فازت إيطاليا بأمر «موسوليني».. حكايات غريبة من كأس العالم

في البطولة الثانية لكأس العالم 1934 والتي استضافتها إيطاليا، كانت هناك الكثير من الألاعيب والأساليب الملتوية ومنها صعود منتخب إيطاليا نفسه.

يقول ياسر ثابت في كتابه ” موسوعة كأس العالم” والصادر عن دار دوِّن للنشر والتوزيع:” أجمع أعضاء الاتحاد الدولي لكرة القدم على إقامة البطولة الثانية لكأس العالم لكرة القدم في أوروبا. وبعد خلافاتٍ حول البلد الذي سيُنظم البطولة، فازت إيطاليا بشرف تنظيم ثاني بطولة لكأس العالم عام 1934. كان أسعد الناس بهذا الاختيار الدوتشي بنيتو موسوليني، الذي كان يرى في هذه البطولة فرصة طيبة للدعاية لنظام حكمه الفاشي في إيطاليا.

تم الاتفاق على ضرورة إقامة تصفيات تمهيدية في مُختلف قارات العالم، على أن يتأهل 16 منتخبـًا إلى الأدوار النهائية، وأن تُقام مُباريات تلك النهائيات في عِدة مُدن في الدولة المُضيفة.

وقرر «الفيفا» أيضـًا إلغاء نظام المجموعات الأربع الذي اتُبِعَ في أوروغواي عام 1930، وتقسيم الفرق المُتأهلة للنهائيات إلى ثماني مجموعات، وإقامة مُباراة واحدة في كل مجموعة على نظام «خروج المغلوب».. ثم تلعب الفرق الثمانية الفائزة بهذا النظام أيضـًا.. ويتم بعد ذلك لعب مُباريات الدور قبل النهائي فيصل الفريقان الفائزان إلى المُباراة النهائية، ويلتقي الخاسران في مُباراة تحديد المركزين الثالث والرابع.

من أصل 16 منتخبـًا مشاركـًا في النهائيات التي تم الاعتماد فيها على قاعدة الإقصاء المباشر، كان هناك 12 فريقـًا أوروبيًّا، وفريقان من أمريكا الجنوبية بالإضافة إلى منتخب الولايات المتحدة ومنتخب مصر.

حرص الدكتاتور الإيطالي موسوليني على الإشراف بنفسه على كل التفاصيل لإظهار النظام الفاشي في أبهى صورة له عبر واجهة كأس العالم الوسيلة المثالية. تعلقت المسألة الأولى بكل تأكيد مشاركة المنتخب الإيطالي نفسه، الذي اضطر هو الآخر إلى خوض تصفيات التأهل، لكنه لم يكن كغيره من الفرق إذ لجأ سياسيًّا إلى طرق ملتوية. صحيح أن فريق «الآزوري» فاز ذهابًا على اليونان بأربعة أهداف، لكن هذه المواجهة شهدت مشاركة ثلاثة من اللاعبين اللاتينيين الذين على رغم تجنسهم بالإيطالية فلم يكن يحق لهم المشاركة في هذه المباراة لعدم مرور المدة القانونية المنصوص عليها في قواعد «فيفا» ليس هذا فحسب، بل إن المنتخب الإيطالي لم يضطر إلى خوض مباراة الإياب التي كانت مقررة في اليونان، بذريعة أن البلد المضيف لم يرغب في هزيمة جديدة ثقيلة على أرضه ووسط جماهيره، لكن الحقيقة أن هرقل كان يضغط بالكرة على قدمه في أثناء تأدية التحية الفاشية تمامًا مثل الملصقات الدعائية.

اتضحت المسألة بعد عامين، فالنظام الإيطالي استغل حاجة الاتحاد اليوناني إلى كرة القدم للأموال ليقدم له «هدية» عبارة عن منزل من طابقين نظير إلغاء لقاء الإياب، ليفتح باب تأهل الأتسوري للمونديال، بحسب ما جاء في كتاب «أغرب الحكايات في تاريخ المونديال» للكاتب الأرجنتيني لوثيانو بيرنيكي.

لم يقتصر الهدف من استضافة البطولة على استعراض القوة وجذب أنظار العالم إلى قدرة النظام الفاشي على تنظيم أحداث كبرى أو حتى حجز مكان في النهائيات، إنما إثبات أنه نموذج يُحتذى به في كل المعتركات والطريق الأمثل لتحقيق النجاحات. هذا بالطبع ما كان يقوله عقل موسوليني. وكأي قائد «مُلهِم» يُدرك أن تحقيق مهمة بصعوبة الفوز بكأس العالم يحتاج إلى حافز قوي، فلم يغفل موسوليني عن أهمية هذا العنصر، لكن كانت له طريقته الخاصة؛ إذ إنه راهَن على واحدة من أقوى الغرائز في الطبيعة البشرية، إن لم تكن الأقوى وهي غريزة البقاء. ففي لقاء عقده مع عناصر المنتخب قبل أيام من انطلاق المسابقة، وجَّه لهم خطابًا لرفع المعنويات -لكن بطريقته الخاصة- جاء فيه «إما الفوز أو الصمت إلى الأبد»، هكذا حذرهم وهو يمرِّر سبابته بعرض عنقه، بحسب ما ذكره كتاب «قصص كثيرة. مونديالات أكثر» للكاتب والمؤرخ الكروي الإسباني ألفريدو ريلانيو.

في التصفيات المؤهلة للنهائيات، تأهلت المكسيك بعد أن تفوقت على كوبا، لكنها لم تلعب أي مباراة في إيطاليا، إذ اضطرت إلى خوض مباراة فاصلة مع الولايات المتحدة التي تقدمت بطلب مشاركتها في وقت متأخر. انتهت المواجهة بفوز الأخيرة 4-2 لتحل محل المكسيك في العُرس الكروي.