة ثلاث سنين، وأنه كان عنده خبر انه راح مكة، وأما من بعده ما شافه، ولم يعرف أن كان رجع أم لا.

سئل: هل السيد عبد الله الغزي يعرفه أيضا؟

جاوب: نعم.

قيل له محقق إنه أمس تاريخه سليمان المذكور تحدث معه حصة طيبة، وأن الشواهد موجودة

جاوب: أن هذا صحيح.

سئل: لأي سبب كان يقول إنه ما شافه؟

جاوب: أن تخمينه، ما قال هذا، وأن المترجمين غلطوا.

سئل: هل سليمان المذكور ما بلغه عن شيء مذنب قوي وتحقيقا لذلك معلوم عندنا أنه كان قصده يحوشه.

جاوب: إنه ما بلغه عن هذا الأمر بل أمس تاريخه قال له: إنه رايح ويمكن أن ما بقي يرجع فبعد أن أحضرنا عبد الله الغزي لأجل يتفحص ثانيا كما يذكر أدناه.

سئل: لأي سبب قال إنه لم يعرف سليمان الحلبي حين سألوه عنه بحيث   أن موجودة شواهد   أن هذا له في مصر واحد وثلاثون يوما، وانه تقابل وإياه جملة مرار وتحدث معه أكثر الأيام؟

جاوب: حقا انه ما يعرفه.

سئل: هل يعرف محمد الغزي هو مثله مقرئ قرآن في جامع الأزهر؟

جاوب: نعم.

سئل: السيد عبد الله المذكور لأي سبب أنكر ذلك؟

جاوب: إنه لخبطوا عليه السؤال، وأن هذا الوقت بحيث أنهم سألوه عن سليمان الذي من حلب، فيقر أنه يعرفه،

فقيل له إنه معلوم عندنا أنه شافه مرار كثيرة، وتحدث معه، فجاوب أنه بقي له ثلاثة أيام ما شافه.

سئل: لأي سبب ما يحكي الصحيح أنه موجودة شواهد؟

جاوب: إنه غير ممكن يوجد عليه شواهد، وأنه ما شاف سليمان المذكور إلا لجل أن يسلموا على بعض حين تقابلوا.

سئل: هل سليمان ما أخبره أبدا عن سبب مجيئه إلى مصر؟

جاوب: حاشا.

فبعد ذلك أخروا الاثنين المذكورين، وأحضروا السيد احمد الوالي الذي هو متهوم. وسئل كما يذكر.

سئل: عن اسمه وعمره ومسكنه وصنعته؟

جاوب: لأنه يسمي السيد أحمد الوالي، ولادة غزة، وصنعته مقرئ قرآن في الجامع الأزهر، من مدة عشرة سنين، ولم يعرف كم عمره.

سئل: هل يعرف الغرباء الذين يدخلون الجامع.

جاوب: أن وظيفته يقرأ ولا يتنبه إلى الغرباء، فقيل له   أن بعض الغرباء الذين حضروا هناك عن قريب يقولون: أنهم شافوه في الجامع.

جاوب: أنه ما شاف أحدا.

سئل: هل شاف رجلا حضر من بر الشام من طرف الوزير، وهذا الرجل قال إنه يعرفه؟

جاوب: لا، وإن كان يقدروا يحضروا هذا الرجل حتى يقابله.

سئل: هل يعرف سليمان الحلبي؟

جاوب: أنه يعرف واحدا يسمي سليمان الذي كان يروح يقرأ عند واحد أفندي، وكان طالب إنه يستقيم في الجامع، و أن هذا الرجل، قال: أنه من حلب، ومن مدة عشرين يوما كان ما شافه، وبعدها ما قابله، ثم كان قال له :   أن الوزير في يافا , و  أن عساكره ما ك  أن عنهم دراهم وكانوا يفوتوه .

سئل: هل هذا الرجل المذكور ما هو تحت حمايته؟

جاوب: أنه لم يعرفه طيبا حتى يضمنه.

سئل: هل الاثنان الآخران أقارب المتهوم أم معارفه؟ وهل أن الثلاثة تحدثوا سواء عن قريب أم أمس تاريخه مع سليمان المذكور؟

جاوب: لا، بل أنه يعرف أن سليمان المذكور كان حضر لزيارة الجامع، وأنه وضع في الجامع جملة أوراقا مضمونها: أنه كان قوي متعبد لخالقه.

سئل: هل المذكور أمس ما وضع أوراقا في الجامع؟

جاوب: أنه ما كان عنده خبر بذلك

سئل: هل ما منع سليمان عن فعل ذنب بليغ؟

جاوب: أن أبدا ما حدثه بهذا الشيء. ولكن قال له: أن مراده يفعل شيء جنون، وانه عمل كل جهده حتى يرجعه،

سئل: إيش هو الجنان الذي قاصد يعمله وحدثه عنه؟

جاوب: إنه كان مراده إنه يغازي في سبيل الله، وأن هذه المغازاه هي قتل واحد نصراني.. ولكن ما أخبره باسمه، وانه قصد يمنعه يقوله: أن ربنا أعطي القوة للفرنساوية ما أحد يقدر يمنعهم حكم البلاد، فبعد هذا المتهوم المذكور أنشال لمحله.

وهذا الفحص تحتم بحضور سواري العساكر المجموعين بإمضاء ساري عسكر منو.

ثم بعد هذا قرأته على المتهومين، وضعوا أسمائهم وخطهم بالعربي.

تحريرا في اليوم والشهر والسنة المحررة أعلاه، ثلاثة إمضاءات بالعربي.

إمضاء ساري عسكر منو. إمضاء الدفتر دار سارلتون. إمضاء الترجمان لوماكا. ساري عسكر العام منو أمير الجيوش الفرنساوية في مصر.